مشكلة من وحدة الأراضي السورية واستقرارها ومستقبلها؟

لقد نشأ وضع جديد في سوريا مع انطلاقة عملية نبع السلام، لكن هذا الوضع لم يصل إلى غايته المرجوة من الاستقرار بعد. في الواقع إن من الطبيعي أن لا يتم التوصل إلى استقرار طالما لم يتم التوصل إلى حل دائم هناك. وفي النهاية كانت العملية التركية ضرورة قصوى وحلًّا عاجلًا للعديد من المشاكل. بكل تأكيد استطاعت هذه العملية تحديد الموزاين في سوريا من جديد.

كان هناك هدفان استراتيجيان أساسيان على المدى الطويل وضعتهما تركيا نصب عينيها خلال عمليتها العسكرية.

1. حماية حدودها ضد المخاطر والتهديدات التي تواجهها.

2. تأسيس منطقة آمنة يتحقق من خلالها وضع حد لموجات الهجرة القادمة من سوريا نحو تركيا وتحجيمها في الداخل السوري، وتأمين عودة الراغبين من السوريين في تركيا.

3. حماية وحدة الأراضي السورية، ومنع ضياع الأرضية التي توفر تسليم سوريا لشعبها، والوقوف بوجه التشكيلات التي تهدد السلام الداخلي هناك.

على صعيد آخر، لا يمكننا إلا أن نسأل أولئك الذين تواجدوا فجأة في سوريا وبالمقابل يشككون في شرعية وأحقية العملية العسكرية التركية، التي أطلقتها أصلًا من أجل الدفاع عن حدودها وردء التهديدات القادمة إليها من هناك؛ نسألهم: بماذا مشغولون أنتم هناك؟.

أولئك المتواجدون هناك على الدوام، من هم وما الذي يفعلونه، وماذا يخططون لسوريا المستقبل؟.

عندما يتم النظر من خلال تلك الأسئلة، يكون من الجلي الواضح من الذي يتواجد في سوريا، وهل يمتلك شرعية لبقائه هناك أم لا. وعندما يتم النظر حقيقة من خلال ذلك، من الضروري أن نقول قبل أي شيء، أن تركيا وحدها ليس إلا من تفكر بالسوريين فحسب، وبوحدة الأراضي السورية، وتقدّم حلًّا يقوم على الإبقاء على سوريا للسوريين فحسب.

لو أردتم أن نستعرض ذلك واحدًا تلو الآخر…

لم يعد للأسد قدرة بعد على إمكانية توحيد جميع صفوف الشعب السوري.

حيث لم يبق هناك مجال للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، بالنسبة لشخص قتل وهجّر شعبه، وقام بتدمير أجمل مدن بلده، مع تاريخها وثقافتها، وفتح حربًا على شعبه. لا يمكن أن نتوقع من شخص كهذا لو بقي في السلطة إلا مزيدًا من انعدام الاستقرار والتقسيم وانعدام الأمن، والمجازر الجماعية وانتهاك حقوق الإنسان بأفظع صورها. حتى المناطق التي يسيطر عليها بدعم من روسيا وإيران، لا يمكنه البقاء فيها إلا بأبشع أنظمة الضغط ولا شيء آخر.

أما روسيا، فإنها إضافة لكونها شريكًا في الإجرام إلى جانب ديكتاتوري يقتل شعبه؛ فإنها أيضًا لا تملك ذرة إزاء التفكير بوضع السوريين وتوحيدهم، وليس لديها إلا مصالحها الخاصة فقط. إنها تنظر للبلد كمجال لتوسيع نفوذها فيه وإنشاء قواعدها على أرضه، ولا يهمها بعد ذلك كم من الأبرياء سقطوا قتلى دون ذلك، أو لأي مدى كان النظام منتهكًا لحقوق الإنسان.

إيران هي الأخرى تنظر إلى سوريا كساحة من أجل توسيع نفوذها السياسي فقط. حتى ولو صدقنا حكاية جبهة الممانعة أو المقاومة ضد الصهيونية، فإن ديمومة انعدام الاستقرار في سوريا لم يجلي للصهيوينة إلا عسلًا مصفى لم تكن تحلم بها أصلًا. وإن المدنيين الذين قتلهم ولا يزال يقتلهم نظام الأسد المدعوم من إيران، يفوق بمرات عديدة القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا على يد إسرائيل، وبينما يتم هذا فإن الرؤية الصهيونية يتم تطبيقها بحذافيرها على أيديهم. لا خطة ولا أي نية لإيران في الحفاظ على وحدة الشعب السوري ووحدة أراضيه على الإطلاق. وكي لا نسيء الفهم؛ ربما يكون هناك خطة إيرانية في سوريا، إلا أنها مشروطة بأن تكون سوريا دولة شيعية تمامًا بشكل غير إنساني.

أما الولايات المتحدة، فإنها جاءت إلى سوريا زاعمة أن قدومها يهدف إلى القضاء على ديكتاتوري يقتل شعبه، ويستخد السلاح الكيميائي ضدهم، ويعتبر حارسًا وحاميًا للإرهاب. ولقد اكتسبت بذلك مشروعية دولية في ذلك الوقت. إلا أنها لن تلبث إذ وصلت إلى سوريا حتى غيرت خطتها تمامًا وعدلت عنها واضعة الكفاح ضد داعش أولوية لها. ولخوض هكذا كفاح تحالفت مع تنظيم إرهابي آخر “بي يي دي”، وقامت بدعمه حتى تمرّد وتجبر، وهو في الحقيقة ليس سوى ألعوبة تم استخدامه من أجل تقسيم سوريا، وممارسة تطهير عرقي لا يتثنى معه العيش في استقرار على الإطلاق. إذن نحن الأمام أمام الولايات المتحدة التي يتوسع ملف إجرامها كلما أصرت على البقاء في سوريا. ثقوا ليس هناك خطة ولا رؤية أمريكية نحو مستقبل موحد وآمن وإنساني في سوريا.

ها هناك أيضًا الجامعة العربية. ليس من الممكن أن تفهم ماذا فعلت في سوريا، ومن تدعم او ضد من تقاتل هناك. بل ليس هناك رؤية واضحة يمتلكونها نحو أي سوريا يريدونها. بينما تقوم روسيا وإيران، والولايات المتحدة وألعوبتها أي تنظيم “بي يي دي” بأفاعيلهم في سوريا، فإن الجامعة العربية لم تتذكر أنها عربية إلا عندما قامت تركيا بشن عملية عسكرية ضد تنظيم هو أصلًا يقوم بتطهير عرقي ضد العرب.

تذكّر وإنه تذكير يبدو كاستدعاء للذاكرة بعد فقدان طويل للذاكرة. حيث عند إهمال كل التجارب السابقة، يكون التذكر مدعاة للسخرية.

بعد استعرض هذه اللوحة بكل تفاصيلها، من الواضح جدًّا أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تقوم على تطوير سياسة تنظر إلى سوريا من خلال وحدتها واستقرارها وأنها ملك للشعب السوري لا لأي أحد آخر.

.

ياسين اكتايبواسطة /ياسين اكتاي

2 تعليقات
  1. Amirjan يقول

    كلب ابن الكلب

  2. نزيه العريبى يقول

    بجد مقاله جميله ومضمونها واقعي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.