أردوغان: تعالوا نسأل الشعب عن النظام الرئاسي

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استفتاء الشعب بشأن تطبيق النظام الرئاسي في بلاده من عدمه، مشددا أنه لا يدافع عن هذا النظام من منطلق شخصي، وإنما لقناعته بأنه الأصلح لتركيا، وسيقودها إلى النمو بشكل أسرع.

جاء هذا خلال لقاء أجرته معه قناة “الجزيرة” القطرية ضمن برنامج “المقابلة”، وبثت الجزء الثاني منه مساء اليوم الخميس.

وعن سبب دفاعه عن النظام الرئاسي وأهميته لتركيا، قال أردوغان: “تأسيس النظام الرئاسي الآن ليس مشكلة شخصية متعلقة بشخص رجب طيب أردوغان”.

وأضاف: “لست الوحيد الذي تحدث في مسألة النظام الرئاسي؛ فكثير من السياسيين، الذين جاؤوا قبلي وغادروا حياتنا الآن، تحدثوا عنه، بينهم الراحلان سليمان ديميريل، ونجم الدين أربكان، وكلهم دافعوا عن الأمر، وقالوا إن النظام الرئاسي ضروري من أجل صالح تركيا”.

وتابع: “ما يثير التعجب عندما قلت أنا ذلك (تحدثت عن النظام الرئاسي) تم تحويل الأمر إلى نقطة أخرى، وقد دافعت عن النظام الرئاسي عندما كنت رئيسا لبلدية إسطنبول (في تسعينيات القرن الماضي)؛ لأن رئاسة البلدية تطبيق مصغر للنظام الرئاسي، ورأيت أن النجاح هناك (تطبيق النظام الرئاسي في البلديات) يمكن تطبيقه هنا أيضا (تطبيق النظام الرئاسي كنظام للحكم)”.

واستطرد الرئيس التركي: “إذا نظرنا لأمريكا وروسيا هناك نظام رئاسي بهما، وهذان نموذجان مهمان، وطريقة عمل النظامين مختلفة، وفي تركيا علينا بالنظر إلى تقاليدنا أن نضع نموذج نظام رئاسي يليق بتركيا، ويوفر لنا العمل بتلقائية أكبر، وهذا الأمر سيعطي فرصة أن تنمو تركيا بشكل أسرع بكثير؛ لذا أدافع عن هذه القضية”.

وفي رده على سؤال حول الخطوات العملية للدفع بالنظام الرئاسي للتنفيذ، قال أردوغان: “هذا الأمر مشكلة الحكومة والبرلمان قبل أن يكون مشكلتي. لقد تبنت الحكومة الآن النظام الرئاسي، وأتمنى أن تتعاون المعارضة مع الحكومة في هذا الشأن”.

وأضاف: “نقول ما قاله مصطفى كمال أتاتورك (مؤسس الجمهورية التركية) إن الحكم للشعب دون قيد أو شرط، وإذا كان الحكم للشعب دون قيد أو شرط، فتعالوا نسأل الشعب عن هذا النظام؛ فإذا قال نعم للنظام الرئاسي، فما هو الموقف من هذا الأمر، بالطبع سنبدأ في تطبيقه”.

وتابع مستدركا: “لكن إذا رفض شعبي النظام الرئاسي وقال لا؛ فلا يمكن لأحد أن يتحدث عن الموضوع، وسنستمر في انتهاج النظام الرئاسي البرلماني”.

واعتبر أردوغان أن “بعضهم يخشى نقل هذا الأمر (النظام الرئاسي) للشعب؛ لأنهم يعرفون ماذا سيقول الشعب”.

واستطرد: “لا يمكن الخوف من الشعب، ولا يمكن التراجع عن إرادة الشعب، إن كان هناك انسداد للأفق يُحول الأمر للشعب؛ لأن إلإرداة الشعبية إرادة صادقة، وهي التي يتم احترامها فقط”.

وعن موقفه من حكومة الحزب الواحد والحكومات الائتلافية من خلال تجربة تركيا، بين أردوغان أن “الفترات التي تشكلت فيها حكومات ائتلافية كانت فاشلة تماما”، وقال: “حكومة الحزب الواحد بغير ائتلاف أفضل بكثير لشعبي وبلدي”.

