ما التحديات التي تعترض مهمة تركيا في إدلب؟

يقول المحلِّلون إنَّ أنقرة ستلتزم الحذر لتجنُّب المواجهة العسكرية، وستركِّز على نفوذها على المعارضة، وقال حسين باجي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، قوله «إنَّ الميزة التي تملكها تركيا هي أنَّها ما زالت تدعم الجيش السوري الحر وجماعات أخرى عديدة، وقد لجأ هؤلاء منذ البداية إلى تركيا لتدعمهم في حربهم ضد بشار الأسد».

أكمل باجي: «لكن الجماعات المتطرفة مرتبطة بداعش وتنظيم القاعدة والنصرة، ولديّ بعض الشكوك حول ما إذا كانت تركيا ستنجح في التعامل مع هذه الجماعات بفاعلية. لكنَّ روسيا تتوقع أن تنجح تركيا تماماً في إقناعهم جميعاً بالمغادرة، وهو أمرٌ بالغ الصعوبة في رأيي».

ووضع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المزيد من الضغط على أنقرة، إذ قال في مؤتمر صحافي يوم الجمعة الفائت: «يجب على إرهابيِّي جبهة النصرة أن يتركوا المنطقة منزوعة السلاح، قبل منتصف أكتوبر/تشرين الأول، ويجب سحب كل أسلحتهم الثقيلة من هناك».

ويُصرُّ منتقدو اتفاق إدلب على «أنَّ موسكو أوقعت بأنقرة»، ودفعتها لإلزام نفسها باستئصال الجماعات المتطرفة من المنطقة منزوعة السلاح، وهو ما يُعرِّض تركيا إلى خطر التورُّط في صراع مع هؤلاء المقاتلين، إلا أن الاتفاق أيضاً يمنح تركيا فرصة لتعزيز قبضتها في سوريا، بحسب ما ذكره موقع VOA.

باجي أشار إلى أن تركيا ستُزيد عدد قواتها العسكرية في إدلب، وتقوِّي نفوذها في سوريا. وأضاف أنه في المستقبل «سوف يصبح حضور تركيا العسكري جزءاً من عملية التفاوض مع روسيا. وقطعاً ستستغل تركيا الفرصة السانحة لإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى هناك، وإبقائها هناك وقتاً أطول».

وبموجب اتفاق سابق بين تركيا وإيران وروسيا، أسَّست أنقرة 12 نقطة مراقبة عسكرية في أنحاء إدلب. وكانت هذه النقاط جزءاً من اتفاق لإقامة منطقة خفض تصعيد لقوات المعارضة السورية وعائلاتهم. وقد دفع التهديد بشنِّ النظام هجوماً على المنطقة الجيشَ التركي إلى تعزيز وجوده حول تلك النقاط.

الاتفاق الروسي التركي أبعد معركة عن محافظة إدلب

«الهدفان المتلازمان»

ويقترح المحلِّلون أنَّ تعزيز حضور الجيش التركي في إدلب، إضافةً إلى تحكُّم القوات التركية حالياً في رقعة كبيرة من شمالي سوريا، سيعزز مساعي أنقرة لتأمين أهدافها في سوريا.

وقال سنان أولجن، رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية بإسطنبول (إيدام): «تريد تركيا أن تخلق موقفاً في سوريا، يمكِّن العناصر المؤيدة لتركيا من الاستمرار في السيطرة على المناطق المجاورة لها، وبالتالي منع أي تهديد عن تركيا».

وأضاف أولجن: «ثانياً، وكنتيجة للتسوية السياسية، ستتوفر ضمانات أمنية كافية تسمح لبعض اللاجئين السوريين في تركيا بأن يعودوا إلى ديارهم. وهذان هما الهدفان المتلازمان للحكومة التركية فيما يخص سوريا».

وتقول تركيا إنَّها تستضيف على أراضيها أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري. وقد أزال اتفاق إدلب بين أنقرة وموسكو، حتى الآن على الأقل، تهديد حدوث نزوح جماعي كبير للاجئين إلى الأراضي التركية.

وفي ظلِّ تحذير لافروف من أنَّ الاتفاق مجرد «خطوة انتقالية»، يحذِّر منتقدو اتفاق إدلب من أنَّه ربما يكون مجرد تأجيل لهجوم النظام على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة. وبما أنَّ أنقرة تبدو مستعدة لاستغلال الأسابيع القادمة لتعزيز حضورها العسكري في إدلب، سوف يزيد ذلك مخاطر حدوث مواجهة مع الفصائل المتشددة.

لكنَّ المحلِّلين يقولون أيضاً إنَّ حضوراً عسكرياً بارزاً كهذا، غالباً سيُعزِّز موقف أردوغان التفاوضي، حين يجلس المرَّةَ القادمة مع بوتين لمناقشة مستقبل إدلب.

 

 

.

م.عربي بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.