هل تندلع حرب عربية – إيرانية جديدة؟ التحجج بإيران لضرب تركيا! هل تأتينا “الضربة” هذه المرة من الجنوب؟

اصدرت قيادة البحرية الأمريكية بيانًا يوم الجمعة تقول فيه “ربما تهاجم إيران نقلات النفط في الخليج العربي”.

يصدر بعد هذا البيان بيومين، أي يوم الأحد، بيان من السعودية والإمارات بتعرض 4 سفن شحن لعمليات تخريبية. كما تزعم مصادر أمريكية وسعودية وإماراتية بأن 4 سفن تعرضت لهجوم قبالة ساحل ميناء الفجيرة الإماراتي، وتستهدف بهذا البيان إيران.

“الكذبة الكبرى الثانية” من أجل “المخطط الأكبر”

يشهد المحور الأمريكي – الإسرائيلي – السعودي – الإماراتي منذ أيام تطورات وتحركات غير عادية منذ أيام. كما أن الولايات المتحدة، التي شددت عقوباتها النفطية على إيران وألغت الإعفاءات التي تتمتع بها ثماني دول (بمن فيها تركيا) وأرسلت إلى المنطقة عقب ذلك مباشرة حاملات طائراتها وسفنها الصاروخية والهجومية وأساطيلها الجوية بما فيها طائرات إف-35 وسفينتها المستشفى التي تسع لاستقبال ألف شخص، تزعم أنها تلفت معلومات استخباراتية تشير إلى أنّ إيران تستعد للهجوم.

وأما وزير الدفاع الأمريكي فيقطع زيارتين خارجيتين كان يجريهما ليعود إلى بلده وهو يقول “لا بد أن أكون في واشنطن”.

غير أن هذه المعلومات الاستخباراتية تشبه كثيرًا الادعاءات التي نشرتها الولايات المتحدة قبيل احتلال العراق حول أن صدام حسين لديه أسلحة كيميائية، بل حتى أنه أنتج أسلحة كيميائية محمولة. وحينها خدع جورج بوش وتوني بلير وكولن باول العالم كله واستعرضوا ما لديهم من معلومات أمام الجمعية العامة بالأمم المتحدة، بيد أن هذه الكذبة الكبرى لم يعترف أحد بها إلا بعد تمزق العراق.

وبغض النظر عن محتوى هذه “المعلومات الاستخباراتية”، فإنهم قد بدؤوا يعدون العدة كما فعلوا إبان احتلال العراق. فالاستعدادات ذاتها مستمرة على قدم وساق كذلك في إسرائيل والسعودية والإمارات.

إشعال فتيل الحرب بين القومية العربية والقومية الفارسية

أصدرت واشنطن تعليمات إلى البلدان التي تشتري النفط من إيران قائلة “ستشترون النفط من الآن فصاعدًا من السعودية”، كما مارست ضغوطًا على حكومة بغداد لوضع مسافة في علاقتها بطهران.

وفي الوقت الذي يطرح فيه الجميع سؤال “لماذا يستعد هؤلاء؟”، فإن التدخلات التي يروج لها من خلال وليي العهد السعودي والإماراتي أصبحت خارج السيطرة في كل مكان من ليبيا إلى اليمن، ومن الانقلاب العسكري في السودان إلى ما يحدث في شمال سوريا.

نفهم مما يحدث أننا أمام أزمة عربية – إيرانية جديدة؛ إذ إنهم يبدؤون مرحلة جديدة ستجر المنطقة بأسرها إلى حروب لانهائية من خلال القوميتين العربية والفارسية. ولا شك أنهم سيروجون لهذه الحرب من خلال الدين والمذاهب. سيروجون لها من خلال مذهب السعودية السني ومذهب إيران الشيعي، وسيحكمون على العالم الإسلامي بالانخراط في حرب هيمنة واستعمار من خلال هويتين مختلفتين، على أن تشاهد العقول المدبرة في الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية هذه الحرب بمتعة كبيرة، وحينها ستكون قد أشعل فتيل قيامة جديدة في العالم الإسلامي.

خيانات وليي العهد ستدمر المنطقة

إن المحور الأمريكي – الإسرائيلي – البريطاني يمهد اليوم لأزمة أكثر اتساعًا على جبهة السعودية – إيران بعد حربي العراق وسوريا؛ إذ يستعد لعملية تدميرية جديدة ستدمر إيران والعالم العربي من خلال وليي العهد المتهورين السعودي والإماراتي.

لقد كانت ضغوط كهذه تتراكم منذ فترة طويلة. وقد اعتبرت التدخلات ومحاولات إعادة رسم ملامح المنطقة التي يروج لها من خلال السعودية والإمارات دائمًا وكأنها نماذج منفردة.