وفي رده على ادعاء البعض بأنه يريد أن يكون “ديكتاتورا” كلما اقترح أمرا مثل النظام الرئاسي، قال أردوغان: “عندما يوصف شخص بأنه ديكتاتور، فإنه يفرض على الناس في ألا يعيشوا بحرية، وألا يستطيعوا التعبير عن آرائهم، وألا يستطيعوا أن يعيشوا معتقداتهم بحرية، وهذه المشكلات ليست موجودة في بلدي، نحن لم نمنع أي شيء، تركيا لم تشهد حرية ورفاهية مثلما هو الحال في هذا العهد”.

وأردف: “هم يريدون أن يظهروا تركيا بشكل مختلف من خلال مهاجمة أردوغان، لكن مهما فعلوا هناك حقيقة واضحة الآن، تركيا من أكثر الدول التي تجذب الاستثمارات العالمية، ورؤوس الأموال العالمية لا تستثمر في الدول الديكتاتورية، ولأننا نعيش في رفاه تأتي رؤوس الأموال وتدخل بسهولة”.

التنظيم الموازي هو وجه لشبكة الخيانة

وعن تنظيم “الكيان الموازي” الإرهابي بقيادة “فتح الله غولن”، ، قال الرئيس التركي: “التنظيم الموازي هو وجه لشبكة الخيانة الموجودة في الدولة منذ سنة، وهو تنظيم جهز خلال 40 عاما لاختراق مؤسسات الدولة، القوات المسلحة والقضاء ومؤسساتنا المختلفة، وحاول السيطرة على كل المؤسسات، وعندما وصل عناصره لنقطة معينة تحركوا بسرعة، وككرة الثلج استمروا في التضخم حتى وصلوا لما نراه اليوم”.

وتابع: “في الخامس عشر من يوليو/تموز الماضي واجهنا محاولة انقلابية من مجموعة تسربت داخل قواتنا المسلحة بزي القوات المسلحة، ولم يستطعوا أن يحققوا ما يريدون، وكانت وقفة شعبنا أمامهم مهمة جدا، تصدى أبناء شعبنا للانقلابيين بصدورهم، وأنا أعلن أن هذا نصر لشعبي، أتمنى الرحمة لشهدائنا (الذين سقطوا في المحاولة الانقلابية) وعددهم 241 شهيد، ولدينا 2194 جريحا أدعو الله أن يشفيهم”.

وفي رده على سؤال بشأن ما إذا كان أحد في الغرب يقف خلف “الكيان الموازي”، قال: “للأسف هناك من يدعمهم، هذا الرجل (زعيم الكيان الموازي فتح الله غولن) يعيش في أمريكا، وأبلغنا الإدارة بكل ما فعله وخطط لها، أرسلنا لهم 85 صندوقا من الملفات، والآن لأن المحاكمات مستمرة نقوم بإرسال ملفات المحاكمة تباعا إلى الولايات المتحدة، وسنواصل إرسالها”.

وتابع: “وخلال الأسبوع القادم سيذهب وزير العدل إلى الولايات المتحدة وسيعقد لقاءات هناك، وعلى الإدارة الأمريكية أن تسلمنا هذا الرجل الموجود في ولاية بنسلفانيا، كما سلمناهم إرهابيين قبل ذلك؛ فقد طلبوا 10 إرهابيين وسلمناهم جميعا؛ لأننا بينا شراكة استراتيجية، لقد التزمنا بتعهداتنا، ولكن للأسف يرفضون تسليم هذا الإرهابي”.

