هل يتحقق الهدف الذي حدده أردوغان قبل 44 شهرًا؟

خلال اجتماعه بمجلس الوزراء مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2016، ألقى الرئيس رجب طيب أردوغان كلمته أمام أعضاء المجلس قائلًا:

– أيها الأصدقاء، لا يمكن لتركيا أن تبقى عند هذه النقطة. سيتغير الوضع بطريقة ما.

– إما أن نتحرك نحو الأمام بخطوات ثابتة وننتصر.

– أو سنبقى رهن الانمكاش والتقلص.

– وأنا مستعد للتحرك نحو الأمام.

أريد بادئ ذي بدء أن ألفت انتباهكم إلى تاريخ إلقائه هذه الكلمات.

كانت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة 15 تموز/يوليو، بشهرين ونصف، خلال عملية “درع الفرات” شمالي سوريا، والتي كانت أول عملية خارج الحدود التركية.

بل إنني أذكر أيضًا أنني حينما سلطت الضوء على هذا الخطاب في مقالتي هنا آنذاك، انتقدني الكاتب الصحفي أرطغرل أوزكوك بمقال له في صحيفة حرييت بأنني أبالغ.

حينما ننظر إلى الوراء ما قبل 44 شهرًا من الآن، كانت الكلمات التي ألقاها أدروغان خلال اجتماعه مع مجلس الوزراء قيّمة لدرجة أنها تستحق أن تدخل التاريخ، لكن هل يمكننا أن نقول بأن هذه الكلمات كانت تمثّل الحالة التي خرجت منها تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة 15 تموز/يوليو؟

بالنسبة لي؛ نعم يمكننا قول ذلك.

لنتذكّر المفهوم الجديد في مكافحة الإرهاب الذي أسميته آنذاك بـ “عقيدة أردوغان” الخاصة، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث انتقل هذا المفهوم من انتظار الإرهاب حتى يهجم لكي نرد، إلى التوجه نحو مصادره الرئيسية وضربها.

وبمعنى آخر، كان يعني الانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم.

لقد تم اتباع استراتيجية تجفيف منابع الإرهاب، لتشهد تقدمًا ونجاحًا ملحوظين خلال الأيام اللاحقة في ذلك الوقت، لدرجة أن عناصر بي كا كا الإرهابية تم تضييق الخناق عليهم وحصرهم، مما جعل تركيا تأخذ نفسًا عميقًا.

كما تعلمون، فإنه قبل يوم أو يومين تم تحييد مسؤول رفيع في منظمة بي كا كا الإرهابية جاء عبر الحدود التي تمتد حوالي 150 كم، عبر عملية مشتركة بين جهاز الاستخبارات والقوات المسلحة.

استنعراض القوة في البحر المتوسط

في المقال السابق الذي استعرضت فيه اللقاء الذي أجريته مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، افتتحت المقال بهذه الجملة:

“يمكنكم معرفة “تحديات” السياسة الخارجية لدولة ما بالنظر إلى الملفات الموجودة أمام وزير خارجية تلك الدولة وحجم تلك الملفات أو تنوعها. ولا داعي لعدها جميعًا.”.

وفي السياق ذاته جاءت بعض الأخبار من وزارة الدفاع تشير إلى أنه يمكن تطبيق هذه الجملة على وزارة الدفاع كذلك.

لو تلاحظون، فإن القوات المسلحة التركية خلال السنوات الأخيرة كانت في عمل مكثف أكثر من أي وقت مضى في تاريخها.

كانت تخوض نشاطات عديدة كبيرة الحجم سواء داخل الحدود أو خارجها على جميع الأصعدة.

الأخبار التي وردت أمس من وزارة الدفاع، تشير إلى أن استعراض القوة في البحر المتوسط قد تم رفع سقفها أكثر مما مضى.

استعراض القوة التي نقصده هنا إنما هو المناورات التي انطلقت في المتوسط.

“أطلقت القوات الجوية والبحرية التركية مناورات عسكرية في البحر المتوسط، بمشاركة طائرات وسفن حربية تابعة للقوات التركية، حيث تهدف المناورات لاختبار وتطوير مهام عمليات المسافات الطويلة دون انقطاع”.

ومن أجل فهم حجم المنطقة التي تمت فيها هذه المناورات، أريد أن ألفت انتباهكم عبر هذه الجملة:

لقد تم تنفيذ هذه المناورات التي انطلقت تحت اسم “البحر المفتوح” بمشاركة القوات الجوية والبحرية، على مدى ألفي كيلومتر تمتد من المياه الإقليمية التركية،

وبمعنى آخر يمكننا القول:

لقد أجرت تركيا هذه المناورات بطائراتها وسفنها الحربية في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط وفي مجال الأجواء الدولية، في مساحة ألف كيلومتر ذهاب ومثله إيابًا.

ماذا يعني ذلك؟

أن تركيا بإمكانها تنفيذ مناورات من هذا النوع وفي البحر المتوسط، وسط بيئة كانت تتساءل قبل شهور؛ هل سنبقى محكومين بين سواحل أنطاليا؟

علبنا أن ننتبه أن هذه المناورات أو استعراض القوة في البحر المتوسط، تأتي تزامنًا مع التطورات في ليبيا، أي تقدّم قوات الوفاق التي تدعمها تركيا.

من الواضح أن تركيا حددت أهدافًا من شأنها الحفاظ على هذه المكتسبات وعدم التفريط بها، وتطوير التعاون مع حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا، واتخاذ موقف فعال على صعيد النضال في المتوسط.

كما هو معلوم فإن حكاية ليبيا قد بدأت العام الماضي حينما طلب السرّج رئيس حكومة الوفاق الدعم من أنقرة، ضد الحصار المطبق الذي كان يظنه البعض لن يُكسر.

في تلك المرحلة من أجل تغيير الوضع بشكل عكسي، كان لا بد من إرادة قوية كالتي جسدها أردوغان في ذلك الوقت.

وكما قال رئيس الوزراء الليبي السراج الذي جاء في زيارة إلى أنقرة الأسبوع الماضي؛ لقد تم إظهار الشجاعة المطلوبة، والنقطة التي تم الوصول إليها شهدها العالم بأكمله، لا سيما الجنرال الانقلابي حفتر وداعموه.

إن المناورات التي تجريها القوات التركية في المياه الدولية بالبحر المتوسط، تتلاءم مع الأهداف التي حددها الرئيس أردوغان قبل 44 شهرًا.

علبنا أن نتذكر مجدّدًا. ماذا قال أردوغان؟

“إما أن إما أن نتحرك نحو الأمام بخطوات ثابتة وننتصر، أو سنبقى رهن الانمكاش والتقلص”.

.

محمد آجات محمد آجات

تعليق 1
  1. شادي عليان يقول

    إما أن نتحرك نحو الأمام بخطوات ثابته _ وننتصر _
    أو سنبقى رهن الانكماش والتقلص _ كلمات جميلة ومحفزه ..
    من السيد الرئيس رجب طيب اردوغان… نعم قالها قبل اربعا واربعين شهرا أمام مجلس الوزراء في ذلك الوقت… أهداف استراتجية لقوة تركيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم اجمع … وأقولها دائما… شكرا سيدي الرئيس رجب طيب اردوغان على ما تقدمه لتركيا وللشعب التركي…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.