لقد كنت أولى خطوات إعادة رسوم ملامح هذه المنطقة الكبرى هي العمليات السرية والمعلنة بدأت من قضية القدس و”الخيانة الكبرى” التي روجوا لها تحت مسمى “اتفاق القرن”، مرورًا بالهجمات التي تتعرض لها الحكومة المركزية في ليبيا من خلال حفتر رجل الولايات المتحدة، وانتهاء بالانقلاب العسكري في السودان.

إن النقطة المشتركة لكل هذه التدخلات التي تعرضت لها تلك الدول هي معاداتها لتركيا. فهم يتدخلون في كل مكان تمتد إليه يد تركيا. وفي الوقت الذي يستعدون فيه للحرب ضد إيران، علينا أن نكون حذرين، ذلك أن كل التحركات تجري في إطار “تضييق الخناق على تركيا”.

ينبغي لتركيا إعادة تحديد ملامح قدراتها الدفاعية في صورة “جبهات هجومية متعددة” كما فعلت في مناورات ذئب البحر التي أجريت في وقت متزامن في البحار الثلاث، كما عليها أن تنجز كل استعداداتها وفقا لهذه التطورات.

ما هي المرحلة التركية من المخطط؟

من هم “عناصر العمليات الداخلية”؟

إن تركيا تقع في مركز هذه التحركات الممتدة اليوم من شمال أفريقيا إلى السودان، ومن سوريا إلى الخليج العربي؛ إذ إن هذا المخطط الكبير لإعادة رسم ملامح المنطقة هو سبب كل الضربات الموجهة لتركيا وحصارها والضغط عليها اقتصاديا ومحاولة تركيعها من خلال التحالفات الخارجية والداخلية. ذلك أنهم لن يستطيعوا تنفيذ مراحل أي خريطة تعترض عليها تركيا، ولهذا فإنها – أي تركيا – هي هدفهم الأكبر.

إن المرحلة الخاصة بتركيا من هذه الخطة الإقليمية في غاية الخطورة. فنحن أمام وضعية استثنائية بدءا من التدخل في انتخابات 31 مارس/آذار في تركيا إلى محاولة نشر شائعات حول محاولة انقلاب جديدة وتشكيل تحالف واسع بقدر لم نشهده من قبل في سبيل إسقاط أردوغان ونقل الأموال السعودية والإماراتية إلى تركيا و”تجهيزات العمليات الداخلية”.

تشكيل تحالف أوسع من تحالف 15 يوليو/تموز

إنهم يروجون هذه المرة من ناحية الجنوب لنسخة أكثر اختلافًا مما حدث ليلة 15 يوليو؛ إذ إن مرحلة التدخل الدولي في تركيا اتضحت أكثر مع إلغاء نتيجة رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بسبب سرقة الأصوات التي رتبها التحالف ذاته. فكل فرد يحاو استغلال الوضع ليجد مهمة لنفسه ويحجز مكانًا في الموجة الجديدة.

ربما تشهد المنطقة بأسرها تطورات كبرى حتى قبل موعد الانتخابات في تركيا يوم 23 يونيو/حزيران. ولهذا فإننا نتابع بانتباه كل خطوات العملية.

لا شك أن لدينا العديد من الملاحظات المثيرة حول مرحلة تركيا من هذا المخطط، لكننا لن نتكلم الآن مع ذكر الأسماء والجهات، لأنني أعلم أن ذلك سيفسر على أنه تفسير سابق لأوانه.

إمام أوغلو وغولن وأموال وليي العهد

لكن تفاصيل المشهد تتضح بمرور الوقت. وإن أكرم إمام أوغلو ومنظمة غولن الإرهابية الداعم له ليسا سوى جزء من هذا المخطط. كما أن اللغة والخطابات المحافظة وبعض التحركات السياسية تعتبر هي الأخرى جزءا آخر. وأنا شخصيًّا أرى أننا أمام عملية تشكيل تحالف وائتلاف أوسع بكثير مما حدث ليلة 15 يوليو.

ربما يتحججون بإيران ليستهدفوا المقاومة الوطنية التركية. وإن أجندة تركيا لدى السعودية والإمارات وساداتهما قد فضحت بما فيه الكفاية. فإذا كانت أموال بن سلمان وبن زايد قد بدأت تتدفق على جهات معينة داخل تركيا، فهذا يعني أن المرحلة التالية هي التي ستشهد التحركات الحقيقية، وما عليكم سوى أن تنتظروا.

ابراهيم كراجول – يني شفق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.