هكذا ستنعكس نتيجة الاستفتاء على مستقبل الشركات التركية

عندما نشر المالك التركي لسلسلة مكفيتيس آند جوديفا إعلاناً ساخراً، الأسبوع الماضي، عن شجار بين الأشقاء، كان الهدف منه الاستفادة من يوم كذبة أبريل/نيسان.

لكنَّ هذا الإعلان أثار عليه حنق حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي إليه الرئيس رجب طيب أردوغان، بعد أن ترجم أحد نواب الحزب واحداً من شعارات الإعلان ــ “الآن، حان وقت الحساب”ــ على أنه إشارة إلى محاولة انقلاب. انخفضت أسهم شركة أولكر بيسكوفي، التي تديرها شركة يلديز القابضة، بمقدار 5٪ وأُجبِرَت الشركة على نشر تكذيب.

وقالت شركة يلديز: “إنَّ الناس الذين بدأوا إثارة الجدل حول إعلان كذبة أبريل، قد أساؤوا، عامدين، تفسير رسالة إعلاننا والهدف المقصود منها”. لكنَّ هذه الحادثة لم تكن إلا آخر الأمثلة بعد محاولة الانقلاب العنيفة التي وقعت في شهر يوليو/تموز 2016، بحسب تقرير لصحيفة “فانيننشال تايمز” البريطانية.

فقد شنت الحكومة عملية تطهير في كل المؤسسات بالدولة للتخلص من اتباع رجل الدين فتح الله غولن المتهم الأول بمحاولة الانقلاب الفاشلة.

والآن، يأمل أصحاب الشركات أن يؤدي نصر أردوغان في الاستفتاء الحاسم المقرر عقده يوم الأحد المقبل، 16 أبريل/نيسان، حول دستور جديد، إلى إنهاء فترة متقلبة أضرت بما كان يوماً ما واحداً من أفضل الأسواق الناشئة أداءً، وأثارت المخاوف في كل قطاع الشركات.

وعد الرئيس باستعادة الاستقرار لو جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم. لكنه لم يحدد إذا ما كان سوف يرفع حالة الطوارئ المفروضة منذ شهر يوليو/تموز أم لا، وهي خطوة لو تمت من شأنها أن تخفف من مخاوف المدراء التنفيذيين.

وقال مايكل هاريس، المدرس المساعد بجامعة سيراكيوس، والمحلل السابق: “لو استمرت حالة الطوارئ، فسوف تسوء حالة الاقتصاد، لكن لو تم رفعها، فسوف تتغير سيكولوجية الناس ــ إذ لن يخافوا من مصادرة ممتلكاتهم”، بحسب الصحيفة البريطانية.

لكن لو جاءت نتيجة الاستفتاء بلا، فثمة خطر العودة إلى عدم اليقين السياسي وتقلب السوق. إذ أصبحت الليرة، هذا العام، أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداءً، إذ انخفضت قيمتها بنسبة 27٪ أمام الدولار منذ محاولة الانقلاب. تشير استطلاعات الرأي إلى تفوق التصويت بـ(نعم) تفوقاً طفيفاً، لكنَّ السباق، على ما يبدو، ما يزال متوازناً.

وكتبت المحللة بشركة جلوبال سورس بارتنرز، أتيلا يسيلادا، يوم الأربعاء: “لو انتهى الاستفتاء بالتصويت بـ(لا) فإنني أتوقع فترة طويلة من الاضطرابات في السياسة التركية تنتهي بانتخابات مبكرة، قد يفوز بها حزب العدالة والتنمية وقد لا يفوز”.

وأدت حالة اللايقين السياسي وضعف ثقة المستثمرين والمستهلكين، مصحوبة بموجة من الهجمات الإرهابية أضرت بقطاع السياسة المتعثر، إلى أول تقلص في الاقتصاد التركي منذ 7 سنين، في الربع الثالث من عام 2016. عاد الاقتصاد إلى الارتفاع في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام، فسجل نمواً قدره 3.5٪، لكنَّ هذه الزيادة جاءت بعد تغيير الحكومة للطريقة التي تقيس بها المردودات.

وقالت سيتي غروب إنَّ هذا النمو الطفيف يعود بشكل كبير إلى الاستهلاك الشخصي، لكنها أضافت أنَّها ما تزال محتفظة بـ”رؤية حذرة حيال المستقبل”.

وقالت سيتي غروب في تقريرٍ اقتصادي أصدرته حديثاً: “إننا نعتقد أنَّ الميزانيات المثقلة للشركات/والأسر، مع زيادة الضوضاء السياسية وإعادة تسعير مخاطر البلاد، كلها عوامل تزيد من ضبابية المستقبل”.

وتعد ثقة المستثمرين ضرورية لبلد يعتمد على التدفقات قصيرة المدى لرأس المال لتمويل عجز ميزانيته الحالي. والشركات التركية هي الأخرى مثقلة بالديون الخارجية.

وبحسب فايننشال تايمز حاولت الحكومة استعادة بعض مستويات ثقة المستثمرين وإيقاف انخفاض الليرة من خلال تشديد السيولة ودعم العملة باستخدام سياسة معقدة لتحديد سعر الفائدة. لكنَّ التضخم حافظ على ارتفاعه بنسبة 11٪، بينما زادت نسبة البطالة عن 12٪ في شهر ديسمبر/كانون الأول.
وقال مالك أحد الشركات الكبيرة لصناعة النسيج، طلب بعدم الإفصاح عن اسمه: “كل من البطالة والتضخم يمكن إصلاحهما بمرور الوقت، بشرط تطبيق السياسات الصحيحة. لقد فعلت الحكومة هذا الأمر من قبل، لكنَّ السؤال هو ما إذا كان هذا الأمر في المرتبة الأولى من اهتماماتهم الآن أم لا. بالنسبة لي، يبدو أنَّ تركيز الحكومة على السياسة، لا الاقتصاد”.

وقال وولفانجو بيكولي، الرئيس المشارك لشركة تينيو إنتيليجنس، إنه من غير المرجح أن يكون هناك أية إصلاحات اقتصادية للـ12 شهراً القادمة. وقال: “سبب ذلك أنَّ تحقيق التناغم بين القوانين ومؤسسات النظام الرئاسي التنفيذي الجديد سوف تكون هي الأولوية لو جاءت نتيجة التصويت بالإيجاب”.

والآن يحاول أصحاب الشركات جاهدين الابتعاد عن دائرة الضوء.

وقال بيكولي، صاحب الشركة العائلية التي يعمل بها أكثر من 10 آلاف موظف: “لو قلت إنني أدعم الاستفتاء، لكن لدي بعض الشكوك، فسوف أهاجَم في وسائل الإعلام. ولو قلت إنني لا أدعم الاستفتاء، فسوف أهاجم أيضاً. لذا، فمن الأفضل ألا أقول أي شيء على الإطلاق، وأن آمل أن ينصلح الحال”.
هافينغتون بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.