الناتو في أزمة

انعقد اجتماع مجلس الناتو وشركاء الحوار المتوسطي، في أنقرة في وقت سابق من هذا الأسبوع، في وقت تعاني فيه تركيا والولايات المتحدة من توترات بشأن خطة تركيا شراء نظام الدفاع الصاروخي إس- 400 من روسيا، والخلافات بشأن التنقيب التركي عن النفط في شرق المتوسط.

وسواء أكان وصف الخبراء بأن التحالف يعيش أزمة صحيحاً أم لا، فإن إمكانية أن يساهم الحلف في حل المشاكل الملحّة بين أنقرة وواشنطن هو سؤال حاسم. ويمكن أن يشهد الحلف تعميقاً أكبر للأزمة الحالية، إذا فشل في مساعدة اثنين من أعضائه الأقوى في التغلب على مشكلاتهم.

في كلمته الافتتاحية للاجتماع، دعا الرئيس رجب طيب أردوغان جميع الدول الأعضاء إلى “احترام حقوق تركيا”. وحدد التهديدات المشتركة في الساحة الدولية وألمح باللوم على حلف الناتو لفشله في مساعدة الجهود التركية لتحييد التهديدات ضد الأمن القومي للبلاد. أشار أردوغان إلى أن تركيا كانت تتعامل مع الهجرة غير الشرعية والإرهاب والآثار الجانبية السلبية للحرب الأهلية السورية، على مدار الأعوام الثمانية الماضية.

كما أشار الرئيس التركي إلى أن تركيا ساهمت في عمليات الناتو في البوسنة وكوسوفو ومقدونيا وأفغانستان. وقال أردوغان: “يتعارض وجود الناتو ذاته مع توقع قيام الدول الأعضاء بالتغلب على التحديات الخطيرة من جانب واحد أو بشكل منفرد، مثل تحدي الإرهاب. نتوقع من أصدقائنا في الناتو أن يتصرفوا فقط تمشياً مع روح تحالفنا والدفاع عن قيمه التأسيسية. نريد من حلفائنا أن يتخذوا إجراءات ضد الجماعات التي يعتبرونها منظمات إرهابية، ومن المستحيل إضفاء الشرعية على الخطوات الخاطئة التي اتخذت بحجة محاربة داعش، وكذلك حقوق تركيا الشرعية، وجمهورية شمال قبرص التركية، في شرق البحر المتوسط، ​​موضوع للمناقشة، ونتوقع أن يسهم حلف الناتو في تخفيف حدة التوتر”.

من الواضح أن معظم رسائل أردوغان كانت موجهة إلى الولايات المتحدة.

السبب الرئيسي وراء التوترات بين تركيا والولايات المتحدة هو تجاهل واشنطن للمخاوف الأمنية التركية. والقرارات التكتيكية التي اتخذها الأمريكيون، مثل تعاونهم مع تنظيم ي ب ك/بي كا كا الإرهابي، أضرت بمصالح أنقرة الإستراتيجية. ومن هنا جاءت دعوة أردوغان للناتو للعب دور إيجابي في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. بمعنى آخر، ذكّر الرئيس التركي الناتو بما كان من المفترض أن يفعله، وردّ على التساؤلات المستمرة حول موقف تركيا داخل الناتو. كما حث أردوغان الدول الأعضاء على المساهمة في الدفاع عن بعضها البعض: “سنتخذ الخطوات المطلوبة من خلال مصلحتنا الوطنية مع الحفاظ على موقفنا القوي داخل الناتو. العلاقات التي تنميها تركيا مع مختلف البلدان والمناطق، تتكامل ولا تتناقض، مع بعضها البعض”.

تركيا مصممة على أن تظل جزءاً من الناتو، وأن تفعل ما تتطلبه مصلحتها الوطنية. الفشل في الرد على دعوة أردوغان لن يؤدي إلا إلى تعميق أزمة الناتو الحالية.

يواجه التحالف، الذي احتفل بالذكرى السبعين لتأسيسه الشهر الماضي، العديد من التحديات. التحدي الأكبر الوحيد أمام الناتو هو تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتحالف، ورأيه أن الناتو قد عفا عليه الزمن. وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ المنظمة بأكمله.

يعتقد سفيرا الولايات المتحدة السابقان لدى الناتو، دوغلاس لوت ونيكولاس بيرنز، أن الناتو يواجه أيضاً التحديات التالية: استعادة قوة الدفاع الأوروبية ودعم القيم الديمقراطية للناتو، وتبسيط عملية صنع القرار في الناتو، واحتواء روسيا، وإنهاء الحرب الأفغانية، وإعادة التركيز على شراكات الناتو، والحفاظ على الباب مفتوحاً أمام أعضاء المستقبل، والفوز في معركة التكنولوجيا في العصر الرقمي، والتنافس مع الصين.

إذا فشل الناتو في حل المشاكل بين تركيا والولايات المتحدة بسبب هيمنة الأخيرة على المنظمة، فسيؤدي ذلك إلى تعميق أزمته.

.

برهان الدين دورانبواسطة/ برهان الدين دوران

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.