موقع بريطاني يكشف كواليس اتفاق إدلب ولماذا تراجع بوتين عن شن عملية عسكرية

كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في تقرير مطول كواليس اللقاء الذي جمع الرئيسين التركي والروسي خلال قمة سوتشي يوم الاثنين الماضي الذي انتهى بالاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح  مساحتها 15-20 كم تفصل بين المعارضة المسلحة وقوات النظام، وتطهير إدلب من تنظيم هيئة تحرير الشام دون الحاجة إلى تدخل عسكري.

لماذا غير بوتين موقفه؟

ونقل الموقع عن مسؤولين أتراك شاركوا في عقد الصفقة ومصادر أمنية رفضت الكشف عن هويتها، أن تركيا عرضت في بادئ الأمر شن عملية عسكرية إلى جانب جماعات المعارضة المعتدلة على هيئة تحرير الشام في إدلب. كانت الخطة إنشاء منطقة مماثلة لعفرين وجرابلس اللتين تسيطر عليهما تركيا في شمال سوريا.

ووفقا لهذا السيناريو، وعدت تركيا بفتح ممر آمن على طريقي M5 وM4، اللذين يربطان حلب بدمشق واللاذقية. ولكن روسيا التي تدعم  طموح النظام السوري للقضاء على المعارضة والسيطرة على جميع الأراضي السورية، رفضت هذا العرض.

ونتيجة لذلك، تقدم وزيرا الخارجية والدفاع التركيين بعرض جديد إلى روسيا يقضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح بين المعارضة وقوات النظام، مع وعد بتطهير إدلب من هيئة تحرير الشام والمجموعات المتطرفة المماثلة.

ووفقاً للمصادر التركية، فإن الموافقة على هذه الصفقة كانت وشيكة حتى قبل قمة طهران الثلاثية، لكن هناك عوامل أخرى عرقلت ذلك.

أول هذه العوامل الصراع الروسي الأمريكي على سوريا، والذي قاد الجيش الروسي إلى إجراء مناورة عسكرية ضخمة في شرق المتوسط ​​في بداية أيلول/ سبتمبر. ولم يرغب بوتين في الإعلان علانية عن تراجعه عن عملية عسكرية على إدلب وسط استعراض القوة هذا.

وعلاوة على ذلك، فقد صدرت تصريحات من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تتعلق بإمكانية القيام بعملية عسكرية ضد الأسد إذا استخدم أسلحة كيميائية ضد المدنيين. ولم يرغب بوتين في التراجع، وأراد أن يظهر دعمه للأسد في إدلب، بحسب ما قالت المصادر التركية.

ماذا عرضت تركيا؟

وقال مصدر أمني تركي للموقع البريطاني إن بعض أعضاء هيئة تحرير الشام يدعمون جهود تركيا لإقامة منطقة عازلة وخالية من مقاتلي الهيئة، بينما يعارض ذلك آخرون. ولذلك سوف تعمل المخابرات التركية على تأليب هاتين المجموعتين على بعضهما بعضا، وإحداث انشاقاقات بين صفوف الهيئة.

وإذا لم ينجح هذا المسار، فسيكون المسار البديل أن يستهدف الجيش التركي مدعوما بجماعات المعارضة الأخرى هيئة تحرير الشام بعمليات عسكرية صغيرة.

وأضاف المصدر أن أكثر من 90٪ من أعضاء هيئة تحرير الشام هم من السوريين، ولذلك فإن من لا يتعاون منهم مع الجيش التركي على الأرض، ويخالف آليات نزع فتيل التوتر، سيتم تسليمهم إلى الشرطة الحكومية.

ووفقا لمصدر دبلوماسي رفيع المستوى، ستنقل الأسلحة الثقيلة والشاحنات التابعة لجماعات المعارضة في المنطقة المنزوعة السلاح إلى داخل إدلب، وليس إلى تركيا.

كما ستسيطر تركيا على طريقي  M5 وM4 وتضمن الأمن عليهما. حاليًا، تسيطر هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة المدعومة من تركيا جزئيا على هذين الطريقين، حيث يوجد للهيئة أربع نقاط تفتيش على الطريق، ويوجد لدى المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا نقطتا تفتيش. ستزيل تركيا جميع نقاط التفتيش وستوفر ممرا آمنا للمركبات الحكومية.

وفي الحادي والثلاثين من شهر تموز/ يوليو الماضي استخدمت تركيا سلطتها على المعارضة في إدلب لإزالة نقطة تفتيش تسيطر عليها هيئة تحرير الشام هي الأكبر من نوعها التي تسيطر عليها الهيئة على الطريق الرئيسي بين حلب ودمشق.

وقال المصدر الأمني التركي: “لقد أثبتنا أننا يمكننا القيام بذلك في يوليو، ويعتقد الروس الآن أنه يمكننا إزالة نقاط التفتيش الأربعة الأخرى التابعة لهيئة تحرير الشام بنجاح”.

ما الخطوة التالية؟

وتقول مصادر أمنية تركية ومصادر في المعارضة السورية في إدلب، إن الاتفاقية تكتنفها مخاطر بالنسبة إلى المعارضة.

وقال مصدر في  المعارضة على اتصال مع المخابرات التركية في إدلب: “لن يكون لدينا ولا لدى النظام أسلحة ثقيلة في المنطقة منزوعة السلاح، ولكن تفاوت القوى يرجع إلى وجود الطيران الروسي.

وأضاف المصدر: “ليس لدينا دعم جوي في المنطقة منزوعة السلاح. وفي حالة حدوث نزاع أو انتهاك  للاتفاقية، أو إذا اعتقدت موسكو أن المتطرفين ما يزالون موجودين في المنطقة، فيمكنهم بسهولة بدء القصف الجوي والهجوم علينا. وهذا سيؤدي إلى القضاء علينا، حتى نستعيد أسلحتنا الثقيلة للدفاع عن أنفسنا”.

وقال مسؤول في الخارجية التركية، عندما سئل عن مخاطر الصفقة، إن تركيا تعزز وتقوي نقاط المراقبة الـ12 التابعة لها في إدلب، في حال وجود مثل هذا النزاع.

وأضاف المسؤول التركي : “لن ننسحب من مواقعنا هناك؛ لأنها ستساعدنا في تأمين ما كسبناه على الأرض عندما تبدأ العملية السياسية، حتى لو انسحبت المعارضة في حالة حدوث اعتداء عليها”.

 

 

.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.