التائبون من داعش في السجون النمساوية.. نادمون

أفاد رئيس الموظفين الدينيين في السجون النمساوية “رمضان دمير”، أن الكثير ممن عاد إلى النمسا عقب التحاقه بداعش في سوريا والعراق، يشعر الآن بالندم والخجل بعد تعرفه على الوجه الحقيقي للتنظيم الإرهابي.

جاء ذلك في حوار أجراه دمير مع مراسل ، تطرق فيه إلى المقابلات التي أجراها مع عدد من العناصر التائبة من التنظيم، والتي جمعها في كتاب، شرح فيه الفروقات بين الإسلام الحقيقي وعقيدة داعش العمياء، وقدم اقتراحات حول كيفية القضاء على الإرهاب، ما لقي صدى واسعا في دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها الناطقة بالألمانية.

وأعلن دمير، أنهم قدموا خدمات دينية لنحو ألفين و44 سجينا مسلما خلال 7 أعوام، وأنهم التقوا في غضون هذه الفترة بالكثيرين ممن يتعاطف مع التنظيمات المتطرفة أو ينتسب إليها.

وأشار إلى أنهم التقوا بأكثر من 100 سجين خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، ممن سُجن نتيجة أفكاره المتشددة.

وأفاد أن نحو 300 شاب نمساوي التحق بداعش منذ بدء الحرب الداخلية في سوريا، قُتل منهم نحو 140 شخصا هناك، في حين ما زال في التنظيم ما بين 40 أو 50 عنصرا نمساويا.

ولفت إلى أن قرابة 100 شاب نمساوي سافر إلى سوريا وعاد لاحقا أو تم القبض عليه على الحدود السورية التركية وتمت إعادته إلى النمسا، حيث سُجنوا لمدة ومن ثم تم إطلاق سراحهم.

وقال دمي أنه يوجد في الوقت الحالي في السجون النمساوية 67 سجينا بسبب علاقتهم مع تنظيم داعش، إلا أن عدد الذين تم سجنهم ومن ثم إطلاق سراحهم خلال السنوات الخمسة الأخيرة بلغ أكثر من 100 شخص.

وطرح رجل الدين النمساوي مثالا عن المقابلات التي أجراها مع التائبين، حيث أشار إلى أنه ما زال يلتقي بشاب من أصل بوسني، ممن عُوقب بالسجن لعامين بتهمة الانضمام لداعش، وأن هذا الشاب قال له أكثر من مرة بأنه ” لا يستطيع النظر في أعين عائلته من شدة ندمه وخجله وأنه يعاني من صعوبة في النوم وأنه يفكر بالانتحار لأنه لا يريد الحياة مع هذا العار”.

وأوضح دمير أن الكثير من الشباب الذين التحقوا بداعش على جهل كبير بالدين الإسلامي، أو ممن يعاني من مشاكل كبيرة في الشخصية والانتماء.

وسرد دمير مثالا عن إحدى الحالات في هذا الشأن، قائلا “التقيت بشاب سافر من فيينا إلى سوريا، وكان بعمر 18 عاما وقتها، والده متوفي ويعيش مع والدته وأخته، عاطل عن العمل، ومعظم أصدقائه من مرتكبي الجرائم”.

وتابع “بدأ الشاب بالمشاركة في اجتماعات لشخص يروج لتنظيم داعش، حيث بدأ هذا الشخص يولي اهتماما كبيرا بالشاب ويخصص له وقتا كبيرا ويقدم له الأموال، ويحكي له عن المغانم التي سيكسبها في حال سفره إلى سوريا ومحاربته إلى جانب التنظيم، واعدا إياه والشباب أمثاله بالجنة في حال مقتله بذريعة أنه سيُحتسب شهيدا”.

وفي الجانب المضاد، بيّن دمير أن هناك رغبة لدى بعض المساجين ممن يتعاطف مع داعش وتم إلقاء القبض عليه عند الحدود السورية التركية، بالانضمام إلى التنظيم فور مغادرته السجن.

وتابع قائلا “إن الأفكار المتطرفة أعمت قلوب هؤلاء لدرجة أنهم لا يتعظون من زملائهم المساجين الذين انشقوا عن داعش الإرهابي بعد رؤيتهم لحقيقته القبيحة، بل على العكس تماما إنهم يصفون أولئك المساجين بالخونة والكفرة”.

ولفت دمير إلى أن “المجموعات المتطرفة والمتشددة المؤيدة للعنف تنتشر بسرعة في وسائل التواصل الاجتماعي والسجون، مؤكدا على ضرورة ألا يُسجن هؤلاء مع المساجين العاديين في نفس المكان”.

وأضاف دمير أنه أبلغ المسؤولين في بلاده بهذا الخصوص، لافتا إلى أنه في حال عقد لقاءات منتظمة بين رجال الدين والمساجين المتطرفين، فإن نسب ابتعاد هؤلاء المساجين عن أفكارهم المتشددة ستزداد.

وحذّر دمير في هذا السياق من تعرض المساجين المسلمين في السجون النمساوية لخطر التطرف، وأن السلطات الحكومية لا تقدم الدعم لهم أسوة بمنتسبي الأديان الأخرى.

وأكّد رئيس الموظفيين الدينيين على أن “قانون الإسلام” الذي دخل حيز التنفيذ في النمسا عام 2015، أدى إلى حظر تلقيهم الدعم من دول أخرى مثل تركيا، وأنهم باتوا وحيدين في مواجهة التطرف في السجون النمساوية.

جدير بالذكر أن قانون الإسلام في النمسا يمنع تمويل المنظمات الإسلامية وتسديد رواتب الأئمة من خارج البلاد.
الأناضول


اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.