الرئاسة التركية ترد على تلميحات أمريكية ربطت تركيا بوجود تنظيمات إرهابية في إدلب السورية

استنكر متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، تلميحات للمبعوث الأمريكي لمكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي، بريت ماكغورك، حول “صلة تركيا بتنظيمات إرهابية” في إدلب السورية.

جاء ذلك في حديث أدلى به المسؤول التركي مع إحدى المحطات التلفزيونية المحلية، والذي تطرق خلاله إلى عدد من القضايا والموضوعات.

قالن شدد على أن “تلميحات المبعوث الأمريكي حول صلة تركيا بوجود التنظيمات الإرهابية (بمدينة) إدلب (شمال) السورية، غير مقبولة”

ولفت أن “ماكغورك يعتبر أحد الوجوه المتبقية من عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وقد نشرت الصحافة العديد من الصور له خلال زيارات أجراها لمعاقل تنظيم (ب ي د) (الامتداد السوري لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية)”.

وذكر قالن أن “تركيا لا تسيطر على إدلب السورية، ولا تتحكم بها، فالقوى التي لها وجود هناك ولها قوات على مقربة من المنطقة هي أمريكا وروسيا، فضلا عن قوات النظام السوري”.

وأضاف “أما المناطق القريبة من الحدود مع تركيا فيقيم فيها عدد كبير من اللاجئين، لا سيما من تم إجلاؤهم من حلب (شمال). وتركيا عملت ولا تزال على تقديم المساعدات الإنسانية لهم”.

وأشار قالن إلى أن المنطقة المحاذية للحدود السورية التركية داخل الأراضي السورية، تحتضن ما بين مليون ونصف المليون إلى مليوني لاجئ، بعضهم يتمكن من دخول تركيا”.

وذكر المسؤول التركي أن “عمر الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011 بلغ ست سنوات، وثمة أخطاء جوهرية في استراتيجية محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي الذي لم يكن له وجود في سوريا حتى منتصف 2014”.

واستطرد في السياق ذاته “حتى ذلك التاريخ لم يكن هناك أحد بسوريا سوى نظام بشار الأسد، والمعارضة، ولم تشهد البلاد حربا بالوكالة آنذاك كما هو الحال الآن”.

ومضى قائلا “طالبنا في تلك المرحلة بإحداث تغيير في إطار المطالب المشروعة للشعب السوري، وتنفيذ عملية انتقال سياسي في البلاد”.

وتابع القول “إلا أن فشل إدارة أوباما في وضع استراتيجية بشأن سوريا، عن قصد أو غير قصد، دفع الأمور في المنطقة إلى وضع بالغ التعقيد، وأدى إلى ظهور داعش”.

وأشار قالن إلى أن “عدم إيجاد صيغة لحل الأزمة السورية، دفع العناصر المتشددة إلى التوافد على ذلك البلد قادمة من العراق، ومن أماكن أخرى، مثل أوروبا، والقوقاز، وآسيا الوسطى”.

وأوضح متحدث الرئاسة أن بلاده “حذرت في تلك الفترة من أن استمرار سير الأزمة في هذا الاتجاه، أمر من شأنه أن يجعلها قضية عالمية”.

ومساء الإثنين قال متحدث وزارة الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو، إن تصريحات ماكغورك، “يمكن اعتبارها تصريحات استفزازية”.

وحول مناطق خفض التوتر، أوضح قالن أن “هذه المرحلة جاءت، وسوريا تعيش وضعا مجزّأ، ووفرت تلك المناطق بديلا في ظل انسداد عملية جنيف لإيجاد حل للأزمة السورية”.

وأكد أن “الاتفاق الروسي التركي حول تلك المناطق (خفض التوتر) لا يشكل بديلا لجنيف بل مرحلة مكملة لها”.

وكانت روسيا وتركيا وإيران (كأطراف ضامنة) قد اتفقت على إنشاء أربع “مناطق خفض توتر” إحداها في الغوطة الشرقية، وذلك في إطار المباحثات التي جرت بالعاصمة الكازاخية أستانا في مايو / أيار الماضي.

وعلى مدى أشهر مضت رعت الأمم المتحدة جولات من المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام في مدينة جنيف السويسرية، كانت آخرها “جنيف 7” التي اختتمت في الرابع عشر من يوليو / تموز المنصرم.

استفتاء انفصال الإقليم الكردي شمالي العراق

وفي الشأن العراقي، قال قالن إن الاستفتاء على انفصال الإقليم الكردي شمالي البلاد “لن يكون الصيغة التي من شأنها إيجاد حل للعديد من المشكلات التي يشهدها العراق، لا سيما الاقتصادية والأمنية منها”.

ولفت في السياق ذاته إلى أن “الأكراد في حقيقة الأمر لهم منطقة فيدرالية، وبرلمان، ويجرون انتخابات خاصة بهم. لذلك لا بد من إيجاد مناخ أكثر ملائمة من أجل حل المشكلات المستمرة (بين الإقليم وبغداد)”.

