الدولار والانتقام الاقتصادي: “العملاء في الداخل” تحركوا على الفور.. هذا أكبر هجوم غير أخلاقي!

هل تظنون أن الهجمات التي تشنها بعض الجهات ضد تركيا من خلال رفع سعر الدولار أمام الليرة تستند فقط إلى حجج اقتصادية؟ فقد وضعت بعض الأوساط البنية التحتية النفسية لـ”بعض الأشياء” من خلال الاستنتاجات الاقتصادية الكبيرة والنصائح الموجهة والاستخفاف بتركيا وإظهار الأوضاع وكأن “كل شيء يسير نحو نفق مظلم”، وها هي تلك الأوساط نفسها تظهر بصفتها “العملاء الداخليين” للهجمة الشرسة التي تستهدف تركيا من خلال سعر الدولار.

إننا نواجه حربا اقتصادية، هجوما انتقاميا. إن ما يحدث هو محاولة معاقبة تركيا لأنها لم تركع. ومن الواضح أن جميع قرارات “العقوبات” المتتالية ذات بعد سياسي. فالدول والأوساط التي خططت لهجوم 15 يوليو ونفذته، قدمت الحماية لمن أطلقوا النار على أبناء الشعب التركي تلك الليلة، وهي الآن تريد التضحية كذلك بمن أطلقوا شرارة الدفاع عن هذا الوطن.

حتى لو أفرجتم عن برونسون فالهجوم سيستمر

هذا أكبر هجوم غير أخلاقي عرفه التاريخ!

إن هذا هو أكبر هجوم غير أخلاقي عرفه تاريخ البشرية. إن حجة هذه الهجمات بالانتقام في الداخل وخارجيا إجبار تركيا على تنفيذ العقوبات الأمريكية ضد طهران هو تحويل تركيا على مستوى أعلى لوجهتها صوب منطقة أوسع من العالم، لا سيما أسواق آسيا الواعدة. يقولون لنا “ستدفعون الثمن لو رفضتم التبعية أحادية الجانب”، يقولون لنا “فشلنا في إخضاعكم بالإرهاب ومحاولات الانقلاب وسيناريوهات الحرب الأهلية، والآن سنخضعكم بحملات الابتزاز الاقتصادية”.

إنهم يشنون هجوما وحربا اقتصادية للحصول على نتائج سياسية. وبغض النظر عن قولكم “يمكننا تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة”، فإن هذا الضغط لن يتوقف، وحتى لو أطلقتم سراح القس برونسون فإن الهجمات ستتوالى. ذلك أننا أمام عملية تفريق وتصفية حسابات جذرية تماما. إن هذا كفاح البقاء على قيد الحياة بالنسبة لتركيا.

حملة تضليل موجهة للداخل!

إن الهجوم الاقتصادي وعملية الاستهداف ما هي إلا الحلقة الحالية لعملية أكبر موجهة ضد تركيا بشكل مكثف خلال السنوات العشر الماضية، فهي جزء من مخطط “إيقاف تركيا وتقليص قدراتها” الذي بدأ بإرهاب متنزه غيزي واستمر بحملة 17-25 ديسمبر وتحول إلى هجوم انتحاري ليلة 15 يوليو. ومن يقول إن شيئا كهذا ليس موجودا، فاعلموا أنه إما جاهل أو متورط في هذه المؤامرة.

يخرج علينا البعض، وكأن هذه الأشياء لم تحدث، ويحاول تحليل كل هذه الأحداث من خلال المؤشرات والحجج الاقتصادية وقلة الحيلة، فما يفعله سوى محاولة “تضليل موجهة للداخل”. وإذا كان من يفعل هذا الأمر ليسوا أفرادا بل “أوساط”، فهذا يعني أن تلك الأوساط تولت، بنسبة كبيرة، مهمة تنفيذ “عملية داخلية” أو أنها تطلق دعوة لتنفيذ عملية كهذه.

ألا نرى تأثيرات الحرب الاقتصادية العالمية على الجانب التركي؟ ألا ندرك حقا تأثيرات هذه الهزات السياسية والجيوسياسية على تركيا؟ كيف يمكن للبعض أن يروج لما يحدث على أنه فشل الإدارة الاقتصادية في تركيا في حين تحاول الولايات المتحدة الانتقام منا؟

هل الإدارة الاقتصادية الصينية والروسية والألمانية كذلك فاشلة؟

هل فشل الإدارة الاقتصادية للصين هي سبب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة التي يقدر التبادل التجاري بينهما بمئات المليارات من الدولارات؟ ألا تدركون أن تصفية الحسابات هذه التي تتابعونها حاليا من خلال “الاقتصاد والتجارة” ستنتقل في المستقبل القريب إلى المجالين الأمني والجيوسياسي؟ ألا تفهمون أن هذه الوتيرة ستنشر تأثيرها من المحيط الهادئ إلى سواحل أفريقيا وأنها ستفضي إلى نشوب حروب أهلية؟

