واحد على مليون من المليمتر  

لقد تحول العالم إلى مكان مشتعل.

يبدو أن العدو غير المرئي قد أظهر ولا يزال يظهر للبشر حدود قدراتهم.

لقد سألت أخصائيّ العدوى؛ إلى أي قدر يبدو حجم فيروس كورونا؟

فأخبروني: عليك وضع ٦ أصفار أمام المليمتر.

يعني أنه يساوي واحد على مليون من المليمتر الواحد. ولا يمكن رؤيته بالمجهر العادي بل يحتاج إلى مجهر إلكتروني فائق القوة.

على الرغم من صغر حجم المتناهي في الصغر، إلا أنه لا يزال يبث الرعب في قلوب العالمين.

لقد نظرت بالأمس ظهرًا إلى الأرقام الجديدة حول العالم، فإذ به قد وصل إلى مليون و٢١٣ ألف و٨٦٩ شخصًا، وقضى على ٦٥ ألف و٦٠٣ شخصًا.

ماذا عن الوضع في تركيا

بداية دعونا نقوم بتمارين فكرية حول الوضع في تركيا ومستقبله، من خلال المحادثات التي أجريناها مع خبراء العدوى وأعضاء المجلس العلمي.

لقد بدأت عدة دول أوروبية وغربية، مثل إيطاليا، إسبانيا، بريطانيا، فرنسا وحتى الولايات المتحدة لا سيما نيويورك، بالوصول إلى وضع لم تعد قادرة فيه على إدارة القطاع الصحي، في مواجهة أزمة كورونا.

باتت تخضع لتطبيق اختيار المريض، يعني وضع الأولوية لمريض دون آخر.

بات الأطباء يمنحون أجهزة التنافس لمن لديهم فرصة أكبر في البقاء على قيد الحياة.

إن وضع تركيا من حيث عدد أسرّة العناية المركزة يعتبر الأفضل على مستوى العالم. بمتوسط ٤٠ سرير لكل ١٠٠ ألف شخص.

تلي تركيا في ذلك، ألمانيا حيث تملك ٢٩ سريرًا لكل ١٠٠ ألف شخص، وحينما ننظر للوضع هناك نشعر ببارقة أمل واسع ومبشّر.

اليوم بات يتضح بشكل أكبر أي قائدة جلبتها الاستثمارات الضخمة في قطاع الصحة، وما الذي تعنيه.

هناك خبر جيد أيضًا:

الأرقام الموجودة حاليا في تركيا، لم تصل إلى النقطة التي يخرج فيها القطاع الصحي عن قدرة التحمل.

حين مقارنة الوضع مع وضع البلدان التي تحدثنا عنها في الأعلى، نجد أن أرقام الوفيات في تركيا لا تصل إلى وضع المقارنة التقريبية من يحث الأرقام.

حسب الأرقام التي تم الإعلان عنها السبت قبل أمس، فقد وصل عدد الوفيات في تركيا إلى ٥٠١، أما في إيطاليا فقد وصل إلى ١٥ ألف و٣٦٢ شخصًا، وفي إسبانيا إلى ١٢ ألف و٤١٨ شخصًا، وفي فرنسا إلى ٧ آلاف و٥٦٠، وفي الولايات المتحدة إلى ٨ آلاف و٤٥٤، وفي بريطانيا إلى ٤ آلاف و٣١٣ حالة وفاة كذلك.

هناك انكسار في منحنى الصعود. هل يستمر الحال على هذا النحو؟

لكن للأسف، على الرغم من هذا الوضع الجيد إلا أنه لا يمنح ضمانًا من أجل المستقبل.

فكلما ارتفع عدد الاختبارات يوميًّا، كلما زادت حالات الإصابة.

إن الارتفاع الملحوظ في الأرقام، والذي بدأ بعد ١٠٠ حالة من الإصابات، يشير إلى أن تركيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، من حيث سرعة انتشار الفيروس فيها.

بل إن تركيا سبقت الولايات المتحدة في ذلك قبل ٤ أو ٥ أيام.

هذا الارتفاع الملحوظ ماذا يعني؟

لو كنا مرنين بعض الشيء؛ يمكن القول بأن الوضع يصبح خطيرًا كنظيره في البلدان التي ذكرناه آنفًا.

لكن للحقيقة، فإن الحكومة في تركيا ومنذ الساعات الأولى قد بذلت قصارى جهدها وعبر جميع إمكانياتها، في سبيل منع انتشار فيروس كورونا.

سيكون من الواضح متى يمكن الخروج من هذه المصيبة، من خلال مدى امتثال المجتمع للقواعد والتوصيات الموجهة لهم.

هناك جدول آخر أمامي:

الحكومية في تركيا بعد يوم واحد من تسجيل أول حالة إصابة يوم ١١ مارس، أعلنت إغلاق المدارس والجامعات، وقيدت الأنشطة الجماعية ونقاط التجمع.

أما بعد يومين، فقد قررت تطبيق قيود شاملة على السفر والتنقل، وتطبق إجراءات الحجر الصحي، وبعد ٤ أيام أعلنت إغلاق الأمكنة التي تشهد تجمعًّا للناس، بشكل مؤقت.

لكن حينما تتبعون هذا الترتيب ذاته، في بلدان مثل إيطاليا، إسبانيا، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، تجدون أنها لم تتخذ هذه القرارات إلا بعد ٣٩ يومًا كحد أدنى، و٥٤ يومًا كحد أقصى على شكل تسلسلي.

هذا الجدول أو البيانات تعتبر كافية للغاية، لأولئك الذين يغضون بصرهم عن التطبيقات والتدابير المعلنة في تركيا، ويغضون نظرهم عن الوضع المأساوي في البلاد الأوروبية، ليقولوا “انظروا إليهم لقد نجحوا، فلماذا لا ننجح نحن”..!

.

محمد آجات بواسطة/ محمد آجات  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.