تاريخ العلاقات الأردنية التركية

يعود تاريخ العلاقات الأردنية التركية إلى ثلاثينيات القرن الماضي ، بعد قيام الملك المؤسس عبد الله الأول بزيارة رسمية إلى الجمهورية التركية كأول زعيم عربي يقوم بذلك ،بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتأسيس الجمهورية التركية.

عام 1937 استقبل الرئيس التركي مصطفى كمال اتاتورك ضيفه الملك عبد الله الأول في تركيا ،ليبدأ مشوار بناء العلاقات الثنائية بين البلدين .

وتعزيزاً لمستوى العلاقات بين البلدين والنهوض بها وجعلها في الإطار الرسمي ،افتتحت أول سفارة لتركيا في عمان بعد التوقيع على اتفاقية الصداقة بين عمان وأنقرة عام 1947 بين زعيمي البلدين الملك عبد الله الأول والرئيس عصمت اينونو .

وتكتسب العلاقات بين البلدين قوة استراتيجية مصدرها التاريخ والقيم المشتركة ،أسهمت في الحفاظ على متانة العلاقات الثنائية بين الأردن وتركيا.

شهدت العلاقات التركية الأردنية تطوراً لافتاً في عهد حزب العدالة والتنمية ، اتسمت بالاحترام المتبادل، تخللها زيارات متبادلة بين المسؤولين في البلدين.

ففي ديسمبر/كانون الثاني عام 2009 ، قام الرئيس التركي السابق عبد الله غول بزيارة إلى الأردن ، وأجرى عاهل الأردن زيارة إلى تركيا في مارس/أذار عام 2013.

تناولت محادثات الزعيمين في الزيارتين السابقتين شؤون المنطقة الإقليمية والدولية إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين .

عام 2014 ، ازدادت النشاطات ومساحات التعاون المشتركة بين البلدين ، حيث أشارت التقارير إلى أن مئات من الضباط الأردنيين تلقوا تدريبات عسكرية في تركيا .

وقام رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو عام 2016 بزيارة إلى العاصمة عمان ؛ لبحث آفاق التعاون في مختلف المجالات بين البلدين، وجرى خلالها توقيع حزمة من الاتفاقيات المشتركة التي تسهم في تعزيز التعاون المشترك.

يمر الأردن بظروف اقتصادية صعبة ، زادتها أزمات المنطقة تعقيداً ، لا سيما وأن المملكة جارة لأكثر الدول اضطراباً ، وما لذلك من انعكاسات على الوضع الاقتصادي.

ويسعى الأردنيون إلى تقوية العلاقات الاقتصادية مع العالم الإسلامي، وترى المملكة بأن تركيا بإمكانها المساهمة الفعالة في عملية النمو الاقتصادي من خلال اشراك شركاتها في عملية البناء والتطوير وكذلك مساهمات المستثمرين في دعم وتطوير البنى التحتية وزيادة التبادل التجاري بين البلدين.

ووفق أرقام رسمية ، بلغت قيمة الاستثمارات التركية التي تدفقت إلى المملكة الهاشمية خلال السنوات الماضية 283 مليون دولار أمريكي، تركزت في قطاعات الخدمات وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والبنية التحتية.

ويتطلع الأردن أن تكون العلاقة الاردنية الاقتصادية مع تركيا علاقة شراكة وليست علاقة تنافسية بسبب عدم استقرار المنطقة.

ولعبت اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، الموقعة عام 2009 ودخلت حيز التنفيذ في مارس/ آذار 2011، دوراً استراتيجياً في تعزيز العلاقات ، ودفع عجلة الاقتصاد للأمام لكليهما.

الأتراك من جانبهم يتطلعون إلى الشراكة مع الأردن ؛لتحقيق الاستقرار في المنطقة وكذلك فتح خطوط التجارة التي تمر عبر الأراضي والموانئ الأردنية باتجاه دول الخليج العربي، والأردن كذلك يتطلع الى فتح خطوط التجارة بين الأردن وبين دول البلقان ودول الاتحاد الاوربي عبر الموانئ والاراضي التركية .

وتسعى عمان وأنقرة إلى تفعيل خط النقل البحري “رورو” بين بين مدينتي العقبة الأردنية وإسكندرون التركية ، وهو ما جرى الإتفاق عليه بين البلدين في مارس/ آذار 2016.

وبعيدا عن الأرقام التي توضح حجم التبادل التجاري بن البلدين ، فإن القضايا الإقليمية تتصدر كل المباحثات التي تجمع مسؤولي البلدين ، ونظراً لمكانة تركيا في العالم الإسلامي والشرق أوسطي فإن الأردن يرى في الاستقرار السياسي لتركيا بمثابة الداعم للاستقرار الأمني والسياسي للمنطقة .

المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت في تركيا في شهر يوليو /تموز العام الماضي 2016، أثبتت مدى الترابط الذي يجمع شعبي البلدين ، فقد ثارت مشاعر الأردنيين إزاء تلك الحادثة.

الموقف الرسمي الأردني لم يختلف عن الشعبي ، فقد عبرت الحكومة عن قلقها مما وصفته الاضطرابات التي شهدتها تركيا ، مؤكدةً أن استقرار تركيا عامل مهم في استقرار وأمن المنطقة، ودورها الإيجابي في ترسيخ الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون بين دولها وشعوبها.

وبالعودة إلى أزمات المنطقة وخاصة السورية ، فإن تركيا والأردن هما البلدان المجاوران لسوريا والأكثر تأثراً بما يجري هناك ، فالأردن يستضيف نحو 1.3 مليون لاجئ سوري ، فيما يوجد في تركيا حوالي 3 ملايين لاجئ.

أما القضية الفلسطينية وتطوراتها الأخيرة والقرار المرتقب للرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، فإن عمان وأنقرة يعتبرانها خطوة غير محسوبة وعدائية لكافة المسلمين، وتحركت تركيا والأردن بسرعة لصد ومنع هذا القرار .

وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعقد قمة إسلامية واتخاذ خطوات لاحقة قد تصل لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، في حال تنفيذ القرار الامريكي ، فيما دعا الأردن دعا إلى اجتماع لمجلس الجامعة العربية والدول الاسلامية ، ليظهر من ذلك وحدة القرارات المصيرية بين الأردن وتركيا .

واستمراراً للنهوض بمستوى العلاقات بين الأردن وتركيا ، يجري عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، اليوم الأربعاء، زيارة رسمية إلى تركيا، بعد أشهر قليلة لأخرى مماثلة، قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان، للأردن آواخر أغسطس /آب الماضي.

زيارة العاهل الأردني تأتي بعد أشهر قليلة من زيارة الرئيس أردوغان لعمان ،لتؤكد علو التناغم ومستوى التنسيق بين البلدين ، فعلاقات البلدين أساسها الماضي وعنوانها المستقبل.

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.