ماذا قال بولتون في كتابه عن الرئيس أردوغان؟

انتشرت نسخة الكترونية من كتاب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، قبل أيام من إطلاق الكتاب الذي أغضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ رسميا.

ومن المنتظر أن يُنشر الكتاب رسميا الثلاثاء، بعد تأجيل بسبب الجوانب القانونية، رغم تحركات قضائية من جانب البيت الأبيض لمنع نشره.

وفي حين أعلنت دار النشر “سيمون آند شوستر” أن كتاب “الغرفة حيث حدث ذلك: مذكرات البيت الأبيض” سينشر في موعده المقرر في 23 حزيران/ يونيو الجاري، انتشرت نسخة الكترونية من الكتاب.

وحسب النسخة الالكترونية، وهي بصيغة “بي دي إف”، يقع الكتاب في 290 صفحة، ومقسم إلى 15 فصلا. وتشير النسخة إلى أن تاريخ النسخة المطبوعة الأولى هو حزيران/ يونيو 2020، ما يعني أنها نسخة نهائية من الكتاب. ومن الواضح أنها نسخة معدة أصلا للنشر الالكتروني، بما في ذلك طريقة ترتيب الهوامش.

وثارت تساؤلات عن كيفية انتشار النسخة الالكترونية وما إذا كانت نسخة غير رسمية أم أنها تم تسريبها بشكل متعمد من جانب بولتون أو دار النشر، كمحاولة استباقية لمنع وقف نشر الكتاب لو صدر حكم قضائي، أو”نكاية بترامب” الذي يسعى جاهدا لمنع نشر الكتاب الذي يضر به كثيرا على أعتاب الانتخابات الرئاسية.

ويزعم ترامب أن الكتاب يتضمن أسرارا حصل عليها بولتون بسبب عمله كعضو في الإدارة، وأنه يمكن أن يُحاسب بتهمة إفشاء هذه الأسرار.

ويتناول الكتاب بشكل خاص السياسة الخارجية لترامب، خلال الفترة التي قضاها بولتون كمستشار للأمن القومي (نيسان/ أبريل 2018 إلى أيلول/ سبتمبر 2019). لكن بولتون يتحدث أيضا عن علاقته الرئيس وكيفية تعيينه في المنصب وتفاصيل لقاءاته الأولى بالرئيس. ويذكر في الصفحات الأولى للكتاب أن ترامب ربما لم يكن معجبا بشاربيه الكبيرين.

ويشير بولتون إلى أنه دعم ترامب خلال الحملة الانتخابية، رغم أن “القليلين توقعوا فوزه” في الانتخابات على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ويقول إنه قبل بتولي مهمة مستشار الأمن القومي لأنه كان يعتقد أن هناك تحديات كبيرة تواجه الولايات المتحدة، وأنه ربما كان يمكنه فعل ما لم يتمكن آخرون سبقوه من فعله، لكنه يتساءل: “هل نجحت في ذلك”؟ ليجيب: “تابع القراءة”.

وتناول بولتون في مطلع الكتاب خفايا التعيينات في المناصب الرئيسية في إدارة ترامب عقب انتخابه، بما في ذلك موقع وزير الخارجية، الذي شغله بداية ريك تيلرسون. ويقول بولتون إن مؤهله الوحيد عمله في شركة إكسون موبيل للنفط، وحينها ارتبط بعلاقات قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ الذي وُجهت إليه اتهامات بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وتناول الكتاب أيضا الموضوع السوري، وأشار إلى ترامب بدا يسير  ببطء نحو اتخاذ إجراءات مع أنباء هجمات النظام السوري بالأسلحة في دوما بريف دمشق، في نيسان/ أبريل 2018. وقال إن موقف ترامب جاء على عكس الرد على الأمريكي بعد الهجوم بغاز السارين في خان شيخون عام 2017.

وفي السياق ذاته، بدا متهجما على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قائلا إنه شعر بأنه نبرة أردوغان في الحديث الهاتفي بدت كـ”خطاب الشرفة لموسوليني”، وهو يعرض خبراته و”يلقي علينا الدروس” وملاحظاته التي تتم ترجمتها مباشرة لترامب وفريقه؛ عندما اتصل به الأخير لمناقشة الوضع، بعد ضغوط من الرئيس الفرنسي إماونويل ماكرون، وحينها لم يعده أردوغان بالمشاركة في أي عمل عسكري، لكنه وعده بأنه سيتصل ببوتين.

وقال بولتون إنه قبل الاتصال بأردوغان، طرح على ترامب “المعادلة الصحيحة”، وتتضمن خطة لعملية عسكرية ثلاثية بمشاركة بريطانية وفرنسية، ومجموعة متكاملة من الخطوات، سياسية واقتصادية مدعومة بالقوة العسكرية، ثم عملية مستمرة ومثابرة وليس “طلقة واحدة”.

وبدا ترامب مقتنعا، لكنه خرج للإعلام ليحمل سلفه باراك أوباما المسؤولية عن تطورات الأوضاع في سوريا.

