صديق خاشقجي يقاضي شركة إسرائيلية لهذا السبب!

رفع عمر عبدالعزيز، وهو أحد المعارضين السعوديين المقيمين بكندا وكان مقرباً من خاشقجي، دعوى قضائية تقول إن شركة برمجيات إسرائيلية ساعدت الديوان الملكي السعودي في الاستيلاء على هاتفه الذكي والتجسُّس على اتصالاته مع خاشقجي.

ويرجح المعارض السعودي أن نتائج عمليات التجسس هذه أدت إلى قرار الرياض بالتخلص من خاشقجي بسبب مشروع سري كان يعملان عليه.

وتضع الدعوى ضغوطاً جديدة على شركة NSO Group الإسرائيلية المتخصصة في التجسس السيبراني وعلى الحكومة الإسرائيلية التي ترخِّص مبيعات الشركة للحكومات الأجنبية من برنامج التجسس الخاصة بها، والمعروف باسم Pegasus، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية.

إنه تأكيد للتحالف غير المعلن

وعلى نطاقٍ أوسع، تلفت الدعوى أيضاً الأنظار إلى تحالف إسرائيل العلني المتزايد مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الملكية الأخرى، حسب الصحيفة الأميركية.

ولم تعترف السعودية وحلفاؤها مثل الإمارات بالدولة اليهودية قط، لكنَّهما تحالفا معها في الخفاء لمواجهة إيران.

واتضح أيضاً أن إسرائيل وهذه الأنظمة الملكية قد وجدوا أن مصالحهم متوافقة في الدفاع عن النظام العربي القائم منذ انتفاضات الربيع العربي، وفقاً للصحيفة الأميركية.

ولكنها ليست الدعوى الأولى، فحتى العفو الدولية وقعت ضحية للسعوديين والشركة الإسرائيلية

وتأتي الدعوى القضائية التي رفعها في إسرائيل المعارض السعودي عمر عبدالعزيز، المقيم في مدينة مونتريال الكندية، في أعقاب دعاوى موازية قدِّمها صحافيون وناشطون وغيرهم يتهمون فيها شركة NSO Group بمساعدة حكومتي المكسيك والإمارات بشكل غير مشروع في التجسس على هواتفهم الذكية مع أنه ليس لديهم أي سجلات جنائية ولم يشكلوا أي تهديد عنيف.

كما اتهمت منظمة العفو الدولية مؤخراً شركة NSO Group بمساعدة السعودية في التجسس على أحد موظفي المنظمة

وقالت منظمة العفو الأسبوع الماضي إنها تفكر في اتخاذ إجراء قانوني بعد أن رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية طلباً بإلغاء ترخيص شركة NSO Group لتصدير برامجها التجسسية.

والمنظمة مقتنعة أن الحكومة الإسرائيلية على علم بأنشطة شركتها مع الرياض

وقالت مولي مالكار، مديرة البرامج في مكتب منظمة العفو الدولية في إسرائيل: «بالاستمرار في الموافقة على بيع شركة NSO Group لهذه البرامج، فإن وزارة الدفاع الإسرائيلية تعترف عملياً بالتعاون عمداً مع شركة NSO Group في استخدام برامجها في انتهاك لحقوق الإنسان».

وفي بيان صدر أمس الأحد 3 ديسمبر/كانون الثاني، قالت شركة NSO Group إن منتجاتها «مرخصة حصراً بغرض تزويد الحكومات ووكالات إنفاذ القانون بالقدرة على مكافحة الإرهاب والجريمة بشكل قانوني».

وقالت الشركة إن العقود الخاصة باستخدام برمجياتها «لا تُقَّدم إلا بعد الفحص الكامل والحصول على الترخيص من الحكومة الإسرائيلية».

وأضافت الشركة: «نحن لا نتسامح مع إساءة استخدام منتجاتنا. إذا كان هناك اشتباه في إساءة الاستخدام فإننا نتحقق منه ونتخذ الإجراءات المناسبة، التي تشمل تعليق أو إنهاء العقد».

