هل تطيح “الهزيمة التاسعة” بـ كليتشدار أوغلو من رئاسة “الشعب الجمهوري”؟

منذ سنوات كان يعتبر النائب عن حزب الشعب الجمهوري محرم أنجيه منافساً قوياً لرئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو على رئاسة الحزب، ولكنه فشل في أكثر من محاولة للإطاحة به بسبب قوة الأخير في السيطرة على مفاصل الحزب.
وقبل أسابيع، ومع اختيار كمال كليتشدار أوغلو لـ«محرم أنجيه» مرشحاً للحزب في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد الماضي في تركيا، كان الاعتقاد السائد أن الهدف الأساسي من هذا الاختيار كان يتمثل في الزج بـ«أنجيه» للانتخابات الرئاسية لكي يتكبد خسارة مريرة تنهي حياته السياسية وتقضي على محاولاته للوصول إلى رئاسة الحزب.
لكن أنجيه مدرس الفيزياء قدم أداءً غير مسبوق في الحملة الانتخابية وتمكن من فرض شخصيته كمنافس عنيد للرئيس رجب طيب اردوغان وأظهر قدرة عالية على الخطابة ونجاح أولي في ملامسة احتياجات الشارع التركي وخاصة فئة الشباب تمثلت في نجاحه بتنظيم مهرجانات انتخابية هي الأضخم في مسيرة الحزب على مدار العقود الأخيرة شارك بها مئات الآلاف في إزمير وإسطنبول وأنقرة.
وفي ترجمة فعلية لهذا التحول، ورغم خسارته بفارق كبير أمام اردوغان، إلا أن أنجيه تمكن من حصد أكثر من 30٪ من أصوات الناخبين الأتراك، وذلك بزيادة أكثر من 5٪ عن أصوات مرشحي الحزب للانتخابات الرئاسية، وبفارق أكثر من 8٪ عن نسبة الأصوات التي حصل عليها الحزب بشكل مباشر في الانتخابات البرلمانية التي جرت بالتزامن مع الرئاسية يوم الاحد.
هذا الفارق الكبير بين أصوات أنجيه كمرشح رئاسي بشكل مباشر، وبين أصوات الحزب، وكما كان متوقعاً، فتح الباب بقوة أمام التحليلات التي تقول إن أنجيه أثبت قدرة أكبر على قيادة الحزب الذي تراجعت أصواته في ظل قيادة كمال كليتشدار أوغلو.
وكليتشدار أوغلو الذي يتربع على رئاسة الحزب منذ أكثر من 8سنوات خسر استحقاقات انتخابية متتالية أمام اردوغان وحزب العدالة والتنمية طوال هذه السنوات، قبل أن تلحق به الهزيمة التاسعة والعاشرة بشكل مزدوج في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت بشكل متزامن.
وبدأت سلسلة هزائم حزب الشعب الجمهوري في عهد كليتشدار أوغلو من الانتخابات المحلية عام 2009، وفي العام الذي تلاه خسر الحزب استفتاء حول تعديلات دستورية طرحها العدالة والتنمية، وفي عام 2011خسر الحزب أيضاً الانتخابات البرلمانية، كما خسر الحزب الانتخابات المحلية والرئاسية أمام اردوغان في عام 2014، وبعدها بعام أيضاً خسر الحزب انتخابات برلمانية أخرى على جولتين، قبل أن يخسر استفتاء التعديلات الدستورية أمام اردوغان في عام 2016.
والأحد، تمكن اردوغان من حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بنسبة 52.5٪ من أصوات الناخبين، كما تمكن حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية عبر «تحالف الجمهور» من ضمان الأغلبية في البرلمان، وسط فشل حزب الشعب الجمهوري من سحب الأغلبية البرلمانية من «تحالف الجمهوري» عبر «تحالف الأمة».
وأمس الثلاثاء، عقدت اللجنة المركزية لحزب الشعب الجمهوري اجتماعاً استثنائياً لتقييم نتائج الانتخابات، لكن كليتشدار أوغلو الذي ظهر لأول مرة عقب الانتخابات في مؤتمر صحافي، أكد عقب الاجتماع أنه لن يستقيل من قيادة الحزب وحاول إيصال رسائل قوية للتكتلات الأخرى داخل الحزب.
وفي محاولة للدفاع عن قيادته للحزب اعتبر كليتشدار أوغلو انه من الطبيعي أن يحصل مرشح الرئاسة على أكثر من أصوات الحزب نفسه، معتبراً أن حزبه حقق نجاحاً كبيراً من خلال فقدان حزب العدالة والتنمية 7٪ من أصواته مقارنة بالانتخابات السابقة، ووجه تهديداً غير مباشراً لأطراف في الحزب بالقول: «من يعشقون المناصب ويحاولون الآن انتقاد الحزب بسبب عدم حصولهم على المقاعد لن يكون لهم مكان في داخل الحزب».
ورغم أن كليتشدار أوغلو ما زال يتمتع بقبضة قوية على الهيئات القيادية للحزب، إلا ان الشعبية الكبيرة التي اكتسبها أنجيه خلال قيادته الانتخابات الرئاسية وحصوله على نسبة عالية مقارنة بنتائج الحزب السابقة ستمكنه من الوصول إلى قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، حسب أغلب المحللين الأتراك.
والأثنين، رفض أنجيه التعليق على أي سؤال يطرح له فيما يتعلق بطموحه لقيادة الحزب، فيما حاول حزب العدالة والتنمية بث الخلافات داخل الشعب الجمهوري من خلال اعتبار الناطق باسمه ماهر أونال، الثلاثاء، أنه من الطبيعي أن يكون محرم أنجيه زعيماً للشعب الجمهوري في الفترة المقبلة.
ويتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة حراكاً كبيراً داخل الشعب الجمهوري الذي سيبدأ استعداداته مبكراً لخوض الانتخابات المحلية المقرر عقدها في آذار/ مارس المقبل، وسط توقعات بإمكانية عقد مؤتمر عام استثنائي للحزب ربما يتمكن فيه أنجيه من الإطاحة بكليتشدار أوغلو ويحل مكانه في قيادة الحزب.

 

 

.

م.القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.