إجماع دولي على حل سلمي للأزمة الخليجية في ظل تناقض أمريكي

خلصت دراسة للمركز العربي للأبحاث، حول المواقف الدولية بشأن الأزمة في الخليج، إلى “وجود إجماع عالمي على الحل سلمي مع تضارب مواقف الإدارة الأميركية”.

وقالت الدراسة، التي نشرت نتائجها أمس الخميس في العاصمة القطرية الدوحة، إن “الدول الإقليمية والدول الكبيرة في العالم آثرت اتخاذ مواقف أكثر توازنا، وأجمع أكثرها على دعوة أطراف الأزمة إلى حلها عبر الحوار، فيما عرض بعضها الآخر الوساطة”.

ولفتت إلى أن “هذه المواقف شكّلت عامل ضغط على دول الحصار، التي أخذت تتراجع عن بعض إجراءاتها العقابية، خاصة تلك التي شملت الشعوب في الدول الخليجية”.

وأشارت إلى أن “الإجراءات العقابية شكّلت مصدر إحراج كبير للدول التي اتخذتها”.

ورجحت الدراسة أن “المواقف الإقليمية والدولية إن لم تؤدّ إلى إيجاد حل للأزمة، فإنها ستشكل كابحا لأي إجراءات تصعيدية ضد قطر”.

وأضافت أنه “على الرغم من الحملة الإعلامية الشديدة والجهود الدبلوماسية الكبيرة التي بذلتها دول الحصار الخليجية للحصول على دعم إقليمي ودولي لمحاصرة قطر، فإنّ النتائج جاءت هزيلة، ولم تنضمّ إلى الحصار إلا دول هامشية، جرى ترغيب بعضها وتهديد بعضها الآخر”.

وتابعت أنه “حتى تلك الدول التي كان يُعتقد أن تأييدها مضمون مثل المغرب والصومال والسودان، رفضت الانضمام إلى حملة مقاطعة قطر”.

تركيا.. عامل توازن

وعرضت الدراسة التي جاءت تحت عنوان “تقدير موقف” مسحا للمواقف الإقليمية والدولية تجاه حصار قطر، مشيرة إلى أن “الموقف التركي كان عامل توازن مهم في الأزمة”.

وأوضحت أن “الرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان، حاول منذ البداية التوسط، واتصل باعتباره رئيسا لمنظمة التعاون الإسلامي بـ (العاهل السعودي) الملك سلمان (بن عبد العزيز) وأمير (قطر) تميم (بن حمد آل ثاني) لحل الأزمة لكن دول الحصار لم تتجاوب مع المبادرة التركية، فانتقلت تركيا إلى دعم قطر، عبر تسريع تصديق اتفاقيات عسكرية سابقة بين الدولتين؛ أكدت أنها لحماية أمن الخليج وليست موجهة ضد أي دولة خليجية”.

وتابعت أنه “على المستوى الاقتصادي سارعت تركيا إلى تزويد قطر بالبضائع والمنتجات الغذائية التركية الأساسية”.

تناقض أمريكي

وأشارت الدراسة إلى أن “الموقف الأمريكي كان متناقضا بين وزارة الخارجية و(وزارة الدفاع) البنتاغون من جهة، وبين تصريحات (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب المتضاربة (…) الأمر الذي عقّد المشهد”.

وأوضحت أن “ردة الفعل الأمريكية الأولية تجاه الأزمة جاءت من وزير الخارجية الأميركي (ريكس) تيلرسون الذي طالب بضرورة حل الأزمة بطرق سلمية”.

وتابعت “لكنّ الموقف الأميركي دخل بعد ذلك في حالة من الغموض والتضارب عندما نشر ترامب تغريدة في 6 حزيران / يونيو (الجاري) تبنى فيها مواقف الدول المحاصِرة، وأكد أنّ ما حصل هو أحد ثمار زيارته إلى المنطقة”.

وأرجعت الدراسة “تضارب مواقف ترامب إلى سببين رئيسيين، الأول الانقسام العميق في إدارته بين تيار واقعي تمثله وزارتا الخارجية والدفاع، يحرص على المحافظة على وحدة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في الحرب ضد تنظيم داعش، والذي تعد قطر جزءا أساسيا منه وشريكا استراتيجيا فيه، وبين تيار شعبوي”.

وأوضحت أن “التيار الشعبوي يرى أن كلّ ما هو إسلامي فهو إرهابي، وكلّ عمل خيري تمويلا للإرهاب، ويقدم العلاقات الدولية بلغة التجارة”.

وتابعت أن “السبب الثاني هو أن ترامب ربما استغل الأزمة الخليجية وحاول تأجيجها لصرف الانتباه عن كابوس التحقيقات في موضوع التدخّل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية، خاصة بعد إقالته المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، والذي بدوره اتهم ترامب بالكذب في أسباب إقالته”.

وخلصت الدراسة بشأن الموقف الأمريكي إلى أنه “لا يُستبعد أن يؤدي الاتجاهان السائدان دور الشرطي السيئ، والشرطي الجيد في الضغط على قطر بشكل يتجاوب مع أهداف الحصار؛ ومن هنا، تكمن أهمية متابعة ما يجري في واشنطن في هذه المرحلة”.

أوروبا.. توسط ومصالح

ووصفت الدراسة المواقف الأوروبية بأنها “توازن بنكهة المصالح، إذ تمثل ذلك بشكل جلي في موقفي ألمانيا وفرنسا، وكانت الأولى سباقة”.

وأشارت إلى أن “وزير الخارجية الألماني غابرييل زيغمار طالب بضرورة رفع الحصار المفروض على قطر لأنه يضرّ بجهود محاربة الإرهاب”.

كما “دعا الرئيس الفرنسي (إمانويل) ماكرون إلى حل سلمي عبر الحوار، في حين جاء الموقف الروسي حذرا في البداية إلا أنه ما لبث أن تطور، عندما عرضت موسكو تزويد قطر بالمواد الغذائية لفك الحصار، كما دعا وزير الخارجية الروسي (سيرغي) لافروف إلى تسوية الأزمة على طاولة الحوار”.

إيران.. فرصة تاريخية

وقالت الدراسة إن “إيران استغلت الحدث والهجمة الإعلامية على قطر منذ بدايتها في 24 مايو / أيار الماضي، باعتبارها فرصة لتقوية مواقفها في مواجهة السعودية، فبادر الرئيس الإيراني (حسن) روحاني إلى الاتصال بأمير (قطر) تميم (بن حمد آل ثاني) في 27 من الشهر نفسه، متحدثا عن أهمية الحوار المتكافئ بين الدول المطلة على الخليج”.

ولفتت إلى أن “اتحاد المصدرين الزراعيين الإيرانيين أعرب عن استعداد إيران لتزويد قطر بالمواد الغذائية، فأرسلت طهران في 11 يونيو / حزيران الجاري، خمس طائرات تحمل أطنانا من الخضراوات والفواكه.

ورأت الدراسة أن “إيران تطمح إلى التنسيق مع قطر في العديد من الملفات الإقليمية لمواجهة السياسة الخارجية السعودية”.

وفي 5 يونيو / حزيران الجاري، قطعت دول السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصارا بريا وجويا، لاتهامها بـ “دعم الإرهاب”، وهو ما نفته الدوحة.

وشدّدت قطر على أنها تواجه حملة “افتراءات” و”أكاذيب” تهدف إلى فرض “الوصاية” على قرارها الوطني.

وأعلنت الدوحة، الأربعاء الماضي، نجاح خطتها لمواجهة الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات والبحرين.

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.