إنها برامج ذات قدرات فائقة

وتسمح برامج التجسس لمستخدميها بالاستماع سراً إلى المكالمات، ورصد لوحة المفاتيح، وقراءة الرسائل، وتتبع سجل الإنترنت على الهاتف المستهدف.

كما تمكّن العملاء من استخدام ميكروفون الهاتف والكاميرا كأجهزة مراقبة.

وتصنِّف إسرائيل برامج التجسس كسلاح بسبب قدراتها على انتهاك الخصوصية بالكامل.

وهناك دليل بإن إسرائيل قد يكون لها دور في القرار السعودي باغتيال جمال خاشقجي

وفقاً للقواعد المتبعة في إسرائيل فإنه لزاماً على الشركة أن تحصل على موافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية لبيع هذه البرامج إلى الحكومات الأجنبية.

ودفعت السعودية 55 مليون دولار العام الماضي لشراء واستخدام هذه البرامج، وفقاً لتقارير إخبارية إسرائيلية.

وقد يعني ذلك إسرائيل قد يكون لها دور في القرار السعودي باغتيال خاشقجي؛ لأن عملية بيع هذه البرمجيات لا يمكن أن تتم دون موافقة وعلم الجهات الرسمية.

لكما أنه لا يفترض أن بيع مثل هذه البرمجيات الحساسة لدولة عربية سيتم باعتباره عملية تصدير عادية.

وشركة أميركية هي التي جعلت السعوديين يستهدفون عمر باعتباره قوة مؤثرة

وعمر عبدالعزيز، الذي رفع الدعوى القضائية الجديدة، سعودي يبلغ من العمر 27 عاماً طلب اللجوء في كندا ويعيش في مونتريال.

وفي أعقاب انتفاضات الربيع العربي، اشتهر بين السعوديين بمقاطع الفيديو والتعليقات التي ينشرها على الإنترنت والشبكات الاجتماعية وينتقد فيها حكام المملكة بسبب سلطتهم الاستبدادية.

وقدَّمت شركة الاستشارات الأميركية McKinsey & Company تصنيفاً إلى الديوان الملكي السعودي يعتبر عمر قوة مؤثرة للمعارضة على الشبكات الاجتماعية.

وخلال الشهرين الماضيين نال عمر اهتماماً عالمياً أيضاً بسبب صداقته وتعاونه مع جمال خاشقجي الصحافي السعودي الذي تم اغتياله في القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وخلصت وكالات الاستخبارات الأميركية والعديد من المسؤولين الغربيين إلى أن حاكم السعودية الفعلي، وليّ العهد محمد بن سلمان، أمر باغتيال خاشقجي.

وقد نفى ولي العهد إعطاءه الإذن بالقتل، وقال مسؤولون سعوديون إن فريقاً من العملاء أُرسلوا لإرجاع خاشقجي إلى السعودية لكنّهم قرروا من تلقاء أنفسهم أن يقتلوه بدلاً من إرجاعه.

والمعارض السعودي يقول إن الرياض اخترقت هاتفه

وتزعم الدعوى التي رفعها عمر أنه خلال الأشهر التي سبقت قتل خاشقجي، تمكَّن الديوان الملكي من الاطلاع على اتصالات خاشقجي حول مشاريع المعارضة مع عبدالعزيز من خلال برامج التجسس على هاتف عبدالعزيز.

وقال عبدالعزيز إن بعض العملاء المقربين من الأمير محمد بن سلمان والذين ارتبطت أسماؤهم بقتل خاشقجي استهدفوه في إطار حملة لإحضار أو إسكات المعارضين السعوديين في الخارج.

وبعد مضايقته لأشهر برسائل تحثه على العودة إلى المملكة، التقى به مبعوثان سعوديان في مونتريال في مايو/أيار الماضي للضغط عليه وجهاً لوجه.

وقد سجَّل عبدالعزيز المحادثات التي دارت بينه وبينهما سراً.

