هستيريا “التركفوبيا” تطل من شرفة أوروبا مجددًا

يتوجه الناخبون الأتراك في السادس عشر من أبريل/ نيسان الحالي، إلى صناديق الاقتراع للبت فيما إذا كانوا سيختارون الانتقال من النظام البرلماني الديمقرطي إلى النظام الرئاسي الديمقراطي، وسط تعمد وسائل الإعلام الغربية نقل صور قاتمة عن تركيا، والتغافل عن قول الحقيقة الكاملة.

وبالرغم من أن القضايا التي سيصوت عليها المجتمع التركي في الاستفتاء الشعبي، طرحت ونوقشت في العديد من المناسبات بين الفينة والأخرى بتركيا، ولاسيما أنها قضايا يعاني منها الشعب التركي منذ نحو 60 عامًا؛ إلا أن المتابع لسير الاستفتاء عبر نافذة الصحافة الدولية قد يغيب عنه أن القضايا المطروحة في التعديلات ليست وليدة الفترة الأخيرة.

وفي هذا الإطار، فإن المتابع للاستفتاء من أوروبا ومن وراء المحيط الأطلسي، عبر الصحافة الدولية، يتشكل في ذهنه صورة مفادها أنه إذا أفضى الاستفتاء الى إقرار التعديلات الدستورية ، فإن تركيا ستقع في مخالب نظام شمولي ديني، في حين أن الحقيقة مختلفة تمامًا عن نظرة المجتمع الدولي حيال تركيا في هذا الخصوص.

تشهد أوروبا في وقتنا الحالي، انتشار خطابات العنصرية الواقفة على ركائز السياسات الشعبوية، تمامًا كما حدث في القرن الماضي.

و”التركفوبيا” أو الخوف من الأتراك، مصطلح يشير إلى عدو قديم استخدم في بث الخوف بين شرائح المجتمع الأوروبي، خلال الأعوام الـ 600 الماضية، واليوم محط اهتمام القوميين اليميين في القارة العجوز.

والهستيريا المتصاعدة حول تركيا في أوروبا، لا تقتصر على التيار اليميني، الذي يحاول الحصول على مكاسب من خلال تهويل هذه الهستيريا، علاوة على أنها قضية متدوالة في وسائل الإعلام الأوروبية منذ سنوات.

ويبدو أن قبول انضمام تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، إلى الاتحاد الأوروبي، أمر شبيه بفتح فيينا أبوابها أمام السلطان العثماني سليمان القانوني.

وبالحديث عما تنقله وسائل الإعلام الأوروبية حول تركيا، فمن الممكن رؤية أنها أغلقت أبوابها أمام الموضوعية في محتوى أخبارها عن تركيا.

فحتى وسائل الإعلام اليسارية المعتدلة تنشر لقرائها أخبارًا ملفقة عن تركيا وتصبغها بطابع الخوف والترهيب، وترسم صورة “الدكتاتورية الإسلامية” التي تحاول قمع الحضارة الأوروبية المتنورة.

التصور المنحرف المحفور في ذهن أوروبا حول تركيا، لا ينبثق عن افتقار في المعلومات فحسب، لأنه من الصعب قراءة مقالة موضوعية في الصحف الأوروبية عن تركيا، كما أن الصحف نفسها حافلة بالمحتويات السلبية المنشورة عمدًا.

كما أن جميع الأخبار المتوفرة للأجانب حول تركيا، إما أنها تحتوي على معلومات فيها أحكام مسبقة وإما أن الخبر غير مكتمل، الأمر الذي يتسبب بخلق تصور سلبي لدى القارئ الغربي تجاه تركيا.

وكمثال على ذلك، إذا سألت شخصًا لا على التعيين في أوروبا أو أمريكا الشمالية، حول رأيه في انتقال تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، فإن جوابه سيكون على الأغلب بأن تركيا ستتجه إلى نوع من الدكتاتورية الاستبدادية، أو دكتاتورية استبدادية قائمة على الدين.

وفي حال لو أننا أطلعنا الشخص ذاته، بأن تركيا تخوض انتخابات ديمقراطية عادلة تتمسم بالشفافية، منذ عام 1950، فلا شك بأنه سيُصدم من سماع ذلك.

بعبارة أخرى، الجهة التي تقع عليها اللوم حيال الانطباع الخاطئ السائد حول تركيا، هي مؤسسات الإعلام العالمية، والمحتوى الإخباري الذي تقدمه في هذا الإطار.

وعلى سبيل المثال، كم مرة أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن المواطنين الأتراك يدلون بأصواتهم في الانتخابات بحرية وديمقراطية ودون أي ضغوط ؟

لو بحث أي شخص عن الآلية الديمقراطية في الانتخاب بتركيا، لوجد أن الديمقراطية إحدى ركائز البلاد في هذه العملية.

ولكن تجاهل نيويورك تايمز والمؤسسات الإعلامية العالمية، الانتخابات الديمقراطية التركية، أمر ليس من الصعب توقع أسبابه.

وإذا علم القارئ في أوروبا أن الانتخابات في تركيا تجري بشكل ديمقراطي، فعليه البحث عن الأسباب التي تجعل الصحفيين الغربيين ينقلون أخبارًا ملفقة عن تركيا.

فهؤلاء الصحفيين يتهربون من التطرق إلى آلية الانتخابات في تركيا، وجلّ ما يفعلونه هو الإيهام بوقوع انتهاكات في بعض مراحل الانتخابات.

ومع اقتراب الاستفتاء في تركيا، والانتخابات في عدة بلدان أوروبية، نرى في تلك الدول الغربية تهجمًا ضد تركيا، مصبوغًا بالخطابات العنصرية والمتشددة.

وباختصار، التعصب الوطني أو “الشوفينية” القديمة لأوروبا، عادت وبقوة إلى الواجهة السياسية مجددًا، والإعلام العالمي يصوّرها على أنها صعود لليمين في أوروبا.

كيف يمكن لنيويورك تايمز، أن تتغافل عن صورة رفعت في بلد أوروبي (سويسرا) تطالب باغتيال رئيس بلد ديمقراطي (تركيا) عضو في حلف شمال الأطلسي منذ 65 عامًا؟ وذلك في الوقت الذي يدرج فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، المنظمة التي رفعت هذه الصورة (بي كا كا) على قوائم الإرهاب.

المصدر: الاناضول
كاتب المقالة: آدم مكونل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.