تحدي أردوغان.. لقد انتهى قرن أمريكا، من الآن فصاعدًا هناك محور تركيا!

لقد أصبح لدينا “محور تركيا”، وهو ما سيكون أكثر التطورات تأثيرًا على مدار السنوات المقبلة من البلقان إلى أعماق الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن آسيا الوسطى إلى جنوب القارة الآسيوية؛ إذ إن تركيا أكملت البنية التحتية الفكرية اللازمة لهذا الأمر واتخذت قرارها وبدأت المسيرة.

إن تركيا تنظم كل استعداداتها واستثماراتها ومبادراتها في المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية وفقا لهذا المحور، وتتحرك وهي تحمل طموحات كبرى في المجال الاقتصادي والسياسي والسياسة الخارجية والأمن والتضامن الاجتماعي وحتى قراءة المنطقة بشكل جديد، هذا في الوقت الذي تطهر فيه الداخل من عناصر التدخل الخارجي الواحد تلو الآخر وتنشر الأمن على طول حدودها الجنوبية.

نقل “عقل الدولة الوطني والقومي” من تاريخ الألف عام إلى هذا القرن

لن نتهاون من الآن فصاعدا مع تصفية جميع الأوساط التي لهثت وراء مخططات “التدخل الداخلي”، مهما كان مجال تدخلها، وكذلك جميع الكيانات التي تحمل أجندات سرية مرتبطة بالخارج، بغض النظر عن التيار الفكري الذي تنتسب إليه، ذلك أن علينا تصفيتهم ولا خيار أمامنا غير ذلك. وبينما تنجز تركيا هذه المهمة، فإنها قرأت التطورات التي هي بمثابة زلزال هز خريطة القوى العالمية، ورأت الفراغات التي خلفها هذا الزلزال في الخريطة، ووضعت حساباتها المتعلقة بتداول السلطة بين القوى العالمية.

إياكم أن تستخفوا بـ”نضج عقل الدولة الوطني والقومي”. ذلك أن هذا العقل هو عقل الدولة السلجوقية، عقل الإمبراطورية العثمانية، عقل الجمهورية التركية، النسخة المجمعة لكل هذه العقول والمنقولة إلى القرن الحادي والعشرين. لقد ولى عهد رقابة القرن العشرين بالنسبة لتركيا، وهو ما يعني أن الحرب العالمية الأولى قد انتهت حديثا بالنسبة لنا.

لقد تحدثت عن محور تركيا الذي وضعت أساساته، وإنكم سترون تأثيره بشكل أكثر وضوحا في المستقبل القريب. وإن بدت المنطقة اليوم متعرضة عليه أو غير مستعدة له، فإن الفراغ الموجود حاليا سيكبر بمرور الوقت حتى يصبح لا يوجد أي قوة يمكنها سد هذا الفراغ باستثناء محور تركيا. إننا نشهد اليوم وضع أساس القرن المقبلة، إطلاق مستقبل جذري تماما، ومن الآن فصاعدا فإن كل شيء سيبنى على هذه الأساسات.

العملية الدولية الجديدة: التدخل المحافظ

لقد استغلوا تقريبا جميع التيارات المعارضة والتي يمكنها التدخل، التي هي جزء من القرن العشرين ووسيلة للوصاية ذلك القرن التي يريدون مواصلتها. بيد أن تركيا خاضت كفاحات شرسة للتصدي لهذه الموجة، فنجحت في تخطى الحواجز والصعاب. وعليه، يجب على التيارات المحافظة الانتباه للغاية، ولتعلم أن ثمة خطر استغلالهم كأداة تدخل داخلي لخدمة أعداء تركيا.

ولهذا السبب نحذر من “المعارضة المحافظة” و”التدخل المحافظ”. ذلك أننا نشعر بوجود بعض المحاولات في هذا الاتجاه، بل إن هذا يخرج بمرور الأيام من كونه “شعورا” ليتحول إلى محاولة بحث أو “كيان” سري خبيث.

هناك حتمية أن يكون “التيار المحافظ” هو الهيكل الأساسي لعملية داخلية تشهدها تركيا، وهو الاحتمال الوحيد المتبقي أمامهم، فنحن نعلم ذلك جيدا، وكذلك تعلم أوساط العمليات الدولية. وبسبب هذا الخطر تحديدا فإن التيارات والكيانات المحافظة/الإسلامية عليها أن تخضع لاختبار الوطنية، ويجب الانتباه جيدا كي لا تتكرر بعض التجارب التي عشناها قبل وبعد الحرب العالمية الأولى.

الضغوط الاقتصادية والاضطراب الاجتماعي والتدخل

إن الهجوم الاقتصادي الأخير والتدخل الأمريكي في شؤون بلدنا ليست مقصورا على عملية الدولار أو قضية القس برونسون، فتصفية الحسابات لا تزال مستمرة. فالحرب الاقتصادية تهدف إلى شل الاقتصاد التركي لتشكيل معارضة اجتماعية، ومن ثم وضع مخططات تدخل من خلال هذه المعارضة، وحينها يمكنهم تحريض الأوساط والكيانات المتبقية في الداخل والتي جنودها لحسابهم عقب محاولة الانقلاب الفاشلة. وإذا كان الأمر كذلك، فيجب الاستعداد لهجمات وأزمات جديدة من جانب الإدارة الأمريكية.

