هل ينقطع حبل العلاقات بين تركيا والغرب ؟

تعتبر علاقات تركيا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا من أهم عوامل إرساء السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي، غير أنها تشهد بالوقت الراهن أزمة، وحالة خطيرة للغاية من عدم الثقة.

الأسوء من ذلك، هو أن هذه الأزمات لم نشهد مثلها من قبل، وتعدّ مؤثرة للغاية، كما أن حلّها يزداد صعوبة مع مرور الوقت.

الأزمة التركية – الأمريكية

عندما نتطرق إلى ما يعكر صفو العلاقات التركية الأمريكية، فإننا لا نتحدث عن أزمة واحدة وإنما 3 أزمات على الأقل لها قسط من الأهمية، يمكننا سردها على النحو التالي:

1- الأزمة المتعلقة بموقف الولايات المتحدة الغامض تجاه منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، وتسليم زعيمها إلى تركيا، وهي أزمة تتفاقم منذ محاولة الانقلاب في 15 تموز/ يوليو (2016).

2- الأزمة الناجمة عن التعاون والتحالف الذي تقيمه الولايات المتحدة مع تنظيم “ب ي د/ي ب ك”، خلال حربها مع تنظيم “داعش” الإرهابي، في سوريا والعراق، تتعاون معه في حين تعتبره تركيا ذراعًا لمنظمة “بي كا كا”.

3- الأزمة السياسية – القانونية التي بدأت على خلفية اعتقال رجل الأعمال التركي من أصل إيراني “رضا صرّاف” في الولايات المتحدة، واستمرت مع قرار اعتقال وزير الاقتصاد التركي الأسبق ظفر تشاغليان، ومسؤولي بنك “خلق” الحكومي التركي.

لا شك أن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة شهدت العديد من الأزمات عبر التاريخ، لكنها لم تشهد أزمة كبيرة ومتعددة الأبعاد والجوانب كالتي تشهدها اليوم، وسط تفاقم حالة عدم الثقة وتعقّد الأزمات بين هذين الفاعلين.

أزمة تركيا – ألمانيا – الاتحاد الأوروبي

تُعدّ أزمة العلاقات التركية الألمانية متعددة الأبعاد أيضًا، وتتفاقم بشكل أكبر مع مرور الأيام، وتتمثل فيما يلي:

1- الموقف الألماني الغامض تجاه محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا والمتورطين فيها.

2- موقف برلين غير الواضح تجاه منظمة “بي كا كا”.

3- حرب التصريحات والخطابات بين مسؤولي البلدين.

4- رغبة ألمانيا في تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بصيغة رسمية.

5- استغلال ألمانيا للأزمة في الانتخابات العامة المرتقبة.

وفي هذا الإطار، يمكن القول إن الازمة بين تركيا وألمانيا، أزمة متعددة الأبعاد، وحالة عدم الثقة بين هذين الفاعلين بلغت مستويات متقدمة، كما أنها ليست مقتصرة على برلين لوحدها، وإنما تعيشها بروكسل أيضًا.

وتأتي الأزمتان متعددتا الأبعاد في إطار مساعي السيطرة على تركيا وتوجيه سياساتها الخارجية، والحد من “كونها لاعبا يتحرك بصورة مستقلة”.

ولا يمكننا التفكير حول الأزمة والمرحلة التي وصلتها، بمعزل عن تصورات الولايات المتحدة وألمانيا، حيال سقف حرية تركيا في تبني سياسة خارجية مستقلة، وتحركها كقوة اقليمية مؤثرة.

ولعل سؤال “إلى أي حد ستكون تركيا مستقلة ومؤثرة على الصعيدين الاقليمي والعالمي”، أكثر ما يشغل بال صناع القرار في الولايات المتحدة وألمانيا.

فلما يعد هناك نقاش هل “نكسب تركيا أم نخسرها”، في الغرب بشكل عام، وإنما “ماذا سنفعل مع تركيا، وكيف ستكون طبيعة علاقتنا معها”.

البروفسور فؤاد كيمان – الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.