وفي موضع آخر، يتطرق بولتون للعلاقة الملتبسة والمعقدة بين ترامب وأردوغان. وفي هذا السياق يتحدث عن النقاش بين الرئيسين حول قضية القس الأمريكي برانسون الذي كان معتقلا في تركيا. وينقل بولتون أن ترامب أبلغ نظيره التركي أنه “رغم الصداقة” بينهما، إلا أنه لا يستطيع تجاوز مسألة احتجاز القس ومنعه من العودة إلى الولايات المتحدة، قبل أن يتحول لاحقا للتهديد بالعقوبات على مسؤولين آتراك.

كما يتحدث الكتاب عن اتصال بين أردوغان وترامب؛ تحدث الأخير خلاله على عزم الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا إذا كانت تركيا مستعدة لتولي مهمة ملاحقة بقايا تنظيم الدولة في سوريا.

وفي اتصال آخر أبلغ ترامب أردوغان بموافقته على دخول القوات التركية إلى شمال سوريا، شرط عدم التعرض للقوات الأمريكية أو القوات الكردية، وأن على الأتراك ملاحقة عناصر تنظيم الدولة وأن الولايات المتحدة يمكن أن توفر الدعم عند الحاجة.

في المقابل تحدث أردوغان عن حبه للأكراد، لكنه اتهم حزب العمال الكردستاني والوحدات الكردية في سوريا بالسيطرة على الأكراد، مؤكدا أن تركيا ستحارب الإرهابيين فقط.

وبدا بولتون مرة أخرى مهاجما أردوغان، متهما إياه بتكرار البروباغندا للدولة التركية، رغم أن بولتون وجه انتقادا لأوباما باعتباره من بدأ سياسة الاعتماد على “تنظيم إرهابي (العمال الكردستاني) لمحاربة تنظيم إرهابي آخر (تنظيم الدولة)”، قائلا إن رأي تركيا في هذا الصدد فيه بعض الوجاهة.

وفي المقابل بدا بولتون مدافعا عن السعودية ومحمد بن سلمان. وفي سياق تطرقه لحادث قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وهي الحادثة التي وصفها “بجريمة القتل”، وأن هناك القليل من الشك حول بأنها كانت مجرد خطأ، قال بولتون: “سواء كنت تحب العائلة الملكية أو ابن سلمان أو خاشقجي أم لا، فإن لديك مصالح وطنية” مع السعودية، معتبرا أن سحب الدعم للسعودية يعني منح فرصة لروسيا وخصوصا في صفقات السلاح.

وكان واضحا اهتمام بولتون بعلاقة ترامب مع أردوغان وبوتين، فورد ذكر الأول 95 مرة على الأقل والثاني 251 مرة، وغالبيتها في سياق سلبي ضدهما، بالإضافة إلى الحديث عن الصين، فيما لم يتطرق كثيرا للحديث عن السعودية أو الإمارات كثيرا، فمثلا ورد ذكر اسم ولي العهد محمد بن سلمان ثماني مرات فقط، ولم يرد اسم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد سوى مرة واحدة، ولكن ورد ذكرهما بطريقة مختلفة.

وفي الفصل الأخير من الكتاب، يتطرق بولتون إلى محاولات ترامب لوقف نشر الكتاب، ويؤكد أنه متمسك بآرائه التي آثارت غضب ترامب وأدت إلى طرده.

وقال إن ترامب يتصرف كما هو متوقع منه، في سعيه لمنع نشر الكتاب، متهما البيت الأبيض باحتجاز أوراقه الخاصة غير المصنفة كسرية، إلى جانب محاولة عرقلة حسابه على تويتر.

ويرفض بولتون اتهامات مثل تلك التي وجهها وزير الدفاع الأسبق روبرت غيتس؛ حول توقيت نشر الكتاب قبيل الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن الأخير فعل الشيء ذاته قبيل انتخابات عام 2012، عندما نشر كتابه عن فترة خدمته في إدارة أوباما الأولى.

وفي ما يبدو تلميحا إلى خشية الجناح اليميني والمحافظين الجدد في الحزب الجمهوري من “تركة” ترامب في ولايته الثانية، قال بولتون إنه ربما يكون الديمقراطيون أكثر سعادة بهذه التركة من الجمهوريين، داعيا للتفكير بالأمر، في إشارة منه لعدم دعم ترامب لولاية ثانية.

ويشار إلى أن الكتاب يتضمن قضايا كثيرة، منها حديث بولتون عن دعم ترامب لمعسكرات اعتقال المسلمين الإيغور في الصين، وخفايا محاولته بناء علاقات اقتصادية مع الصين، مشيرا إلى أن ترامب بدا كأنه مستعد لفعل أي شيء لإعاة انتخابه لولاية ثانية.

كما يتناول الكتاب تدخلات ترامب في مسار القضاء في الولايات المتحدة في محاولة لإرضاء مسؤولين أجانب، إضافة إلى فضيحة أوكرانيا.

ومن الجوانب المثيرة أيضا، اجتماعات حول إيران، ومحاول وضع قوائم للاغتيال، بينها قائد فيلق القدس الراحل سليماني، وأن ترامب طل بوضع المرشد الأعلى علي خامنئي على القائمة.

.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.