لقد رأت تركيا اللعبة، وقدم الشعب التركي مثالا عظيما من أمثلة التضامن مع بلده. فهذا التضامن ليس نابعا فقط من الهجوم الاقتصادي غير الأخلاقي الذي تشنه أمريكا، بل لأننا فهمنا أنهم يخططون لشن “تدخل” مشابه لما فعلوه ليلة 15 يوليو. وبغض النظر عن أي هجوم تشنه واشنطن مستقبلا، فإن تركيا وشعبها أصبحا متيقظين بعدما تغلبا على العوائق النفسية، وهو ما حوّل القلق إلى شجاعة ومقاومة.

تحدي أردوغان ألهم العالم شجاعة كبيرة

لقد برهن تحدي أردوغان والتدخلات الذكية للإدارة الاقتصادية وتضامن عالم الأعمال واحتشاد الشعب على قلب رجل واحد على أن الخطوط الدفاعية التركية متينة وجاهزة للمقاومة. ولا شك أن هذه “المقاومة الشرسة” ستستمر كذلك مستقبلا لتقضي بأريحية تامة على كل محاولات التدخل الدولي.

لسنا الدولة الوحيدة التي تكافح ضد الولايات المتحدة أو التي تهددها واشنطن. فنحن أمام حالة تيقظ وحذر لمواجهة دولة تحولت إلى تهديد عالمي. فالأغلبية الساحقة من دول العالم، من أمريكا اللاتينية إلى المحيط الهادئ ومن الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا وأفريقيا، بدأت تستخدم لغة مشتركة لمواجهة هذه العصابة، بدأت ترفع صوتها وتسير في طريقها نحو تشكيل ما يشبه جبهة مشتركة.

إن الوضع لم يعد متعلقا بتركيا أو الصين أو روسيا أو ألمانيا أو حتى إيران فقط، بل إنه تخطى حدود الدول وصار هناك اتفاق مشترك على مستوى العالم على ضرورة كبح جماح واشنطن والسيطرة عليها. لقد كشف النقاب عن وجه الحرب الاقتصادية الخفية المستمرة منذ سنين. والآن بدأت تصفية الحسابات على الصعيد الجيوسياسي والسياسي بل والعسكري كذلك. ذلك أن الولايات المتحدة أطلقت حملة سلب جديدة، وها هي تهدد الدول عسكريا وتعد العدة لارتكاب أعمال جنونية جديدة. وهو ما سيفضي في نهاية المطاف إلى إيقاف القوة الأمريكية وتحجيمها وخفض مستواها.

من قالوا “القرن الأمريكي الجديد” في عزلة اليوم

لقد اضطرت الولايات المتحدة التي أعلنت فترة ما بعد الحرب الباردة “قرنا أمريكيا جديدا”، لتدخل في حرب مع نصف دول العالم لتحقيق هذا الغرض، اضطرت لتترك مكانها للولايات المتحدة التي صارت تمثل تهديدا مشتركا للعالم أجمع، وهو ما أعتقد أنه لا يمكن أن نشهد تراجعا أكبر منه.

ذلك أنها خسرت كل طموحاتها وفقدت مصداقيتها وأصبحت معزولة. ولسنا نحن الوحيدين الذين نعتقد هذا الأمر، بل إن جميع الدول والشعوب التي تصنع التاريخ تحمل الاعتقاد ذاته. لم يعد بين يدي الولايات المتحدة شيء سوى الإرهاب والبلطجة، ولهذا فهي تستخدمهما، وهو ما يبرهن على أن أسطورة الإمبراطورية الأمريكية قد انتهت بعدما صارت معزولة وتشكل تهديدا مشتركا للإنسانية.

يشهد العالم ظهور موقف دولي من خلال مقاومة تركيا مضاد للولايات المتحدة، كما أن الأصوات والكلمات تكتسب القوة. ولن يمر وقت طويل حتى يفضي هذا الموقف إلى رد فعل سياسي واقتصادي قوي، وهو ما سيعني بدوره نهاية الطرق بالنسبة لواشنطن حول العالم. كونوا أنفسكم، تابعوا تصفية الحسابات الكبرى تلك، وحينها ستدركون حقا معنى الكفاح الذي تخوضه تركيا.

يد أمريكا ستقطع في سوريا!

شجاعة القرن تقع على عاتقنا

إننا مستعدون لكل أنواع المقاومة من أجل بلدنا ومنطقتنا. وهو ما رآه الجميع، وسيرونه كذلك مستقبلا. بيد أن الولايات المتحدة سترى حقا كيف سيتحول الغضب العالمي الصامت إلى تسونامي يدمر كل ما يقف بطريقه.

ما يقع على عاتقنا هو إظهار شجاعة القرن، وسننجح في ذلك! سنظهر للعالم كيف يغير التاريخ وترسم ملامح الجغرافيا! واليوم بينما نخطو نحو تعزيز المقاومة الاقتصادية علينا فعل شيء مهم آخر:

يجب إطلاق عمليات سريعة وعاجلة في المناطق الثلاث شمالي سوريا، وحينها سترون أي يد أمريكية ستقطع!

 ابراهيم كراجول – يني شفق

تعليق 1
  1. مصطفي الشافعي يقول

    اللهم انصر تركيا
    كم اتمني قطع رقبة امريكا وليس يدها فقط .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.