وشدد المسؤول التركي على أن هناك علاقات موغلة في القدم تربط العراق بتركيا، مشيرا إلى أن هناك روابط قرابة مستمرة منذ سنوات بين الأتراك من جهة والعرب والأكراد والتركمان من جهة أخرى.

كما جدد تأكيد بلاده أن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية وسيادتها وتحقيق أمنها “أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى تركيا، فضلا عن أهمية تحقيق السلام الداخلي في البلاد، وضمان رفاهية الشعب”.

متحدث الرئاسة التركية ذكر أن كل هذه الأمور “مرتبطة ببعضها بعضا، ومن الممكن تنفيذها في آن واحد شريطة إنشاء سياسة تحتضن الجميع، يشعر كل فرد من خلالها أن العراق وطنه”.

ولفت إلى وقوف بلاده على مسافة واحدة من كافة مكونات الشعب العراقي، سنة وشيعة وتركمانا ومسيحيين وإيزيديين، مضيفا “نحن نعمل على إيجاد مناخ ينعم من خلاله الجميع بالوحدة”.

والاستفتاء المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر المقبل غير ملزم، ويتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاث بالإقليم الكردي، وهي أربيل والسليمانية ودهوك فضلا عن مناطق متنازع عليها، فيما إذا كانوا يرغبون بالانفصال عن العراق من عدمه.

وعلى مدى الأسابيع الماضية قالت الحكومة العراقية ومسؤولون سياسيون بالبلاد إن هذه الخطوة لا تتوافق مع دستور البلاد الذي أقر في 2005، بعد عامين من الإطاحة بالنظام الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ولا تصب في مصلحة الأكراد سياسيا واقتصاديا وقوميا.

الاستفتاء يثير مخاوف دولية من أن ينعكس سلبا على الوضع في العراق، خاصة أن البلد لا يزال يخوض حربا ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

وترفض تركيا إجراء هذا الاستفتاء، وتؤكد أن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة.

الممارسات الإسرائيلية بالقدس

وفي الشأن الفلسطيني، قال متحدث الرئاسة التركية إن “إسرائيل تحاول في ظل سياسة الاحتلال التي تمارسها منذ أكثر 50 عاما إقصاء الفلسطينيين، والقضاء عليهم، وتغيير فلسطين وهويتها الدينية.”

متحدث الرئاسة التركية جدد تأكيد رفض بلاده للممارسات الإسرائيلية الأخيرة في المسجد الأقصى، وما نتج عن ذلك من سقوط قتلى وجرحى.

وأوضح أن المشكلة تكمن في سياسات إسرائيل، وليس في المسجد الأقصى، لافتا إلى أن “الصحافة الغربية تحاول أحيانا تصدير المسألة على أنها مشكلة مسجد أقصى، أو قضية فلسطينية أو ما شابه”

وأشار إلى أن التدابير الأمنية التي اتخذتها إسرائيل عند المسجد الأقصى “لا يمكن بأي حال قياسها بنظيرتها في البلدان الأخرى، لأن إسرائيل هناك قوة احتلال ولا يحق لها أن تتحكم في دخول المسلمين وخروجهم من أماكن عبادتهم”.

وفي السياق ذاته شدد قالن على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى أن التصريحات الإسرائيلية المستمرة التي تقول عكس ذلك “ليس لها أي سند سياسي أو قانوني.”

وأوضح قالن أنه طالما استمرت القضية الفلسطينية على ما هي عليه حاليا، “فإن السياسة بالشرق الأوسط لن تنعم بأي نوع من العدالة أو السلام”.

وعن الجهود التي قامت بها تركيا خلال الممارسات الإسرائيلية الأخيرة، ذكر قالن أن الرئيس رجب طيب أردوغان سلك الطرق الدبلوماسية قبل أن يقوم بأية تصريحات، واتصل على الفور بنظيره الإسرائيلي رؤوفين ريفلين.

وأضاف “كما اتصل الرئيس التركي بعدد من رؤساء البلدان الإسلامية، وتناول الأوضاع في القدس، وأدلى بتصريحاته فيما بعد، بحكم أنه الرئيس الدوري لقمة منظمة التعاون الإسلامي”.

وذكر قالن أن “اجتماع اللجنة التنفيذية لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي سيلتئم برئاسة وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو (لم يحدد متى)، ليصدر عنه بيان إرادة قوي يؤكد ضرورة حماية القدس، والمسجد الأقصى قبل أي شيء”

وعلى مدار أسبوعين، بدأ في 14 يوليو / تموز المنصرم توتر بالقدس والمدن والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إثر قيود فرضتها السلطات الإسرائيلية على دخول المسجد الأقصى.

وخلال تلك الفترة، قمعت الشرطة الإسرائيلية تظاهرات فلسطينية عديدة رافضة لتقييد الدخول إلى المسجد، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الفلسطينيين، قبل أن تتراجع عن تلك القيود مساء الجمعة الماضية وتسمح بدخول المصلين دون شروط.

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.