لهذه الاسباب فقدت تركيا الثقة بالولايات المتحدة

فقدت تركيا ثقتها بالولايات المتحدة، لأسباب عديدة، أبزرها، دعم واشنطن لتنظيمات إرهابية، مثل ميليشيات “ب ي د/ بي كا كا”، وتخليها عن دعم المعارضة السورية المعتدلة، والاستعاضة عنها بالتعاون مع “ب ي د”، فضلا عن حمايتها زعيم حماعة “غولن” الإرهابية.

وبدأت مرحلة فقدان الثقة التركية بالولايات المتحدة، مع تغيير واشنطن سياستها في سوريا، عندما اتجهت للتعاون مع “ب ي د/ بي كا كا” بهدف محاربة تنظيم داعش الإرهابي في إطار مساعيها لاكتساب مناطق نفوذ شمالي سوريا.

ففي أواخر العام 2014، أطلقت تركيا والأردن بدعم من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، مشروعا لتدريب وتسليح قوات المعارضة السورية المعتدلة، وفي الوقت ذاته، أمّنت واشنطن غطاء جويا مكثفا لمليشيات “ب ي د/ بي كا كا” الإرهابية لدحر داعش من منطقة عين العرب/ كوباني شمال سوريا.

وشكلت هذه الخطوة في عين العرب اللبنة الأساسية لـ “الشراكة الكبيرة” بين الولايات المتحدة و “ب ي د/ ب كا كا”، إذ بدأت المرحلة الثانية من التعاون بين الجانبين، في مدينة تل أبيض، حين أحكمت الميليشيات الإرهابية السيطرة عليها بدعم أمريكي أواخر مايو 2015.

 التخلي عن المعارضة المعتدلة والتحالف مع المليشيات

أعلن أوباما في أكتوبر 2015، فشل برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، مشيرا إلى أن واشنطن ستعزز من تعاونها مع “ب ي د/ بي كا كا”.

ولتجنب إغضاب تركيا، لجأت واشنطن إلى إطلاق اسم “قوات سوريا الديموقراطية/قسد” على التنظيم الجديد الذي يشكل إرهابيو “ب ي د” عموده الفقري، وهو ما أكد عليه القائد في القوات الخاصة الأمريكية رايموند توماس، حين اعترف منتصف 2017، بأن بلاده ابتكرت “لعبة قسد” لخشيتها من ردة فعل تركيا.

وبالرغم من تحذيرات تركيا المتكررة في هذا الشأن، إلا أن الجيش الأمريكي واصل تقديم كافة الإمكانيات اللازمة لنمو “ب ي د/ بي كا كا” وتوسع مناطق سيطرتها.

 غربي الفرات ومنبج والخداع الأمريكي

أطلقت الولايات المتحدة وعدا بأن ميلشيات “ب ي د” لن تتمدد إلى غربي نهر الفرات، لكنها لم تلتزم بذلك وسمحت لها بتجاوز النهر في صيف عام 2016، وعقب ذلك أعطت ضمانات جديدة لتركيا بأنها ستسحب الميليشيات من منبج عقب طردها تنظيم داعش من المدينة، لكنها أخلت بوعدها مرة ثانية.

ولم تكتف الولايات للمتحدة بهذا القدر، إنما جعلت قواتها تتمركز مع ميليشيات “ب ي د” إثر تقدم القوات التركية نحو حدود منبج ضمن إطار درع الفرات.

تأسيس قواعد للتنظيم وإمداده بالسلاح

بهدف تعزيز دعمها لميليشيات ب ي د، أسست الولايات المتحدة قاعدتين جويتين في كل من الحسكة وعين العرب، كما فرزت جنودها في 10 نقاط عسكرية، فضلا عن تقديمها كميات كبيرة من الأسلحة للميليشيات بواسطة طائرات الشحن وآلاف الشاحنات عبر شمال العراق.

وبالرغم من نفي الولايات المتحدة أنباء دعمها “ب ي د”، إلا أن استمرار توافد شاحنات الأسلحة إلى التنظيم، ساهم بشكل كبير في زعزعة ثقة أنقرة بواشنطن.

ومع انتهاء فترة رئاسة أوباما، توجهت الأنظار إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب لإصلاح أزمة الثقة مع تركيا.