ومبعوثان رسميان حاولا وإغراءه بالعودة وتهديده بأسرته

وسبق أن قالت صحيفة The Washington Post الأميركية إن عمر عبدالعزيز منحها تسجيلات تتضمن تهديدات وُجّهت له من قبل المبعوثين السعوديين، بما في ذلك الضغط عبر التهديد بقمع أسرته.

وقدم له المبعوثان خيارين: الأول، وهو العودة للبلاد والتصالح مع الحكومة بما في ذلك الالتقاء بالأمير محمد بن سلمان مع إغرائه بوعود مالية كبيرة.

أما الخيار الثاني فهو إلقاء القبض عليه حتى لو عاش في الخارج.

وقال أحد المبعوثين لعمر إنه إذا رفض هذا العرض فإنه سيكون خاسراً لأنه سيذهب إلى السجن.

وأضاف أنه قد يُلقَى القبض عليه في أحد المطارات.

وأخبره المبعوثان السعوديان كذباً بأن خاشقجي كان يفكر في العودة إلى المملكة كذلك.

وقالا إنهما يعملان بتكليف من وليّ العهد السعودي

وقال المبعوثان إن سعود القحطاني هو من أرسلهما.

والقحطاني هو مستشار مقرَّب من ولي العهد وكان هدفاً للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بسبب الاشتباه في دوره في مقتل خاشقجي.

وكشف بيان الإعلان عن العقوبات الذي أصدرته السعودية أن القحطاني هو المشرف على عميل الاستخبارات الذي قاد عملية اغتيال خاشقجي في إسطنبول.

لكن في المحادثة المسجلة بين عمر والمبعوثيْن السعوديين قال الرجلان إن الأوامر صادرة في النهاية من وليّ العهد.

وبعد رفضه العودة استخدمت الرياض برنامجاً إسرائيلياً للتجسس عليه

ورفض عمر عبدالعزيز العودة إلى المملكة ورفض أيضاً طلباً لزيارة السفارة السعودية في العاصمة الكندية أوتاوا لمزيد من المناقشات.

وقال عبدالعزيز إن هذا الطلب بدا أكثر شؤماً بعد وفاة خاشقجي في قنصلية إسطنبول.

وفي الشهر التالي، يونيو/حزيران 2018، تلقَّى عبدالعزيز رسالة نصية بدت وكأنها رابط لتعقب شحنة طرد، ولكن تبيَّن أنها تُخفي رابطاً لبرامج التجسس الخاصة بشركة NSO Group الإسرائيلية، وفقاً لأوراق المحكمة المرفوعة مع الدعوى القضائية.

وفي أغسطس/آب، أبلغت مجموعة بحثية في جامعة تورنتو الكندية، التي تدرس التجسس على الإنترنت، عبدالعزيز بأنه من الجائز أن هاتفه قد تعرض للاختراق.

وفي وقتٍ لاحق، خلُصت مجموعة البحث Citizen Lab إلى أن الحكومة السعودية كانت وراء ذلك.

وفي الوقت نفسه تقريباً عندما وصلت الرسالة النصية المزورة، داهمت قوات الأمن السعودية، مصطحبة معها كلاب تفتيش، منزل عائلة عبدالعزيز في جدة بشرق السعودية في منتصف الليل.

ووفقاً لأوراق المحكمة التي رفعها عمر عبدالعزيز المقيم بكندا، اعتُقِل اثنان من أشقائه وبقيا في السجن دون اتهامات.

وجاء في أوراق المحكمة أن «عبدالعزيز علم كذلك أن أفراد الأمن في مركز الاعتقال يعرضونهما للتعذيب ويخضعونهما لمعاملة غير إنسانية ومهينة، وكل ذلك من أجل الضغط عليه لإجباره على إيقاف نشاطه».

والدعوى تقول إن التعاون السري بين عمر وخاشقجي دفع السعوديين لقتله

وخلال الفترة التي تلت بدء عملية التجسس كذلك، كثَّف عبدالعزيز وخاشقجي خططهما لمختلف الحملات على الشبكات الاجتماعية لمواجهة دعاية الحكومة السعودية.

