رئيس وزراء أفغاني أسبق: نريد “دورًا فعالاً” لتركيا في السلام ببلادنا

وقال أحمد زاي، في مقابلة مع الأناضول، خلال زيارة خاصة أجراها لإسطنبول التركية لأسباب علاجية، إن “تركيا يمكنها أن تتوصل إلى خطة سلام خاصة بعد اجتماعها مع جميع الأطراف المعنية” بعملية السلام.

وأحمد زاي، مجاهد سابق، كان له دور فعّال في محاربة الحكم الشيوعي المدعوم من قبل السوفييت، في بلاده بين عامي 1987 و1992. وانضمّ بعد ذلك إلى “الاتحاد الإسلامي”، الذي كان يعد أحد المجموعات الرئيسية التي قاتلت للسيطرة على العاصمة الأفغانية كابل، منذ 1992 وحتى 1996، عندما استولت طالبان على السلطة.

وخلال هذه السنوات الأربع من الحرب الأهلية في البلاد، تسلّم أحمد زاي، حقائب وزارية مختلفة في ظل رئاسة برهان الدين رباني. كما أصبح رئيسًا للوزراء في أفغانستان لفترة قصيرة بين عامي 1995 و1996.

وقال أحمد زاي، للأناضول، متحدثًا بلغته الأم الدارية (أحد أشكال اللغات الفارسية القديمة)، إن “الأفغان يريدون أن تلعب تركيا دورًا أساسيًا في عملية إحلال السلام ببلادهم”، مضيفًا أن “الأفغان يعوّلون كثيرًا على تركيا ويتوقعون منها الكثير، خاصة أن موقفها كبلد إسلامي في الساحة الدولية واضح تمامًا”. وتابع: “تركيا جادّة في صداقتها مع أفغانستان، ويمكن أن تلعب دورًا هامًا في إحلال الاستقرار والسلام فيها”.

واقترح أحمد زاي أن “تقوم تركيا باستضافة محادثات بين مجلس السلام الأعلى الأفغاني بقيادة الحكومة، وممثلين عن طالبان في أفغانستان، وأن تضع خطة سلام من شأنها أن تحل الأزمة” في البلاد.

ولفت أيضًا إلى أن “تركيا يمكنها أن تقدّم خطتها بشأن السلام لجميع الأطراف، وتجهّز حلًّا للأزمة بناءً على المعلومات التي تجمعها”، متابعًا: “في هذا الصدد، يمكن دعوة الرئيس الأفغاني، أشرف غني، وطالبان، ولجان من الجماعات الأخرى المؤيدة لعملية السلام، إلى تركيا”.

وبخصوص شروط طالبان للتوصل إلى حل مع الحكومة الأفغانية، قال أحمد زاي: “طالبان لديها شروط لتحقيق السلام. من تلك الشروط هو انسحاب القوات الأمريكية من التراب الأفغاني”، مضيفًا أن “قبول هذا الشرط من قبل الحكومة الأفغانية، برأيها، صعب. وإدارة كابل تحتاج أيضًا لطرح حل بين طالبان والولايات المتحدة”. كما أشار أحمد زاي إلى حقيقة أنه لا يوجد حاليًا أي جدول زمني يحدد متى تنسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

وقال: “يجب على الولايات المتحدة تقديم برنامج وجدول زمني لطالبان تحدّد فيه متى ستغادر الأراضي الأفغانية في المستقبل القريب أو البعيد”، مضيفًا: “على سبيل المثال، يمكن أن تقدم الولايات المتحدة بيانًا تقول فيه إنها ستغادر أفغانستان، خلال 10 إلى 20 عامًا، وهذا ما تريده طالبان”.

وحول ادعاءات علاقات طالبان “العميقة” مع إيران وروسيا وخطر اندلاع حرب بالوكالة من خلال “داعش” الإرهابي في أفغانستان، قال أحمد زاي إن “السلام فى بلاده مستحيل دون موافقة الولايات المتحدة وروسيا”، مضيفًا أنه “يجب على الحكومة الأفغانية أن تعطي الأولوية لتحقيق جو من الوحدة والتكامل مع الشعب الأفغاني”. وتابع: “في وقت لاحق، ينبغي لها تنسيق محادثات السلام مع الولايات المتحدة وروسيا وغيرها. السلام في هذه المنطقة غير ممكن بدون موافقة الولايات المتحدة وروسيا”.