استمرار الوعود الكاذبة في عهد ترامب

عقب توليه الحكم أوائل عام 2017 خلفا لسلفه أوباما، أنشأ ترامب فريقا مسؤولا عن قضايا داعش و”ب ي د/ بي كا كا”، ومن ثم قدمت دعما كبيرا للميليشيات الإرهابية في العمليات بكل من الرقة ودير الزور.

وتمكنت العمليات في كل من الرقة وشرقي دير الزور في تطهيرها من تنظيم داعش، إلا أن الإدارة الأمريكية تركت هذه المناطق بعد ذلك لميليشيات “ب ي د/ بي كا كا”.

وفي هذا الصدد، سلمت الولايات المتحدة السيطرة للميليشيات الإرهابية في 65 بالمئة من الحدود التركية السورية، وأكثر من 25 بالمئة من أراضي الجمهورية السورية.

وكما هو الحال في منبج، أعلنت الولايات المتحدة أن تواجد الميليشات الإرهابية في الرقة لن يطول، وأنها ستسحب الأسلحة التي قدمتها لها، إلا أن إدارة ترامب لم تلتزم بوعدها هذا أيضا، بذريعة القلق من عودة داعش إلى المدينة.

إنشاء جيش منظم للميليشيات الإرهابية

بعد القضاء على خطر داعش بشكل كبير، بدأت الولايات المتحدة السعي لإنشاء كيان عسكري منظم ودائم لميليشيات “ب ي د/ بي كا كا” شمالي سوريا.

وساهم هذا الكيان الذي أطلقت عليه واشنطن “قوات حفظ الحدود” أو “جيش الشمال” في خلق أزمة جديدة بين الولايات المتحدة وتركيا.

وعقب إحراز وكالة الأناضول سبقا صحفيا بشأن خطة أمريكا في إنشاء جيش إرهابي، أطلق المسؤولون الأمريكان تصريحات عديدة للخروج من هذا المأزق.

لكن من جهة أخرى، اتضحت نوايا واشنطن الحقيقية عقب إعلانها تخصيص 550 مليون دولار من ميزانيتها لعام 2019، لتحويل ميليشيات ب ي د/ ب كا كا الإرهابية إلى جيش.

احتضان الولايات المتحدة للإرهابي “غولن”

يعتبر إصرار الولايات المتحدة في حماية زعيم تنظيم “غولن” المقيم على أراضيها، سببا آخر مهم من أسباب فقدان الثقة التركية بحليفها الاستراتيجي الأمريكي.

وساهم تأخر الولايات المتحدة في إعلان تضامنها مع الحكومة التركية الشرعية خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، في زيادة شكوك الشعب التركي، حيث لم يعلن المسؤولون الأمريكان موقفهم الواضح من المحاولة إلا بعد تأكد فشلها.

وفيما بعد، بدأت مرحلة المفاوضات بين تركيا والولايات المتحدة لإعادة “غولن” المقيم في بنسلفانيا، حيث قدمت أنقرة ملفات ووثائق كثيرة لواشنطن تثبت ضلوع غولن في محاولة الانقلاب الفاشلة، مطالبة إياها بالقبض عليه.

لكن الولايات المتحدة تجاهلت اتفاقية إعادة المطلوبين مع تركيا، حيث لم تكتف برفض تسليم غولن، إنما رفضت استجوابه أيضا، لتظهر بذلك حمايتها العلنية لزعيم الجماعة الإرهابية.

 استخدام ملف غولن ضد تركيا

ملف آخر ساهم في زعزعة الثقة، هو قيام القضاء الأمريكي باعتقال النائب السابق لمدير “خلق بنك” التركي “محمد هاكان أتيلا أواخر 2017.

وتعتبر الإدعاءات والتهم الموجهة ضد أتيلا، مؤشرا على نية الولايات المتحدة في استخدام قضية غولن ضد تركيا مجددا.

وفي 3 يناير الماضي، أدين “أتيلا” بخمس تهم من أصل 6 وجهت له، فيما تمت تبرئته من تهمة “غسيل الأموال”، في حين يؤكد فريق الدفاع نقص أدلة الإدانة.

والتهم التي أدين بها هي: خرق عقوبات واشنطن على إيران، والاحتيال المصرفي، والمشاركة في خداع الولايات المتحدة، والمشاركة في جريمة غسيل أموال، والمشاركة في خداع البنوك الأمريكية.

 

 

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.