خبير تركي: سنوات لتجاوز أزمة كورونا.. هذا تأثيره على النظام العالمي

أكد خبير اقتصادي تركي، أن العالم بحاجة لسنوات عدة، للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا المستجد، مشيرا بالوقت ذاته، إلى أن النظام العالمي بعد انتشار الفيروس لن يكون كما كان سابقا.

وقال الأكاديمي في جامعة إستنيه التركية، ليفنت سونر، في حوار مع صحيفة “صباح”، وترجمته “عربي21″، إنه من الضروري قبل دراسة الوضع الحالي، العودة إلى تحليل ما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما نتج عنها.

وأوضح أن أزمة الرهن العقاري التي بدأت في الولايات المتحدة، تحولت إلى أزمة عالمية عام 2008، ونتج عنها خسائر فادحة وصلت لإفلاس شركات، وارتفاع لمعدلات البطالة.

وأشار إلى أنه وفقا لتقرير جوزيف ستيجليز عام 2009، أكد على أن أحد الأسباب الرئيسية لتلك الأزمة هو عدم المساواة في توزيع الدخل بين البلدان والأفراد الذين يشكلون المجتمع، ولكن هناك عامل آخر مهم هو المديونية المفرطة للعالم، والتي بلغت 175 تريليون دولار.

ولفت إلى أن العالم منذ ذلك الوقت مر بمراحل مختلفة، وتدفقت الأموال إلى الاقتصادات الناشئة لفترة من الوقت.

وفي عام 2016، ومع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وارتفاع أسعار الفائدة تدريجيا، بدأت الأموال بالتحول في تدفقها من الاقتصادات الناشئة إلى الاقتصادات المتقدمة.

وأكد على أنه علينا النظر على أن فيروس كورونا، قد تسبب في أزمة مالية عالمية جديدة، وأدخل الاقتصاديات النامية بما فيها تركيا في ورطة كبيرة.

وأضاف أنه في عام 2020، بدأنا السنة بانخفاض خطير في أسعار النفط، بسبب عجز بلدان الأوبك عن الاتفاق على أسعار النفط فيما بينها، ومع اعتبار ذلك، فإن مديونية العالم وصلت إلى مستوى 278 تريليون دولار.

وأوضح أنه بعبارة أخرى، زاد العالم من مديونيته من 175 تريليون دولار إلى 278 تريليون دولار في 12 عاما، مع الإفراط بالقروض وبشكل مبالغ لمواجهة فيروس كورونا.

ونوه إلى أنه في البداية، وبالنظر إلى ردة الفعل الأولى، لم تتخذ دولا أي تدابير سواء اقتصادية أو حتى اجتماعية، وكان ينظر إلى الفيروس بالبداية على أنه “إنفلونزا بسيطة”، وعندما بدأت هذه الأزمة تظهر آثارا خطيرة في إيطاليا ، ثم انتشرت بشكل متسارع في إسبانيا ، أدرك الجميع بأن كورونا ينتشر بشكل كبير، في جميع أنحاء العالم ، واستنتجوا أنه أصبح الآن وباء عالميا.

أزمة أكثر خطورة من عام 2008

وأكد الخبير الاقتصادي، على أن العالم يواجه أزمة أشد بكثير من الأزمة العالمية عام 2008، موضحا، أنه من المعروف أن سلسلة التوريد العالمية تبدأ من الصين التي تعد محور العديد من المنتجات التي تنتشر في جميع أنحاء العالم، وخاصة الولايات المتحدة.

وأوضح أن تفشي الفيروس الذي بدأ من الصين، تسبب في كسر سلسلة التوريد هذه من النقطة الأساسية، بدء من قطاع السيارات، وانخفضت أسعار الطاقة بشكل ملحوظ، وتجلى انخفاض كبير في سوق الأسهم في المقام الأول، ثم خسرت قطاعات السياحة والنقل والخدمات اللوجستية والعقارية وشركات التأمين من قيمتها.

وأشار إلى أنه من الضروري إجراء تقييم لمؤشرات الاقتصاد الكلي في الدول، وعلى سبيل المثال، ارتفعت البطالة في الولايات المتحدة من 3.5 مليون أمريكي وفقا للأرقام التي أعلن عنها مؤخرا، إلى 6.5 مليون، ومن الملاحظ أنها ستواصل الارتفاع لتشمل 20 بالمئة من المجتمع.

