الحريري طلب دعماً عاجلاً من السعودية والإمارات وتم رفض طلبه!

برز غياب أي إشارة إلى لبنان في البيانات والنشرات السعودية الرسمية مؤخرا، رغم أن لبنان لطالما كان للسعودية نفوذ كبير فيه على مدى عقود طويلة، وحيث أخذت احتجاجات اندلعت مؤخراً ضد المؤسسة السياسية الحاكمة، في التحول خلال الأيام الأخيرة إلى ثورة أخرى في الشرق الأوسط.

رئيسة مكتب Bloomberg في السعودية دونا أبوالنصر، قالت إن الصمت الرسمي في العالم العربي بشأن الاضطرابات التي هزت لبنان لأكثر من أسبوع، يبدو كما لو أنه يتبع إرشادات نابليون «بألا تتدخل عندما يكون عدوك في طريقه إلى تدمير نفسه بنفسه». إذ اتحد متظاهرون في بيروت ومناطق لبنانية أخرى للاحتجاج على نظام يهيمن عليه «حزب الله»، وهو أحد وكلاء إيران في المنطقة وتصنّفه السعودية ودول خليجية أخرى تنظيماً إرهابياً، وطالما سعت القضاء عليه.

وقال مسؤول خليجي لبلومبرغ -طلب عدم التصريح باسمه لأن الحديث هنا عن مسائل خارجية حساسة- إن المسؤولين الرسميين تعمدوا الصمت، حتى وإن أخذ معلقون سعوديون وغيرهم في دول خليجية أخرى عبر القنوات التلفزيونية، في تأييد موقف المتظاهرين. والأكثر من ذلك، أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري حينما أراد الحصول على مساعدة مالية رُفض طلبه، لتجنب ذهاب الأموال إلى حزب الله من خلال الحكومة، وفقاً للمسؤول وشخصين آخرين مطّلعين على الأمر.

ومع أنَّ الغضب من الصعوبات الاقتصادية وادعاءات الفساد كان قد صار سمةً مميزة للبنان منذ سنوات، فإن ما جدّ هذه المرة، هو أن الاحتجاجات طالت كافة السياسيين من جميع الأديان والطوائف، وشملت حزب الله وزعيمه حسن نصر الله، الذي كان يُعد أيقونةً لا يمكن المساس بها.

ويقول سامي نادر، مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية، إن «ما يحدث هو هدية من السماء للسعودية ودول أخرى في حربها بالوكالة مع إيران». ومع ذلك، يقول نادر إن الابتعاد هو أمر أساسي، إذ «من الواضح أن حزب الله هو الخاسر الأول هنا، ومن ثم فإن أي ملمح يشير إلى وجود قوة إقليمية تحاول اختطاف الحراك، ستؤدي إلى هيمنة الاستقطاب على الاحتجاج وتقسيمه على أسس طائفية».

وامتنعت الكويت والإمارات أيضاً، مثلها مثل السعودية، عن إصدار بيانات رسمية أو النداءات المعتادة بالتعقل والتزام الهدوء، وهو ما قيد إجراءاتها لإجلاء مواطنيها عن لبنان.

وكانت الملكيات الثلاث، حتى وقت قريب، ركناً أساسياً في عمليات تقديم الدعم والمساعدات المالية للبنان متى ما تعثر اقتصاده أو أوشك على الانهيار. إذ يعد لبنان أحد أكثر البلدان مديونية في العالم، وقد أخذت محاولاته السابقة قبل اندلاع الاحتجاجات للحصول على مصادر تمويل جديدة، تعاني صعوبات كبيرة.

وقال مسؤول خليجي إن رئيس الوزراء سعد الدين الحريري زار أبوظبي قبل بضعة أسابيع ولم يتلق أي دعم كما فعلت السعودية. على النقيض من ذلك، عندما اندلعت الاضطرابات في السودان، وأطيح برئيسه، تعهدت الإمارات والسعودية بدعم قيمته 3 مليارات دولار لتفادي حدوث أي فوضى في البلاد.

ويقول محللون على دراية باستراتيجية الدول الخليجية، إن الحلفاء الخليجيين وقفوا موقف المتفرج إلى حد كبير لسببين رئيسين: أولهما أن الحريري، وفقاً لهم، لم ينفذ أياً من الإصلاحات التي طلبها المانحون للبدء في منح الأموال التي سبق أن تعهدوا بها في مؤتمر عام 2018، وثانيهما نفوذ حزب الله المستحكم في لبنان.

وتمزّق لبنان خلال الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاماً، وانتهت عام 1990 بسلام هش. ولم تكن التوترات الطائفية بين مجتمعات السنة والشيعة والمسيحيين بعيدة في أي وقت.

أعلن الحريري حزمة إصلاحات مالية جديدة في البلاد، تشمل خفض رواتب الوزراء وأعضاء البرلمان الحاليين والسابقين بمقدار النصف. وقال الرئيس ميشال عون يوم الخميس إن التغييرات في النظام السياسي يجب أن تأتي من خلال المؤسسات الدستورية، وليس من ساحات التظاهرات.

المصدر: وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.