أتظنون أن فشل الإدارة الاقتصادية الروسية هو سبب الصراع الاقتصادي الكبير بين روسيا والولايات المتحدة وقرارات العقوبات المتتالية؟

ألا يفهم الروس في الاقتصاد ولهذا يدفع اقتصادهم الثمن؟ أو لماذا لا تقبل روسيا الإملاءات والضغوط والهجمات التي تتلقها من الغرب لترح بالها؟ ما سبب صمود موسكو في مواجهة كل ما يحدث؟ أتعتقدون أن مصدر التوتر الحالي بين روسيا والولايات المتحدة هو فقط الاقتصاد بمعناه الضيق؟

نعلم أن ألمانيا لن تنفذ قرارات العقوبات المفروضة على إيران، فهل الألمان فاشلون اقتصاديا؟ لماذا تتمرد ألمانيا التي تعتبر من أكبر حلفاء الولايات المتحدة لوقوعها تحت وصايتها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية؟ ألا يعلم الألمان أن صعود بلادهم من الناحية السياسية مرتبط ارتباطا وثيقا بالتخلص من الوصاية الأمريكية؟ هل هذه قضية اقتصادية بالمعنى الضيق؟

يقولون لنا “أذعنوا”..

وأما من يقفون إلى جانب الولايات المتحدة وما تنفذه من هجمات، ضد تركيا، في ظل هذه الظروف، فأي مخطط ينضوون تحت رايته؟ قالوا لنا “أذعنوا” ليلة 15 يوليو، لكن تركيا لم تذعن، حاولوا إذعاننا كذلك خلال أحداث متنزه غيزي الإرهابية، لكننا لم نذعن.

كان من صمتوا بينما رسخوا دعائم الإرهاب في ولايات جنوب شرق الأناضول وأبعدوا الدولة من تلك المنطقة يقولون لنا أذعنوا في الوقت الذي تحركت فيه الحكومة والشعب من أجل تجفيف منابع الإرهاب هناك. تركيا لم تذعن، بل عبرت إلى الجانب الاخر من الحدود لتفشل مخططات كبيرة للغاية كانت ستدمر مستقبلها ومستقبل شعبها.

سيقولون لنا كذلك “أطلقوا سراح عناصر غولن”!

فهل كنا سنسلم هذا البلد إلى أيديهم؟

تفرض الولايات المتحدة حصارا على روسيا، وتفرض العقوبات تواليا على إيران، كما أنها دخلت حربا اقتصادية كبرى مع الصين، هذا فضلا عن أنها في صراع مع الأغلبية الساحقة من دول العالم، ولهذا فهي تتحول سريعا إلى دولة منعزلة. والآن فإن الولايات المتحدة نفسها بدأت فرض عقوبات على تركيا أيضا، وقريبا ستطلب منا إطلاق سراح أخطر عناصر تنظيم غولن الإرهابي! فبغض النظر عن إطلاق سراح برونسون أو تسليمه، فإنها ستطالبنا بتسليم الانقلابيين المسجونين لإعلانهم الحرب على هذا الشعب.

ماذا عسانا لنفعل؟ هل كنا سنسلم مفاتح هذا البلد للولايات المتحدة؟ هل كنا سنتخلى عن كل طموحاتنا وكوننا شعبا مقاوما ودولة شامخة لنهدي بلدنا على طبق من ذهب إلى شراكة الولايات المتحدة – منفذي هجوم 15 يوليو؟!

نعم، هذا ما كان يراد منا بالنظر إلى من طعنوا تركيا من الداخل من خلال سعر الدولار!

انتبهوا إلى “التدخل” الجديد والخبيث

لا تنظروا فقط إلى تطورات العلاقات التركية – الأمريكية، بل انظروا إلى صراعات واشنطن مع سائر دول العالم، وهناك سترون الصورة الحقيقية، وستدركون حينها ماهية تصفية الحسابات التي نتعرض لها!

كونوا أنفسكم ولا تنسوا أبدا ما حدث ليلة 15 يوليو، لا تنسوا كيف نجح هذا الشعب في إفشال السيناريوهات الدولية في غضون ساعات. كونوا أنفسكم ولا تكونوا جزءا من حركة المعارضة الجديدة التي بدأت حديثا بشكل خبيث. ذلك أن هذا الكيان ليس معارضة، بل محاولة إحياء ائتلاف التدخل، محاولة تدخل أطلسية جديدة ضدنا.

تدخل ضد من؟ ضد هذا الشعب وجيناته السياسية التي تصنع التاريخ فوق أراضي الأناضول منذ ألف عام وتضع اليوم حجر أساس صعود ونهضة كبيرة. ولو لم تدركوا حقيقة هذا الأمر، فستخسرون لا محالة. سجلوا كلامي هذا واحفظوه جيدا.

ابراهيم كراجول – يني شفق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.