لقيت التصريحات الأخيرة لوالي إسطنبول علي يرلي فايا، السبت 13 تموز/يوليو الجاري، حول العمال الأجانب في إسطنبول ردودا متباينة، حيث قال إن “هناك عددا كبيرا من الأجانب يعملون في ولايتنا بدون وثائق رسمية، ولذلك فإن موظفينا سيقومون بتفقد أماكن العمل في الولاية، للتأكد من قانونية العمال والموظفين”.

 

وأضاف الوالي أن “إسطنبول باتت تعاني من عبء كبير لا يمكن تحمله”.

 

التصريحات جاءت ضمن جلسة جمعته مع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ومدير دائرة الهجرة عبدالله آياز، وحضور مجموعة من الصحفيين العرب، ناقشوا خلالها وضع اللاجئين السوريين خاصة، والأجانب عامة، وتباحثوا بالحلول العملية من أجل تنظيمهم داخل إسطنبول وباقي مدن تركيا، منها متابعة وضع الإقامة وإذن العمل للأجانب.

 

البعض عن جهل، والبعض الآخر من الأطراف التي تسعى لنشر الفتنة بين الأتراك والعرب، سارعوا  لنشر هذه التصريحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أنها دعوى صريحة من الجهات التركية الرسمية لإفراغ إسطنبول خاصة، وتركيا عامة، من العرب والسوريين، وهناك من حلل وعن جهل أيضا هذه القرارات وربطها بنتيجة الانتخابات الأخيرة.

 

من جهة ثانية، هناك من اعتبرها تصريحات منطقية، ومن حق كل دولة وضع قانون خاص بعمل الأجانب يتناسب ومصالحها، ومثل هذه القوانين من شأنها ردع الشركات والمؤسسات التي استغلت  التسهيلات التي منحتها الدولة التركية للاجئين السوريين وغيرهم من الأجانب العرب الذين إما هربوا من حرب في بلادهم أو من مضايقات نتيجة آرائهم السياسية.

 

كما من شأن هذه القوانين ردع المستثمرين الذين استغلوا هذا الظرف لفتح شركات ومؤسسات غير قانونية تهربا من دفع رسوم التأمين وغيرها من المستحقات المشروعة.

 

وحسب تقديرات متداولة حول حجم العمالة الأجنبية في تركيا، فإن عدد العمال الأجانب في إسطنبول والذين يعملون بشكل غير رسمي تصل إلى 538 ألف عامل، جلهم يتعرضون لاستغلال من قبل الشركات والمؤسسات التي يعملون فيها دون مراعاة قانون العمل التركي، الذي ينص على أنه من حق العامل الأجنبي الحصول على إذن وإقامة عمل ونظام تأمين ورعاية صحية واجتماعية.

 

فإذا نزلتَ إسطنبول ستقابل أمثلة كثيرة من هؤلاء، (س . محمد) شاب سوري هرب وعائلته إلى تركيا نتيجة الحرب الدائرة هناك، يحمل شهادة ليسانس حقوق وشهادة ماجستير في الأدب الإنجليزي، إلا أنه يعمل نادلا في مطعم بالقسم الأوروبي من إسطنبول، بدوام 6 أيام في الأسبوع/12 ساعة يوميا، دون إذن ولا إقامة عمل وبراتب شهري لا يغطي حاجة أسرته المكونة من 6 أفراد.

 

أخبرنا محمد أن حاله من حال عمال المطعم ومثلهم الآلاف في عموم تركيا من العمالة الأجنبية غير الرسمية، وأي عامل يبدي اعتراضه بخصوص ظروف العمل فإن مصيره الطرد مباشرة.

 

حال هؤلاء من مئات الآلاف من العمال وأسرهم، من بين الأسباب التي تستدعي تدخل الجهات الرسمية التركية، لمراقبة وتنظيم واقع العمالة الأجنبية، بما يخدم مصالح البلد ويضمن حقوق العامل الأجنبي، خاصة إذا عرفنا أنه وحسب القانون التركي الخاص بعمل الأجانب، فإن الشركة أو المؤسسة هي التي تقوم بتقديم طلب إذن العمل للأجنبي وتقديم الأوراق اللازمة لوزارة العمل، كما أن الحصول على إذن عمل أو إقامة عمل يمنح صاحبه حقوق كثيرة نذكر منها: السفر بحُريّة إلى أي دولة، تقديم طلب الحصول على الجنسية التركية بعد 5 سنوات من العمل، الحصول على الحد الأدنى للأجور والرواتب في تركيا.

 

كما يحصل حامل إذن عمل على إقامة لكافة أفراد أسرته وعلى ضمان صحي له ولأسرته، وعلى تعويض حكومي في حال حصول حادث، ويحق لأفراد عائلته دخول الجامعات والمدارس التركية، وامتيازات أخرى.