وأرسل خاشقجي لعبدالعزيز 5 آلاف دولار لدعم هذا الجهد.

ورفع الدعوى المحامي الإسرائيلي، علاء محاجنة (من عرب 48)، بالتعاون مع مازن المصري، المحاضر في جامعة City في لندن.

ويقول المحاميان في أوراق المحكمة إنهما ينويان القول إن ما أسفر عنه التعاون بين عبدالعزيز خاشقجي «ساهم بشكل كبير في قرار قتل خاشقجي».

ولكن ما المشروع الذي كشفته الرياض وأغضبها لهذا الحد؟

«النحل أو «جيش النحل» كان هذا هو اسم المشروع الذي يعمل عليه عمر مع جمال خاشقجي.

وقد يكون هذا المشروع هو السبب في اغتيال خاشقجي، حسبما قال عمر عبدالعزيز لصحيفة The Washington Post الأميركية.

وأضاف عبدالعزيز أنهما كانا يعملان كذلك على صناعة فيلم قصير، وتأسيس موقع إلكتروني يرصد أوضاع حقوق الإنسان، ومشروع لتعزيز الديمقراطية.

يقول عمر عبدالعزيز إنَّه صاحب فكرة بناء مشروع «جيش النحل»، وخاشقجي أعجب بها.

وجاءت فكرة المشروع بسبب غضب خاشقجي من المواجهات التي يدخلها معه المغرِّدون المؤيدون للحكومة على تويتر، الذين يطلق عليهم ناشطون سعوديون اسم «الذباب الإلكتروني».

وقال عبدالعزيز: «تعرض جمال خاشقجي للكثير من الإهانة من جانب الجيش الإلكتروني السعودي، حيث كانوا يركزون عليه لأنه صوت (المعارضة السعودية) في الإعلام الغربي».

وهذا سبب تسميته «جيش النحل» وقرارهما شراء شرائح هواتف أميركية وكندية

عبدالعزيز اقترح شنَّ حركة مضادة على الإنترنت.

وقال الناشط السعودي مفسراً السبب وراء هذه التسمية: «نحن نسميهم جيش الذباب، إذن فلنسمِّ أنفسنا النحل أو جيش النحل».

ويذكر عبدالعزيز أنَّ الخطة كانت تقوم على شراء شرائح هواتف بأرقام أميركية وكندية، يمكن للسعوديين داخل المملكة استخدامها.

ويوضح الهدف من استخدام شرائح هواتف غير سعودية، قائلاً «حتى لا يمكن أن تتعقَّبهم السلطات وتعتقلهم لانتقادهم الحكومة».

وكشف عبدالعزيز أنهما قد وزَّعا بالفعل 200 شريحة هاتفية.

وهذا ما جعل عمر متيقناً أن هذا المشروع السري قد تم اكتشافه

وكان من المفترض أن تكون هذه المشاريع سرية.

لكنَّ عبدالعزيز قال إنَّ برنامج تجسس سعودياً استهدفه خلال صيف العام الحالي 2018.

وأضاف قائلاً: «لقد حصلوا على جميع المعلومات. اطلعوا على الرسائل المتبادلة بيننا، واستمعوا إلى أحاديثنا الهاتفية».

وقالت عمر عبدالعزيز: «إنه بعد تعرضه لعملية تجسس حدث تبادل رسائل بينه وبين أحد المبعوثين وكان واضحاً من كلام هذا الرجل أنه يعلم عن المشروعات السرية التي يخطط لها مع خاشقجي».

ويعتقد عمر أن البرنامج الذي استخدم ضده الذي تبيّن أنه إسرائيلي هو الذي كشف هذه الخطط، التي بدورها أغضبت المسؤولين السعوديين، وقرروا القضاء على خاشقجي خوفاً من تأثيرها.

وهو مايعني أن إسرائيل قد يكون لها دور في القرار السعودي باغتيال جمال خاشقجي.

 

 

 

.

المصدر:عربي بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.