هجوم متزامن من الداخل والخارج: ما هذا التناغم؟ استهدف أردوغان، اضرب تركيا!!

يا من تطالبون تركيا بالهدوء واللين وتوصونها بالخنوع؛

أتظنون أنّ جنون ترامب هو سبب هذا القدر من الجنوح العسكري والاقتصادي للولايات المتحدة وتعيينها لقادة الدول واستيلائها على أراضي دولة لمنحها إلى دولة أخرى واستهدافها تركيا صراحة؟!

يا من تحاولون تهديد تركيا بقولكم “على أردوغان التخلي عن سياسته الشديدة”؛

أتعتقدون أنّ شخصية بوتين هي سبب الوجود الروسي في سوريا ونشر موسكو صواريخها النووية على حدودها مع أوروبا وتبادلها التصريحات شديدة اللهجة مع واشنطن واندفاعها نحو رد فعل دفاعي استثنائي؟!

أكبر عملية تبادل قوى خلال القرون الأربع الأخيرة

هناك من يقترحون على تركيا مقترحات خبيثة بقولهم “ارجعي إلى الماضي، عودي إلى المحور الأمريكي – الأوروبي، ارجعي من جديد إلى نظام الوصاية، ادخلي من جديد تحت مظلة حمايتهم”، لكن ألا يرون أن ثمّة صراعًا لم يشهده التاريخ من ذي قبل بين الشرق والغرب، وأنّ العالم يعيش أكبر عملية تبادل قوى خلال القرون الأربع الأخيرة وأن حربا لإثبات القوى تجري بين الولايات المتحدة والصين في عدة مناطق من أفريقيا غربًا إلى شرق آسيا شرقًا؟ فهل يمكن تفسير هذه الأحداث فقط من خلال سياسة الشدة التي تتبعها بكين؟

هناك من يريدون وضع تركيا تحت وطأة قروض صندوق النقد الدولي لإصلاح الاقتصاد، لكن ألا يرى هؤلاء الحرب الاقتصادية – التجارية على المستوى الدولي؟ هل هذا وما شابهه يحدث بسبب السياسات التعسفية التي تنتهجها تلك البلدان؟

ألا ينزعج أحد من إقدام من يعجزون عن إدراك حجم صراع القوى الذي يشهده العالم حاليا على تقديم التوصيات بكبر ورفاهية كبيرة في وقت عمت فيه أعينهم وضلت فيه عقولهم؟

من يقول لنا “قفوا” بينما ترجع كل دولة إلى طموحاتها التاريخية؟

دعونا ننظر قليلا لما يحدث.. لننظر قليلا إلى العالم والصراعات القائمة بين القوى والأقاليم. تتخذ كل الأمم والدول منحنى كثير الشدة. كما أن كل البلدان التي تلصق الاتهامات بتركيا تعد العدة استعدادا للعواصف الاستثنائية، فتشهد اقتصاداتها وسياساتها الخارجية وممارساتها في الأمن الداخلي حدة كبيرة.

إن العالم يشهد حالة من التوتر الشديد لدرجة أن جميع الدول تعزز قدرات دروعها الدفاعية وتركز على مجالات السلطة المركزية وتعود إلى هويتها الأصلية وطموحاتها التاريخية، فليس هناك أي دولة لا تزال تؤمن بأن الكيانات فوق الوطنية أو المعاهدات والعلاقات الدولية قادرة على حماية مصالحها.

أتريدون أن تتركوا تركيا دون دفاع في مواجهة هذه العاصفة التي تقترب منا في ظل ظروف كهذه؟ أما زلتم غير مدركين أن تشدد تركيا في مجالات السياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب والأمن الداخلي يعتبر ضرورة وليس خيارا، وأنه يعد كذلك عملية إعداد من أجل الدفاع؟

هجوم متزامن من الداخل والخارج:

ما هذا التناغم؟

دعونا ننظر لما يحدث اليوم: لقد أعاد عناصر تنظيم غولن الإرهابي ومنظمة بي كا كا الإرهابية وأعوانهما تنظيم صفوفهم لضرب تركيا، كما اتخذت كل التنظيمات الإرهابية مواقعها في هذا السياق لتوجيه اللكمات إلى تركيا.

الأمر ذاته ينطبق على حزب الشعب الجمهوري والأحزاب السياسية التي تتحرك بالتنسيق معه؛ إذ إنها تستهدف الكفاح الوطني الذي تخوضه تركيا في ظل تناغم غريب. كما تستهدف تركيا من خلال كيانات جديدة مشكلة من داخل حزب العدالة والتنمية والأوساط المؤيدة له وكذلك الأوساط المحافظة.

إن الولايات المتحدة وإسرائيل وأذنابهما في المنطقة، السعودية والإمارات، يضربون تركيا، وكل ذلك يحدث في الوقت ذاته.

كيف يتحركون جميعا في تناغم فريد؟ ألا ترون أبدا ذلك المخطط والعقل الذي يجمعهم ويحركهم جميعا تحت مظلة واحدة؟

استهدف أردوغان، اضرب تركيا، مهد الطريق أمام التدخل

وفي تلك الأثناء تحديدا يسعى البعض وراء هدف في الداخل، إنهم يستهدفون أردوغان وأسرته والإرادة والكفاح الذي أوصل تركيا لما هي عليه. إنهم يضعون الأشخاص في المقدمة ليخفوا نيتهم الحقيقية ومخططاتهم الدولية.

إنهم يحاولون إعلان نتيجة انتخابات 31 مارس كهزيمة من أجل تمزيق حزب العدالة والتنمية وسلب أردوغان إرادته واستغلال هذا الأمر لاستهداف تركيا في خضم هذه العاصفة الشديدة دون السماح لها باتخاذ أي إجراء احترازي.

