الاقتصاد بين تركيا وروسيا يتصدر أجندة قمة أردوغان – بوتين في إسطنبول

يتصدّر الملف الاقتصادي بين تركيا وروسيا، أجندة المباحثات خلال القمة المرتقبة بين رئيسي البلدين رجب طيب أردوغان، وفلاديمير بوتين، على هامش زيارة يُجريها الأخير إلى تركيا غدا الاثنين، للمشاركة في مؤتمر الطاقة العالمي بمدينة إسطنبول، بحسب خبيرتين روسيتين.

ومن المتوقع أن يرافق بوتين خلال زيارته إلى تركيا، وزيرا الطاقة الكسندر نوفاك، والتنمية الاقتصادية اليكسي أوليوكاييف، للمشاركة في المباحثات الثنائية المحتمل أن يتخللها توقيع اتفاقية بين الحكومتين بخصوص مشروع “السيل التركي” لنقل الغاز.

وفي بيان لها أمس السبت، قالت الرئاسة التركية، إن الزيارة المرتقبة لبوتين جاءت تلبية لدعوة نظيره التركي، والتي من شأنها تسريع عملية التطبيع بين البلدين، والإسهام في تطوير التعاون الثنائي.

وفي معرض تقييمها للقمة المرتقبة بين أردوغان وبوتين على هامش مؤتمر الطاقة العالمي الـ 23 الذي تستضيفه إسطنبول في الفترة بين 9 و13 من أكتوبر/تشرين أول الجاري، قالت “تاتيانا رومانوفا”، الأكاديمية الروسية في قسم الدراسات الأوروبية بجامعة سانت بطرسبورغ، إن “مشروع السيل التركي لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا ستكون له أهمية كبيرة خلال المباحثات بين البلدين”.

وأشارت رومانوفا، في حديث للأناضول، إلى تدهور العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي جراء الأزمة السورية، مبينة أن هذه التطورات قد تؤثر سلبًا على مستقبل مشروع “السيل التركي” الذي يعد أحد أهم المشاريع التي تربط موسكو مع أنقرة.

وشدّدت الأكاديمية الروسية، على أن موسكو تولي أهمية بالغة للتعاون مع أنقرة في ظل اعتزام الغرب توسيع عقوباته ضد الأولى خلال الفترة الأخيرة، مشيرة في نفس الوقت، أن الزيارة المرتقبة ستساهم في إعادة إحياء العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا من جديد.

وبالإضافة إلى الموقف الروسي المناقض للغرب فيما يخص دعمه العسكري لنظام “بشار الأسد” في سوريا، ما زال الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات اقتصادية على موسكو بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، ودورها في الأزمة الأوكرانية.

وأعلنت روسيا مطلع ديسمبر/كانون الأول عام 2014، إلغاء مشروع خط أنابيب “السيل الجنوبي”، الذي كان من المفترض أن يمر من تحت البحر الأسود عبر بلغاريا إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا، بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكاراً للمشروع من قبل شركة الغاز الروسية “غازبروم”.

وبدلاً منه، قررت روسيا مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا ضمن مشروع “السيل التركي”، ليصل الى حدود اليونان، وإنشاء مجمع للغاز هناك، لتوريده فيما بعد لمستهلكي جنوبي أوروبا، ومن المتوقع أن يبلغ حجم ضخ الغاز الروسي فيه، 63 مليار متر مكعب سنويًا، منها 47 مليار متر مكعب ستذهب للسوق الأوروبية، فيما سيخصص 16 مليار متر مكعب للاستهلاك التركي.

بدورها، قالت “نيغيار ماسوموفا”، الخبيرة الروسية في قسم الاقتصاد العالمي بجامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، إن الملف الاقتصادي سيكون العنصر الأساسي خلال القمة المرتقبة بين تركيا وروسيا الأسبوع المقبل.

وأعربت “ماسوموفا” عن توقعاتها إلغاء الحكومة الروسية قرار تقييد استيراد المنتجات الزراعية من تركيا، وتقييد تشغيل المواطنين الأتراك في أراضيها، خلال المباحثات الثنائية بين الجانبين في إسطنبول.

واعتبرت الخبيرة الروسية، خلال حديثها للأناضول، أن زيارة بوتين إلى تركيا، تأتي بمثابة رسالة لجميع دول العالم، مفادها أن “العلاقات التركية الروسية عادت إلى طبيعتها، وأن البلدين شريكان استراتيجيان”.

وسبق لمقاتلتين تركيتين من طراز “إف – 16″، أن أسقطتا مقاتلة روسية من طراز “سوخوي – 24″، في نوفمبر/تشرين ثاني 2015، لدى انتهاك الأخيرة المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي جنوبي تركيا.

وعلى خلفية حادث إسقاط الطائرة شهدت العلاقات بين أنقرة وموسكو توترًا؛ حيث أعلنت رئاسة هيئة الأركان الروسية قطع علاقاتها العسكرية مع أنقرة، إلى جانب فرض موسكو قيودًا على البضائع التركية المصدّرة إلى روسيا، وحظراً على تنظيم الرحلات السياحية والطائرات المستأجرة المتجهة إلى تركيا. ولاحقا تم تخفيف بعض هذه القيود.

وبدأت بوادر تطبيع العلاقات التركية الروسية، عقب إرسال الرئيس التركي رسالة إلى نظيره الروسي، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أعرب فيها عن حزنه حيال إسقاط الطائرة الروسية، وتعاطفه مع أسرة الطيار القتيل.

وتكللت بوادر التطبيع، بالقمة التي عقدها رئيسا البلدين، فلاديمير بوتين، ورجب طيب أردوغان، في آب/ أغسطس الماضي، في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، حيث اتفق فيها الطرفان على تنفيذ مجموعة من الإجراءات الملموسة بهدف دفع علاقاتها نحو الأمام بالسرعة المنشودة.

يشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا وصل إلى 35 مليار دولار سنوياً قبل الأزمة، لكنه تراجع خلالها إلى ما بين 27 و28 مليار دولار، بحسب تصريحات رسمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.