هل سيؤثِّر تراجع العملة التركية على إعادة انتخاب أردوغان؟

دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لانتخاباتٍ مبكرة تجري في 24 يونيو/حزيران 2018،  قبل أكثر من عامٍ عن الموعد المفترض، جزئياً لاستباق الاهتزازات المحتملة في الاقتصاد. لكن الأربعاء 23 مايو/أيار 2018، طالت البلاد تلك الاهتزازات بعد الهبوط الحاد الذي لحق بالليرة التركية، ما يُمثِّل مؤثراً محتملاً على مجرى الانتخابات.

ووفقاً لوكالة Reuters، تراجعت الليرة إلى ما يقارب مستوى 5 ليرات مقابل الدولار الواحد يوم الأربعاء، أي بتراجعٍ بلغت نسبته 20% هذه السنة، قبل أن يتدخَّل البنك المركزي لمواجهة هذا الأمر بزيادةٍ حادة في واحدٍ من معدلات فائدة الإقراض الرئيسية لديه، ليبلغ 16%، مرتفعاً من 13.5%.

ولم يكن الاضطراب فقط علامة على قلق المستثمرين المتنامي من حالة الاقتصاد التركي؛ إذ ترك أيضاً تراجُع الليرة كبرى الشركات التركية تعاني، بينما يؤثر في مستويات معيشة الأتراك العاديين، أي الناخبين.

وما كان ذلك ليأتي في وقتٍ أسوأ بالنسبة للرئيس أردوغان، الذي يفتتح رسمياً حملته الانتخابية الخميس 24 مايو/أيار 2018، والتي تركز على إنجازاته الاقتصادية والنمو السنوي المثير للإعجاب على مدى الأعوام الـ15 الماضية التي قضاها على رأس الحكومة.

ورغم هذا السجل، بحسب صحيفة The New York Times، أظهر قادة الأعمال وأسواق المال مخاوف متنامية حيال إدارة السلطات التركية الاقتصاد، وانتقال البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، الأمر الذي سيمنح الرئيس أردوغان مزيداً من الصلاحيات.

ويقول معارضون سياسيون إنَّ التراجع الأخير لليرة تسبَّبت فيه السلطات التركية بتجاوزها المسؤولين الماليين والبنك المركزي، خصوصاً رفض الدعوات لرفع أسعار الفائدة.

ويبلغ معدل التضخم في تركيا أكثر من 10%، لكن بدافع الحفاظ على معدلات نموٍ مرتفعة، عارض الرئيس أردوغان رفع أسعار الفائدة، وهو ما يقول المُحلِّلون الماليون إنَّ هناك حاجةً إليه؛ لتخفيف الضغط على العُملة.

وتسبَّبت آخر تصريحات للرئيس التركي في تراجعٍ لليرة، خلال مقابلته مع وكالة Bloomberg الأميركية الإثنين 21 مايو/أيار 2018، حين كشف عن نيته السيطرة بصورة أكبر على البنك المركزي إذا ما فاز في الانتخابات على منصب الرئيس الجديد الأقوى.

فقال، مشيراً إلى البنك المركزي: “منذ اللحظة التي ننتقل فيها إلى نظام حكمٍ رئاسي، ستكون فاعليتنا هناك مختلفة جداً”. وأضاف: “سنقوم بذلك حتى يمكن محاسبتنا على المسؤولية التي حصلنا عليها”.

وتابع: “عندما يقع الناس في صعوباتٍ بسبب السياسات النقدية، مَن سيحاسبون؟ سيحاسبون الرئيس. وبما أنَّهم سيُسائلون الرئيس عن ذلك، فعلينا أن نصدِّر صورة رئيسٍ مؤثرٍ في السياسات النقدية”.

تخوفات من أزمة اقتصادية

وبينما يُحذِّر معارضو أردوغان من أزمةٍ اقتصادية تقترب، قال دورموس يلماز، المحافظ السابق للبنك المركزي التركي والمُترشِّح للبرلمان، إن هذه السياسات “ستضع تركيا في طريقٍ مسدود. جرَّبت تركيا بالفعل الأمر نفسه في عام 1994، وهذا ما آل بنا إلى أزمة”.

يختلف مسؤولو الرئيس مع ذلك؛ إذ يُصوِّر نائب رئيس الوزراء، بكر بوزداغ، تراجُع الليرة على أنَّه مؤامرة خارجية للإضرار بالرئيس أردوغان.

فصرَّح لوكالة أنباء الأناضول شبه الرسمية، قائلاً: “مخطئون أولئك الذين يعتقدون أنَّ التلاعب بالدولار سيقودهم إلى نتائج ستضر بالشعب ودخله ونتائج الانتخابات”.

وفي أثناء حديثه مع قناة NTV الإخبارية، ألقى وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي باللوم على المضاربين.

وقال: “لدينا الأدوات التي تُمكِّننا من اتخاذ الخطوات الضرورية بشأن السياسات النقدية وقيمة الليرة. وتمتلك المؤسسات ذات الصلة أدوات قوية للغاية”.

أحد أسباب الضغط على الليرة هو رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة وجذبه رأس المال العالمي بعيداً عن الأسواق الناشئة مثل تركيا. ويقول مُحلِّلون إنَّه يمكن إصلاح ذلك إذا ما رفعت تركيا أسعار الفائدة.

ويقول مُحلِّلون إنَّه بعد 15 عاماً من النمو والائتمان السهل، جمعت البلاد قدراً كبيراً من الائتمان الأجنبي وربما تعاني الآن لتمويله.

وتضخَّمَت ديون المؤسسات التجارية التركية من العملات الأجنبية منذ 2009، وتقع 80% من هذه الديون على عاتق البنوك التركية. ومع تراجع الليرة، تعاني تلك البنوك من أجل سداد الديون وخدمات الدين، ولم تعد تُقدِّم القروض إلى الشركات التركية.

ودخلت اثنتان من كبريات الشركات التركية، مؤخراً، في مباحثاتٍ لإعادة تمويل ديونها؛ إذ دخلت شركة Yildiz Holding، وهي شركة عالمية للحلوى والبسكويت مملوكة لأثرى رجل بتركيا، في مفاوضاتٍ لإعادة تمويل 7 مليارات دولار من الديون في مارس/آذار 2018.

وتراجَع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ثلث المستويات السابقة. وخفَّضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية التركية في الأشهر الأخيرة، مُستشهِدةً بالافتقار إلى إصلاحٍ اقتصادي هيكلي وإزالة السلطات التركية للضوابط والتوازنات.

 

 

 

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.