هل تفتح تركيا حدودها أمام اللاجئين للهجرة إلى أوروبا ؟

أعاد تلويح الرئيس التركي رجب طيب أدروغان، بإمكانية سماح تركيا بتدقف اللاجئين إلى أوروبا إلى الأذهان احتشاد آلاف السوريين على الحدود مع بلغاريا العام الماضي، بغية العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وقد تجد تركيا نفسها مضطرة لإعطاء الضوء الأخضر للاجئين بالعبور إلى أوروبا، في ظل تعنت الاتحاد الأوروبي وعدم الإيفاء بالتزاماته لاسيما فيما يتعلق برفع تأشيرة دخول الأتراك إلى دول الاتحاد والتلكؤ في دفع المعونات المالية للاجئين، ومؤخرًا، قيام البرلمان الأوروبي بالتصويت لصالح تعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد.

ومنذ شهور يسود وسائل الإعلام هدوء نسبيا، حيال تدفق اللاجئين والمهاجرين نحو البلدان الأوروبية، انطلاقًا من الأراضي التركية.

وفي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، شهدت ولاية إدرنة التركية المتاخمة للحدود البلغارية، مجئ آلاف السوريين الراغبين في العبور إلى أوروبا، الأمر الذي استدعى قوات الأمن التركية اتخاذ تدابير أمنية مكثفة.

ولدى استمرار تدفق اللاجئين صوب إدرنة في ذلك الوقت، نصب رجال الشرطة وقوات الدرك التركية حواجز أمنية على مدى 24 ساعة في المداخل والمنافذ المؤدية إلى المدينة، للحيلولة دون دخول اللاجئين إليها.

غير أن ذلك لم يثن السوريين من الولوج للمدينة، حيث آثروا السير على الأقدام عشرات الكيلومترات، الأمر الذي فرض على قوات الأمن تشديد الراقبة أكثر فأكثر.

وعقب انتظار دام 10 أيام استطاعت السلطات التركية، ترحيل اللاجئين إلى المدن والولايات التركية المختلفة.

ويعزو مراقبون، شبه هدوء هدير محركات القوارب المطاطية التي تحمل اللاجئين في بحر “إيجة”، إلى الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع تركيا منتصف مارس/ آذار الماضي، حول مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر.

غير أن قرار البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، حول تعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، أحدث انزعاجًا كبيرًا لدى أنقرة، ما أعاد للأذهان احتمال تكرار مشهد موجات المهاجرين، جراء ما يمكن لتركيا أن ترد به على القرار الأخير.

فجاء الرد على أرفع مستوى تركي من رئيسها أردوغان، موجهًا وعيده للاتحاد الأوروبي: “فلتعملوا لا أنا ولا شعبي نفهم تهديداتكم الجوفاء، وإذا تماديتم أكثر ضد تركيا فإن معابرنا الحدودية ستُفتح أمام اللاجئين”.

وقال: “لم تلتزموا بتعهداتكم، عندما احتشد 50 ألف لاجئ عند معبر (قابي كولة) (بين تركيا وبلغاريا) وتعالت أصواتكم، عجباً ماذا ستفعلون عندما تفتح تركيا المعابر الحدودية ؟ إذا تماديتم في إجراءاتكم ضد تركيا، فإن البوابات الحدودية ستُفتح، عليكم أن تعلموا ذلك”.

وقال محمد صالح علي، رئيس جمعية “التضامن مع اللاجئين السوريين”، للأناضول، إن تصريح أردوغان الأخير شكّل استفسارات لدى اللاجئين السوريين فيما إذا كانت “ستفتح بابا لهم للذهاب لأوروبا”.

وأشار “علي” إلى أن “آلاف السوريين في تركيا يرغبون بالذهاب إلى أوروبا لأسباب تتعلق بالعمل والصحة والتعليم”، مضيفًا: “يعيش نحو 3 ملايين سوري في تركيا، ويرغب 10% منهم على الأقل الذهاب إلى أوروبا”.

من جانبه، قال “جم ترزي” رئيس جمعية “جسر الشعوب”، إنهم يوجهون انتقادات لاذعة لمواقف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمهاجرين منذ زمن طويل.

وأشار أنه لا يوجد دولة أوروبية حددت عدد اللاجئين الذين من المفروض أن تستقبلهم على أراضيها في إطار اتفاق إعادة القبول (بين الاتحاد وتركيا).

وأضاف قائلاً: “الهم الوحيد للبلدان الأوروبية هو إبقاء اللاجئين في تركيا، جميع اللاجئين لديهم حقوق بتقديم طلب اللجوء في البلدان الأخرى”.

وأردف: “مليون لاجئ عبروا إلى أوروبا، ويوجد نحو 4 ملايين لاجئ من أقاربهم في تركيا، ولا شك أن توفير متطلباتهم أمر في غاية الصعوبة في المستقبل القريب، وهم يرغبون بالذهاب إلى بلدان يجدون فيها فرص عمل على نطاق أوسع”.

كما أن طريق البحر يعتبر من أهم الوجهات التي لجأ إليها اللاجئون الفارون إلى تركيا من الحروب الداخلية أو الأزمات السياسية والاقتصادية في بلدانهم.

وأقدم مئات الألاف على عبور بحر “إيجة” انطلاقًا من الأراضي التركية نحو جزر يونانية ومنها إلى بلدان أوروبا الغربية.

وبحسب أرقام خفر السواحل التركي، فقد منعت فرقها من عبور 142 ألفًا و750 لاجئًا إلى أوروبا عبر السواحل التركية على مدى نحو 3 سنوات، تتألف من 14 ألفًا و961 شخصًا في 2014، و91 ألفًا و611 في 2015، و36 ألفًا و178 شخصًا خلال العام الحالي.

وبحسب الأرقام الرسمية فقد توفي 535 مهاجرًا غرقًا، في السواحل التركية خلال محاولتهم العبور إلى أوروبا، بينهم الطفل إيلان الكردي.

جدير بالذكر أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين انخفض من بمعدل 90% عقب اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا، في مارس/ آذار الماضي، كما أنه تم القبض على 13 ألفًا و395 خلال محاولتهم التسلل لليونان.

وكانت تركيا والاتحاد الأوروبي توصلا في 18 آذار/ مارس 2016، في العاصمة البلجيكية بروكسل إلى اتفاق يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر.

وبموجب الاتفاق، الذي بدأ تطبيقه في 4 نيسان/أبريل الماضي، تقوم تركيا باستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم منها.

وتتُخذ الإجراءات اللازمة من أجل إعادة المهاجرين غير السوريين إلى بلدانهم، بينما يتم إيواء السوريين المعادين في مخيمات ضمن تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجل لديها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري معاد إليها.

ولّوحت تركيا أكثر من مرة بتعليق الاتفاق في حال لم يرفع الاتحاد الأوروبي تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى منطقة شنغن الأوروبية.

ويطلب الاتحاد من أنقرة تعديل قانون مكافحة الإرهاب، كشرط لإلغاء التأشيرة عن مواطنيها، فيما تؤكد تركيا عدم إمكانية ذلك في الوقت الراهن، لا سيما مع استمرار خطر التنظيمات الإرهابية، مثل “بي كا كا” و”داعش” و”غولن”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.