كما أعرب عن رفضه لفكرة أن “حروب الوكالة التي تدعمها روسيا أو الولايات المتحدة يمكن أن تصبح ناجحة في أفغانستان”، مضيفًا: “لا يمكن شن حرب بالوكالة (بنجاح) في أفغانستان؛ إذ ليس لدى الروس أي استعدادات في أفغانستان لمثل هذه الحرب. فهم يؤيدون طالبان فقط”.

وتابع بالقول “لا يوجد لداعش وجود في أفغانستان. يجب على الحكومة الأفغانية أن تجتمع مع طالبان وتتفاوض معها. وبهذه الطريقة فقط، يمكن القضاء على تنظيم داعش وغيره من التنظيمات”. وقال أيضًا إن “وجود روسيا في أفغانستان خفيّ الآن. وعلى حد علمي، فإن إيران وروسيا تدعمان طالبان في أفغانستان. هناك بعض الأخبار عن ذلك، لكن لم يتم تأكيدها”. واستطرد بالقول: “هناك أيضا تقارير إخبارية تشير إلى أن داعش انتقلت من سوريا والعراق إلى أفغانستان بمساعدة الولايات المتحدة”.

وفيما يتعلق بعودة زعيم المجاهدين السابق، قلب الدين حكمتيار، الذي يرأس حاليًا “الحزب الإسلامي”، إلى أفغانستان، قال أحمد زاي، للأناضول: “حتى الآن لا يوجد أي أثر إيجابي لهذه الخطوة”، مضيفًا: “منذ عودته إلى كابل، بعد توقيعه اتفاق السلام مع الحكومة، لم يكن له أي تأثير فعّال على طالبان من ناحية دفعها نحو طاولة المفاوضات”. وزعم أنه “ليس لدى (حكمتيار) أي اتصال مع حركة طالبان”، مضيفًا: “كان عليه (حكمتيار) أن يتفاوض مع طالبان قبل أن يتّحد مع الحكومة، لكنه لم يفعل ذلك”. وتابع: “هو لم يقدّم أي شيء من أجل عملية السلام، قبل أن يحصل على امتياز وتنازل من الحكومة الأفغانية”.

وحارب الحزب الإسلامي الحكومة الأفغانية منذ 1992، قبل أن يوقع الحزب، في سبتمبر/أيلول 2016، اتفاق سلام مع الرئيس الأفغاني، أشرف غني، عاد بموجبها حكمتيار إلى البلاد، ودخل حزبه في العملية السياسية.

وأعرب أحمد زاي عن حزنه إزاء “الوضع المؤسف” في بلاده قائلًا إن “أفغانستان تمر بأزمات في مجال البطالة والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية”. وأضاف أن “لدى الحكومة نقاط ضعف في البيروقراطية والجيش”، متابعًا: “الحكومة ضعيفة للغاية في الجانب العسكري؛ ويكاد لا يكون لها أي سيطرة على قوات الأمن وقادة الجيش”. وقال أيضًا: “الولايات المتحدة تدعم الحكومة المركزية. وأفغانستان بلد لا تسيطر فيه الحكومة ولا الولايات المتحدة على المناطق كلها”.

ودعا أحمد زاي الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى الاستقالة من منصبه. وقال: “المجتمع غير مستقر، والحكومة عاجزة…وأفضل طريقة للمضي قدمًا هي استقالة حكومة أشرف غني”، مضيفًا أنه “يجب إقامة لجنة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات، لكن الرئيس غني يقول: صوتت الجمعية لصالحي لمدة خمس سنوات. وسأكمل ولايتي”.

واعتبر أحمد زاي أن تنظيم “القاعدة” الإرهابي “لم يعد يشكل تهديدا” على أفغانستان، مشيرًا إلى أن “نفوذهم في أفغانستان وباكستان لا يُذكر”.

يشار إلى أن مسؤولين من الحكومة الأفغانية التقوا، الأسبوع الماضي، وفدًا يضم ممثلين عن حركة “طالبان”، خلال اجتماع عقد في مدينة إسطنبول؛ لتمهيد الطريق أمام عقد مفاوضات رسمية لإحلال السلام في أفغانستان.

كما أعربت الخارجية الروسية، الأربعاء الماضي، عن استعداد موسكو لاستضافة مفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية، وحركة طالبان، إلا أن واشنطن عارضت ذلك.