ملاحقات قضائية من دول عدة للصين بسبب كورونا

تواجه الصين اتهامات من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وأستراليا بشأن مسؤوليتها عن انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم، الذي أصاب قرابة 4 ملايين 400 ألفاً وتسبب في وفاة أكثر من 295 ألفاً.

ولحقت شركات تركية بقائمة الأطراف التي تحمّل الصين مسؤولية انتشار الفيروس، وذلك من خلال دعوى قضائية رفعها محامٍ نيابة عن شركة تركية خاصة ضد الصين، مطالبة بتعويض عن الخسائر المالية الناجمة عن تفشي الفيروس التاجي، وأقام الدعوى المحامي التركي مليح أكورت في محكمة أنقرة الابتدائية نيابة عن شركة “أُجبرت على تعليق العمليات أثناء الإغلاق”، حسب قوله.

لم يذكر المحامي اسم الشركة. وحمَّلت الدعوى الصين المسؤولية عن الخسائر الاقتصادية، متهمة إياها بالفشل في توفير بيانات دقيقة في الوقت المناسب لمنظمة الصحة العالمية، وإخفاء معلومات عن عدوى الفيروس، وإسكات الأطباء وعدم منع انتشاره.

ملاحقات قضائية

وتتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول التي تحمّل الصين مسؤولية تفشي الوباء، إذ شن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب هجوماً على الصين متهماً إياها بأن مختبراً يقع في مدينة ووهان الصينية هو مصدر الوباء، آمراً إدارته بالتحقيق في منشأ الفيروس، هذا وطلب من الصين السماح لمحققين أمريكيين بالعمل على أراضيها، كما دعا ترمب لفتح تحقيق دولي قوبل بالتأييد من فرنسا وأستراليا التي طالبت هي الأخرى على لسان رئيس وزرائها سكوت موريسون، بتحقيق دولي في الجائحة وفي أصل الفيروس.

ما دفع السفير الصيني لدى أستراليا تشينغ جينغي إلى تحذيرها من أن مطالبة أستراليا بإجراء تحقيق بكيفية إدارة بكين لأزمة فيروس كورونا يمكن أن تؤدي إلى مقاطعة المستهلكين الصينيين لمنتجات أسترالية أو للزيارات إلى هذا البلد.

وتأتي تهديدات الصين كونها مسؤولة عن 26% من إجمالي تجارة أستراليا، وهو ما بلغت قيمته نحو 235 مليار دولار أسترالي (150 مليار دولار أمريكي) في السنة المالية 2018-2019، وهي أكبر سوق منفردة لصادرات أسترالية مثل الفحم وخام الحديد والنبيذ ولحوم الأبقار والسياحة والتعليم.

أما عن الاتهام الألماني فقد جاء على هيئة فاتورة بقيمة 149 مليار يورو، أي ما يقارب 162 مليار دولار، كخسائر سببها الفيروس أعدتها صحيفة (بيلد) الألمانية.

وتتضمن الفاتورة 27 مليار يورو إيرادات سياحية، و7 مليارات يورو لصناعة الأفلام الألمانية، و50 مليار يورو للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومليون يورو عن كل ساعة طيران خسرتها شركة الطيران الألماني لوفتانزا.

الموقف الفرنسي ظهر جلياً عقب اتهامها كلاً من الصين وروسيا باستغلال المساعدات الخاصة بمواجهة كورونا من أجل الدعاية، إذ عبرت عن استيائها من استثمار البلدين للمساعدات التي تقدمانها في مجال مكافحة فيروس كورونا لغايات دعائية، على لسان وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية إميلي دو مونشالان، قائلة إنه “لا يتعين على روسيا والصين استخدام التي المساعدات في سياق الأزمة الصحية كأداة لغايات دعائية”.

ويقول الباحث في مركز جنيف للدراسات السياسية ناصر زهير ، إن “القشة التي قصمت ظهر البعير كانت الأجهزة الصينية الفاسدة التي أعلنت عنها جميع الدول التي أرسلت إليها (إسبانيا، روما، بلجيكا، البرتغال)، إذ قالت تلك الدول بأن ما نسبته 35% إلى 40% من الأجهزة والمعدات غير صالحة والفحوصات كانت خاطئة، ما ساهم في انتشار الفيروس، إذ تُقرأ نتائج الفحص بأن المريض غير مصاب وهو مصاب، حسب الباحث.

أما بريطانيا فقد توعدت الصين بـ”أسئلة صعبة” بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا، تتعلق بسير تفشِّيه والسبل التي كان من الممكن أن تمنعه، معلنة على لسان وزير خارجيتها دومينيك راب أن العلاقات بين البلدين لن تكون على ما كانت عليه من قبل، قائلاً: “لا شك في أنه لا يمكن خوض أعمالنا بعد هذه الأزمة مثلما كان سابقاً، وسنكون مضطرين إلى طرح أسئلة صعبة حول ظهورها وكيف كان من الممكن وقفها”.

الصين تنفي مراراً

ردت الصين بغضب على الانتقادات الدولية لطريقة تعاملها مع وباء كورونا، متّهمة السياسيين الأمريكيين بـ”التفوّه بأكاذيب مكشوفة” وبتجاهل “مشكلاتهم الخطيرة” من دون ذكر اسم الرئيس الأمريكي، نافية الاتهامات بشأن تكتُّمها بخصوص مدى تفشي الفيروس أو شدته، بل حاولت تولِّي دور قيادي في معركة العالم ضد الفيروس عن طريق حملة دعائية عن تبرعاتها وبيعها الإمدادات الطبية للولايات المتحدة ودول أخرى وانفتاحها على تبادل الخبرات.

وكانت مصادر مطلعة قالت إن تقريراً أعدته المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة، وهي مؤسسة فكرية تابعة لوزارة أمن الدولة الصينية، يحذر من أن بكين ستواجه موجة عداء متزايدة في أعقاب تفشِّي فيروس كورونا المستجد الذي قد يقلب علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى مواجهة.

وقالت المصادر إن التقرير الذي قدمته وزارة أمن الدولة أوائل الشهر الماضي، لزعماء كبار في بكين بينهم الرئيس شي جين بينغ، خلص إلى أن المشاعر العالمية المناهضة للصين وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ حملة ميدان تيانانمين عام 1989.

وأوضح أشخاص مطلعون على محتوى التقرير، رفضوا كشف هوياتهم نظراً إلى حساسية الموضوع، أن بكين تواجه موجة مشاعر معادية تقودها الولايات المتحدة في أعقاب الوباء وتحتاج إلى أن تستعد لمواجهة مسلحة بين القوتين العالميتين في أسوأ سيناريو.

وفي ظل تزعُّمها قائمة الدول المتزايدة المطالِبة بمحاسبة الصين، تواصل الولايات المتحدة صدارة دول العالم الأكثر تضرُّراً من كورونا، فقد سجلت حتى الأربعاء، حسب موقع “Worldometer” المختص برصد ضحايا الفيروس، مليوناً و410 آلاف و168 إصابة جديدة. و83 ألفاً و491 حالة وفاة.

.

المصدر/ trtarabi

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.