لقد انتهينا منكم تلك الليلة.. وفضحناكم في الداخل وسنهزمكم في الخارج

لن تستطيعوا وضع تركيا في هذا القالب الضيق بعد اليوم، ولن تتمكنوا من الحكم عليها من جديد بالالتزام بعلاقة التبعية تلك، وذلك المحور من خلال التهديدات والابتزازات وقطع الطريق والمؤامرات. لن تقدروا أن تكونوا من يضع تعريفات لهيكل سياستها الداخلية وحساباتها السلطوية ومخاوفها الأمنية، كما لن تستطيعوا رسم خريطة طريقها الاقتصادية، كما ليس بمقدوركم أن تقرروا ما يصلح وما يضرّ، ومَن الصديق ومَن العدو لتركيا.

لن تستطيعوا توجيه دفة هذا البلد من خلال الجماعات الإرهابية غير المسلحة في الداخل، كما لن يكون باستطاعتكم تنفيذ العمليات أو إعادة تنظيم شؤون هذا لبلد وتنصيب من تريدون من كوادر سياسة في السلطة. لن تقدروا على تسميم عقول هذا الشعب بالعبارات المنمقة، أو تشكيل الجبهات، أو تطبيق سيناريوهات الحرب الأهلية من خلال الهويّات العرقية والمذهبية.

تجربون في الخارج ما فشلتم في تحقيقه في الداخل..
لم يعد هناك شيء يمكنكم فعله في هذا البلاد من خلال التنظيمات الإرهابية، ولن تستطيعوا التدخل في البنية الداخلية لتركيا عن طريق تنفيذ الهجمات الانتحارية في المدن وإضعاف حدودنا والتحريض على أعمال الإرهاب العرقي في جزء من أراضينا واستغلال هذه الأعمال كسلاح لضربنا. وإن وضعتم حسابات تقزيم تركيا من خلال هذه الخطوات، فلن تستطيعوا تنفيذها بأي حال.

إنكم تهاجموننا اليوم من الخارج، من سوريا، لأنكم فشلتم في فعل ذلك، وتشكلون “جبهة تركيا” الممتدة لمئات الكيلومترات، وتنقلون إلى تلك المنطقة عناصرَ التنظيمات الإرهابية من الولايات المتحدة ومن مختلف بلدان أوروبا، كما تنقلون آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة لتهاجموا تركيا من خلال بي كا كا وداعش.

الجنود الأمريكان يستهدفون جنودنا ودباباتنا!
إنكم تخططون لتنفيذ ما فشلتم في تنفيذه في الداخل على الجانب الآخر من حدودنا الجنوبية، وتحرّضون إرهابيّي داعش على مهاجمة تركيا بعد استغلال أكذوبة قتال داعش كستار لذلك. كما أنكم تجهزون تنظيم بي كا كا تجهيز الجيش، وتعلنون الحرب على هذا البلد (تركيا).

إن الجنود الأمريكيين يوجهون لنا التهديدات والسلاح على حدودنا، كما يستهدف جنودنا ودباباتنا ومروحياتنا بالأسلحة والصواريخ الأمريكية التي تُطلق من قبل جنود أمريكيين يرتدون زيّ عناصر بي كا كا.

لقد انتهينا منكم تلك الليلة…
لقد هاجمتم تركيا من قبل من خلال منظّمة غولن الإرهابيّة، وحاولتم تمزيق أراضيها. وقد كان الدرس الذي لقنّه شعبنا لكم تلك الليلة ملحمة بطولية. وشهدت تلك الليلة ما نسميه لحظة التحول التاريخية، حينها أعيدت علاقات تركيا مع الغرب إلى نقطة الصفر.

لقد انتهينا منكم تلك الليلة حين حفر في أذهان شعبنا أن التهديد لا يأتينا من الشرق أو الجنوب، بل يأتينا من الغرب من ناحية أوروبا والولايات المتحدة وحلف الناتو. لقد خسرتمونا تلك الليلة وقت أن تمّ توجيه الهجوم إلينا من القواعد الأمريكية. واليوم فالتنظيمات الإرهابيّة التي تهاجم تركيا تدار من القواعد الأمريكية التي تحدّد كذلك حركة السلاح ويصدر عنها التعليمات.

لقد فشلتم في تدمير تركيا من الداخل تلك الليلة، والآن تجرّبون طريقة جديدة، تشكلون جبهة على الجانب الآخر من حدودنا لتعدون العدة لمهاجمة أراضينا. لكنّكم ستفشلون هذه المرّة أيضًا في تنفيذ ما فشلتم في تنفيذه في الداخل.