وشدد على أن ذلك يوضح لنا أننا نواجه أزمة أشد فتكا وبكثير من أزمة عام 2008، والرأي الشائع لدى الجميع، أن العالم دخل في ركود ليس من السهل الخروج منه.

وتابع، بأنه من الممكن القول، أن هذه الأزمة هي أزمة من النوع “ألف”، ومن المرحلة الرابعة كما قال خبير الاقتصاد الأمريكي نوربيل روبيني.

وأوضح أن روبيني، يقول إنه هناك عدم يقين حول متى هذه الأزمة سيتضح قاعها ومتى ستصعد، وهذا يبين أن الهيكل الحالي غير كاف لمكافحة هذه الأزمة.

ما هي التدابير التي اتخذتها البلدان لمواجهة الأزمة الاقتصادية؟

ولفت إلى أن حزم الإنقاذ من البنوك المركزية اقتربت إلى حوالي 7 تريليون دولار في العالم، ولكن هذا لا يعد حلا دائما.

ورأى أن الحل الصحيح بمفهومه الحقيقي، هو ضرورة تغيير النظام الاقتصادي العالمي الحالي في مراحل معينة.

وأوضح أن ذلك يتعلق بأنماط حياة الناس واتجاهاتهم، وسفرهم وتفضيلاتهم العقارية، وعادات الاستهلاك، وكيفية استخدامهم للدخل المحلي، وكيفية تقليل عدم المساواة في توزيع الدخل بين البلدان والأشخاص.

هل اهتزت الرأسمالية العالمية؟

ورأى الخبير الاقتصادي، أن العالم مازال في بداية اهتزاز الرأسمالية العالمية، وقد يصل مع الوقت لأن يتغير كل شيء.

وأضاف أن البلدان والشركات والأفراد إذا قرروا العمل بشكل متعاون لتحويل هذه الأزمة إلى فرصة، فمن الممكن ذلك، ولكنني لا أرى أي أمل جدي في هذا الإطار.

وأشار إلى أنه في أسوأ الحالات، يمكن للبلدان أن تبدأ بإلقاء اللوم على بعضها البعض، وهذا بدوره قد يؤدي إلى توتر سياسي.

وأضاف أن الأرقام الحالية تظهر أن العالم، يعرض هيكلا مشابها للهيكل الاقتصادي خلال الحرب العالمية الثانية، وصحيح أننا الآن لسنا بحرب تقليدية، ولكن العالم يحاول خوض حرب بيولوجية مع بعضه البعض، وهذا لن ينجح إلا إذا أمكن تحقيق الوحدة.

وشدد على أنه ينبغي أن يكون المبدأ الأساسي للدول هو إبقاء الناس على قيد الحياة، وتلبية الدولة الحاجات الأساسية لهم مثل الصحة والإيواء والغذاء يعتبر شرطا أساسيا.

ولفت إلى أن هناك زيادة خطيرة للغاية في معدل المديونية في العالم، ومع تزايدها، فإن الناس سيواجهوا حالات مثل عجز الشركات عن سداد هذه الديون.

وشدد على ضرورة قيام الدول بمساعدة الشركات من خلال شراء أسهم بأموال الخزينة، وعرضها على الشعب والمؤسسات، لتكون شريكة فيها بعد تحسن الوضع.

أي نوع من النظام العالمي ينتظرنا عندما ينتهي الوباء ؟

ورأى أن الوباء، وتحولات الحياة التي يمر فيها الناس، يساهم في تسريع “الرقمنة” أكثر، فقد أصبحت الحياة تسير عبر العالم الرقمي، وتعقد الاجتماعات والدورات التدريبية في بيئة رقمية.

وأضاف أن ذلك يؤدي إلى اختراق التكونولجيا في كل مرحلة من مراحل حياتنا بشكل أكبر.

وختم بالقول أنه من الجدير بالذكر، أن هذه الأزمة يمكن اعتبارها فرصة للأفراد والشركات والحكومات لتنمية حياتهم ومواصلتها بشكل إنساني أكثر يسوده المساواة والشمولية.

.
المصدر/ arabi21
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.