رفقاء داود أوغلو الجدد

قام رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، قبل أيام، بزيارة لمسقط رأسه، قضاء طاشكينت التابع لمحافظة قونيا التركية، برفقة عدد من السياسيين وصفتهم وسائل الإعلام التركية بأنهم “فريق داود أوغلو” الذي يستعد للانشقاق عن حزب العدالة والتنمية لتأسيس حزب سياسي جديد.

داود أوغلو كان يحلم بتولي رئاسة حزب العدالة والتنمية بعد إقصاء رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان منها، وهذا كان خياره الأول، إلا أنه لم يتحقق، كما أن رئيس الجمهورية السابق عبد الله غول ونائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان رفضا مشاركة داود أوغلو معهما في تأسيس حزب جديد. ولذلك، لم يبق أمام داود أوغلو غير الخيار الثالث، وهو القيام بتأسيس حزبه الخاص به.

الساحة السياسية التركية ليس فيها فراغ كي يملأه حزب جديد. كما أن أي حزب جديد يحتاج إلى أعضاء مؤسسين، يشكلون واجهته، ويعطون الناخبين فكرة عن خطه السياسي. ومن المتوقع أن يجد داود أوغلو صعوبة في تشكيل فريق قوي يتولى تأسيس حزبه، في ظل زحمة الأحزاب في الساحة السياسية التركية، واستعداد غول وباباجان لتأسيس حزب جديد.

ذكر صحفي قبل أيام أن داود أوغلو كان ينوي إطلاق حركته السياسية الجديدة في مدينة قونيا وسط حشد كبير، إلا أن مستشاريه قالوا له إنه من الأفضل أن يلغي هذه الخطة، لأن سكان المدينة لا يؤيدونه، بل هم غاضبون عليه بسبب ما يرونه “خيانة” لأردوغان، الأمر الذي دفع داود أوغلو إلى تغيير مكان إعلان انطلاق حركته من مدينة قونيا إلى قضاء طاشكينت.

لا ندري مدى صحة هذا القول، ولكن عدم تأييد سكان محافظة قونيا لــ”تمرد” داود أوغلو على أردوغان، يمكن أن يلاحظه أي أحد بكل سهولة من خلال استطلاع لآراء الناخبين في المدينة. ومهما كان داود أوغلو من مواليد قونيا، لا يتوقع أن يتخلى سكان المدينة عن حزب العدالة والتنمية كي يصوِّت لحزب داود أوغلو الجديد في الانتخابات.

أحد السياسيين الذين خرج داود أوغلو معهم أمام الكاميرات خلال زيارته لمسقط رأسه، النائب السابق إحسان أوزكس. وكان أوزكس مفتي قضاء أسكودار بمحافظة إسطنبول حين أسقط الجيش التركي حكومة أربكان عام 1997 بالتدخل الذي أطلق عليه “انقلاب 28 فبراير / شباط ما بعد الحداثة”. واشتهر أوزكس آنذاك بتعاونه الوثيق مع الانقلابيين ضد الجماعات الإسلامية والوشاية بأنشطتها. ولذلك، رشَّحه الحزب الديمقراطي اليساري برئاسة بولنت أجاويد لرئاسة بلدية أسكودار في انتخابات 1999 المحلية، إلا أنه لم يفز فيها، وعاد إلى الإفتاء. وبعد تقاعده، انضم إلى حزب الشعب الجمهوري، وخاض الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 11 يونيو / حزيران 2011 ضمن قوائمه ، ودخل البرلمان التركي نائبا عن محافظة إسطنبول.

انشقاق نائب سابق عن حزب الشعب الجمهوري وانضمامه إلى حركة داود أوغلو السياسية الجديدة ليست فيه مشكلة. ولكن المشكلة أن يحمل أوزكس سجلا لا يمكن أن يقبله الإسلاميون المؤيدون لداود أوغلو. كما أن الرجل ليس من السياسيين الذين يتمتعون بثقة الناخبين. بل هو من الخاسرين الذين يبحثون عن أي موطئ قدم لهم في الساحة السياسية. وبعبارة أخرى، وجوده إلى جانب داود أوغلو وبين مؤسسي حزبه سيزيد نفرة الناخبين من الحزب الجديد.

داود أوغلو كسب شهرة كبيرة كمهندس السياسة الخارجية التركية لسنين. ولكن المعارضة التركية تتهمه بتوريط تركيا في “مستنقعات” كانت في غنى عن دخولها. ولذلك لا يقبل غول وباباجان انضمامه إلى حزبهما الجديد. كما أنه لن يجد معه بعد انشقاقه عن حزب العدالة والتنمية غير أمثال أوزكس. ومن المتوقع أن يواصل الهبوط بعد أن بلغ قمة ما يمكن أن يصل إليه، ويستمر في انتقاد حزب العدالة والتنمية وأردوغان، في أمل بخطف الأضواء وكسب الأصوات.

.

 بواسطة/ إسماعيل ياشا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.