فضحناكم في الداخل وسنهزمكم في الخارج
افهموا هذا جيدا، اقرأوا التاريخ، ادرسوا تركيا، افهموا منطقة الشرق الأوسط. فمن المستحيل تركيع شعب يصنع التاريخ منذ ألف عام في هذه المنطقة من خلال هذه السيناريوهات، مستحيل أن تضغطوا على دولة كتركيا وتجعلوها في خانة اليك عن طريق استفزازها بتنظيم أو ببضعة تنظيمات إرهابية.

لقد أدركنا بعض الحقائق ليلة 15 يوليو/تموز، واليوم انتقلنا إلى المرحلة الثانية من هذا الإدراك. ولو كنا قد نجحنا في صدّ العدوان الداخلي تلك الليلة، فسنصدّه اليوم أيضًا من الخارج. فهكذا ستكون صورة تركيا من الآن فصاعدًا.

إنكم أمام تركيا التي تحركت جيناتها السياسية، سواء شئتم أم أبيتم. فتركيا لن تدافع بعد اليوم، بل ستهاجم، فهي دولة تدرك جيدًا من تواجه، فتعدّ العدة وتتخذ القرارات المناسبة لمواجهته.

لن يتمكن أيّ جندي أمريكي من البقاء هناك..
لقد اختفت تلك الدولة التي حكمتم عليها بالتبعية من جانب واحد لعشرات السنين وجعلتموها تعاني الأمرّين وتصير غريبة وسط جيرانها وتكنّ العداء لتاريخها بعدما سيطرتم على نظرتها لكلّ شيء. إننا اليوم أمام تركيا التي تعلم أن العالم أكبر من الولايات المتحدة، وأنّ ثمة خريطة وعقلًا سياسيًّا بخلاف القارة الأوروبية.

أطلقت عملية غصن الزيتون في عفرين للتصدّي لهذا السيناريو الدولي الكبير؛ إذ تحركت تركيا لا لمواجهة بي كا كا وداعش فقط، بل للتصدي لمخطط واسع يشمل القرن الحادي والعشرين بأسره. ولا ريب أنّ هذه المنطقة ستطهر من التنظيمات الإرهابية والعناصر الاحتلالية وجهات التدخل الخارجي سواء شاءت الولايات المتحدة أم أبت. وسترون أن أحدًا من الجنود الأمريكان الذين يستعرضون قواهم على حدودنا اليوم لن يستطيع البقاء هناك.

هذا كفاح طويل الأمد في القرن الحادي والعشرين
ستُطَهّر منبج، وبعدها شرقيّ الفرات، من هذه العناصر الإرهابية سواء شاءت واشنطن أم أبت، فلن يصغي أحد لتكتيكات المراوغة ووعود المماطلة التي سيحاولون خداعنا بها. ذلك أنّ التهديد قريب وجرى التعرّف عليه تمامًا. لقد كشف النقاب عن السيناريو بجميع تفاصيله، ولم يخف منه شيء.

إنّ تركيا تكافح كفاحًا شديدًا في الداخل وفي محيطها، وهو كفاح طويل الأمد سيترك علامته على القرن الحالي وسيعيد تشكيل تركيا جديدة. ولقد أُطلق هذا الكفاح بوعي متواصل منذ أيام الحروب الصليبية إلى اليوم.

لقد انتهت كذلك القوة المسيطرة للولايات المتحدة وأوروبا على تركيا، وعندما يخسرون جميع دول المنطقة سيدركون نتيجة خسارتهم لتركيا والاستعاضة عنها بالتنظيمات الإرهابية.

لقد تحرّك “العقل المؤسس” و”الجيل المؤسس”..
لقد تحرّك مجدّدًا “العقل المؤسس” الذي يوقف تركيا على قدميها عند كل أزمة كبرى، ليجري تغيير مجرى التاريخ من أجل بداية عظيمة وصعود كبير.

إن الجيل الحالي، بزعيمه السياسي وكادره وجيشه وشرطته وعالم أعماله وإعلامه ومنظمات مجتمعه المدني، هو جيل التأسيس الذي يمثل ذلك “العقل المؤسس” الذي سيترك بصمته لقرون تالية.

إن شعبنا يخوض كفاحا مباركا، كفاح يدور اليوم في عفرين، وغدًا سيدور شرقي الفرات، لكنه دائما سيكون على الجانب الآخر من حدودنا…

وسنواصل مسيرتنا بصبر وعزيمة وحماس…

ابراهيم كراجول + يني شفق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.