واستطرد: “أمريكا تقول إن هناك قرار محكمة، ولكن هل كان هناك أي قرار محكمة فيما يتعلق بأسامه بن لادن (الزعيم السابق لتنظيم القاعدة)، لقد قتلوا بن لادن في دولة مختلفة (باكستان)، قاموا بهذا الأمر لأنه إرهابي”.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت أمريكا تقف خلف غولن من عدمه، قال أردوغان: “هذا الشخص بكل ملفات جرائمه موجود في أمريكا، ونحن نطلبه من أمريكا، هو على رأس تنظيم انقلابي إرهابي، وأمريكا تحمي هذا الإرهابي، ولا يمكن تفسير الأمر بأي طريقة، على شريكي النموذجي (أمريكا) أن يسلمه لنا ولا يحميه؛ لأن مكافحة الإرهاب تكون بتكاتف دولي، وشعبي يتساءل عندما أقول له إن أمريكا دولة صديقة وهي تأوي هذا الارهابي”.

وعن التأثير المحتمل على العلاقة بين البلدين إذا رفضت أمريكا تسليم غولن لتركيا، قال الرئيس التركي: “لا يمكن أن أقول أن ذلك لن يضر بعلاقاتنا، أو لا يمكن أن يؤثر فيها”.

وعن سياسة تركيا الخارجية، قال أردوغان: “نحاول أن نقلل عدد الأعداء في العالم، لا أن نزيدهم، ونريد أن نزيد عدد الأصدقاء، لكن علينا أن نعلم أنه لا توجد دولة صديقة لكل دول العالم تماما، هناك من يحبك وهناك من لا يفعل، ونريد أن نزيد عدد المحبين، ولذا نحاول أن نطور علاقتنا مع كل الدول العالم، وسوف نستمر بجهودنا في هذا السبيل”.

وحول علاقات بلاده مع أوروبا التي تماطل في ضم تركيا للاتحاد الأوروبي، قال الرئيس التركي: “نحن مستمرون في عضويتنا بالناتو، وفي الاتحاد الأوروبي نحن في طور محادثات الانضمام، لكن الاتحاد الأوروبي يتدلل، ويريد حشرنا في زاوية، ولكن قلت صراحة إنه إذا كان الاتحاد لا يريد ضم تركيا له، عليه أن يعلن ذلك”.

وأضاف: “التزمنا بما تقتضيه عضوية الاتحاد الأوروبي، ولكنه لم يتعامل معنا بوضوح (…)”.

ولفت إلى أنه “يوجد الآن في تركيا ملايين اللاجئين، وهؤلاء اللاجئين يمكنهم أن يذهبوا للاتحاد الأوروبي، وبينما نحن نقوم بإيواء 3 ملايين لاجئ في تركيا، يقول الاتحاد الأوروبي إنه علينا أن ندعم تركيا، مع أن هذه الأموال لن تدخل في ميزانيتنا بل ستذهب للاجئين، لأنهم لو ذهبوا إلى أوروبا ستقف عاجزة عن فعل أي شيء”.

وقال في هذا الصدد: “الأوربيون تعهدوا في يونيو/حزيران الماضي بثلاثة مليارات يورو لدعم اللاجئين في تركيا، لكن حتي الآن الدعم المقدم منهم هو من 250 إلى 300 مليون يورو فقط”.

وأضاف: “كما ان لجنة الأمم المتحدة للاجئين قدمت 550 مليون دولار لدعم اللاجئين بتركيا، لكن الميزانية التي قدمناها مع مؤسسات المجتمع المدني والبلديات هي تقريبا من 26 إلى 27 مليار دولار، والمصاريف التي تكفلت بها الدولة فقط بلغت 13 مليار دولار”.

وعن كيفية تصرف تركيا مع الاتحاد الأوروبي، قال :”نحن نمضي في لقاءاتنا بصبر، وسوف تستمر إلى نقطة معينة، وعندما يصدرون قرار نهائي سوف نتحرك في ضوء القرار، او نعطي نحن قرارنا”.

ويروي برنامج “المقابلة” سيرة وحياة ومحطات قادة السياسة، ونجوم الفكر والثقافة والفن، ويقدمه الإعلامي السعودي، علي الظفيري.

واستهل البرنامج حلقاته بلقاء الرئيس التركي، وفي الجزء الأول من الحلقة، الخميس الماضي، تحدث أردوغان عن نشأته، وملامح تكون شخصيته، وعوامل تشكله السياسي والفكري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.