ألا يؤلم أحدا التناغم بين الهجمات الداخلية والخارجية التي تحدث في آن واحد ووضوح الصورة إلى هذا الحد بل وكون اللغة والأدوات المستخدمة واحدة؟

تركيا في مركز كل تصفية الحسابات

ألا نفهم أنهم يجروننا نحو جدال عقيم أعمى معزول عن العالم عن طريق إخفاء ما يحدث في الخارج وخنقنا في الداخل؟

ألا نرى أن حتى من يضربون بعضهم بالإرهاب يستعدون لعاصفة عالمية ذات محور جيوسياسي وحضاري مستند إلى الهوية؟ ألا نفهم أن منطقتنا هي التي تشهد أعنف آثار هذه العاصفة وأن تركيا كانت وستكون دائما في مركز كل تصفية الحسابات هذه؟

أنحن عاجزون عن إدراك أن الهجمات التي تشن من الداخل والخارج اليوم هي جزء من هذا الصراع الكبير وأن هدفها هو سحق تركيا وتعجيزها وأن هناك عملية نفسية تجرى في الداخل ترمي لإضعاف مقاومتها؟

أفشلنا “المخطط الكبير” وسنفشله كذلك

وإلا سنعيش انقطاع الألف عام

بيد أننا صعدنا من جديدا إلى مسرح التاريخ عقب مائة عام من الغفلة لنفشل مخططا كبيرا، بل إننا لا نزال نفشله وسنواصل العمل على ذلك كذلك مستقبلا. سنواصل، بل علينا أن نواصل، هذه المسيرة التاريخية حتى وإن تعرضنا لهجمات من جبهات عدة. ذلك أننا لو عجزنا عن المواصلة وأوقفوا مسيرتنا وخفنا من الهجمات الخارجية والخيانة الداخلية، فإننا سنعيش انقطاعا جديدا في تاريخنا السياسي الممتد منذ ألف عام.

وحينها تحديدا ستكون تركيا عاجزة عن الدفاع عن مقدراتها، وسنجد أنه من الصعب للغاية المحافظة على صمود تركيا اليوم. إن هذا هو المخطط السري المخفي وراء كل تذك النقاشات. ففي الوقت الذي نتصارع فيما بيننا ويعصف بنا الغضب والانفعال، فإنهم يستعدون كي يجبروا تركيا على أن تدفع الثمن غاليا.

الكفاح بين “محور تركيا” و”المحور الدولي” هو أسمى هوية سياسية

لم يعد أمامنا في تركيا سوى الكفاح بين ما هو وطني وما هو أجنبي، صراع من يحاولون تدمير وطننا من خلال تاريخها السياسي وإرثها وطموحاتها.

نحن أمام تصفية حسابات بين ما هو تركي وبين من يؤيد الوصاية الأجنبية، كفاح بين “محور تركيا” و”المحور الدولي”.

إن من ينشر بذور الفرقة والاستقطاب لا ينتمي إلى هذه الأرض. فالذين استهدفوا هذا الوطن منذ أيام السلاجقة والعثمانيين وحرب الاستقلال إلى اليوم والذين يصفون حساباتهم معه ويريدون وضعه قيد الأسر يخططون اليوم لأشياء جديدة. ذلك أنهم يريدون معاقبة تركيا التي بدأت العودة إلى إرثها التاريخي والجغرافي وطموحاتها وهويتها.

ليس لهذا الأمر علاقة باليمين أو اليسار أو حتى الإسلاميين

إنها ليست مسألة سياسية داخلية

ولهذا السبب فإنهم يقيمون هوية ومحورا وجبهة تخوض كفاحا بعيدا عن أي هوية سياسية كاليمين واليسار والتيار الإسلامي. وعليه فإن ذلك لا يعتبر أبدا مسألة سياسية داخلية، وليس له علاقة بالتنافس على مستوى السياسة الداخلية، بل إنه وسيلة لتدخل جديد.

إنهم هم الذين تحركوا مجددا في بحر إيجة من أجل الضغط على تركيا، وهم الذين ينشرون قواتهم في شرق المتوسط، وهم الذين يقيمون جبهة كبرى معادية لتركيا في شمال سوريا، وهم الذين يسندون دور الوكالة للإمارات والسعودية لاستهداف تركيا.

إنهم من نفذ محاولة انقلاب 15 يوليو، وهم من حاول الإعداد لـ15 يوليو جديدة، وهم الذين يريدون الانتقام من أردوغان وطرد من صعودا بتركيا إلى هذه المكانة خارج نطاق التاريخ، وهم الذين يشكلون الكيانات التابعة لهم في الداخل لتحقيق هذا الهدف.

أتظنون أن تصفية الحسابات المستمرة منذ الحروب الصليبية قد انتهت؟

اخرجوا خارج كل النقاشات وانظروا للعالم، ثم ركزوا مجددا على ما يحدث في تركيا، وحينها سترون أن الصورة بدأت تتضح وستدركون بشكل أفضل أين يقف كل فرد بالداخل.

إنهم يغيرون ليكملوا ما عجزوا عن إنجازه في الحرب العالمية الأولى، وأما نحن فنقاوم ونحن على علم بأن حرب الاستقلال لم تنته وأننا وصلنا إلى مرحلتها الأخيرة.

إنهم يستهدفوننا لأنهم يرون أن حتى الأناضول كثير علينا. فكل واحد منهم يقف اليوم على الجبهة ذاتها التي كان يقف عليها آنذاك، فمن كان وطنيا لا يزال وطنيا، ومن كان خائنا فلا يزال خائنا.

إن تصفية الحسابات هذه مستمرة منذ الحروب الصليبية، أتظنون أنه قد انتهت؟!

المصدر: يني شفق

ابراهيم كراجول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.