الإصلاحات المستدامة.. من أولويات المرحلة القادمة في تركيا  

تحدث الرئيس رجب طيب أردوغان في خطابه الأسبوع الماضي عن أهمية التسارع نحو إصلاحات من الجيل الثاني والثالث، لتعزيز القدرة التنافسية لتركيا وتعزيز استدامتها، في إشارة إلى الإصلاحات الهيكلية الهامة المعروفة بأنها إصلاحات الجيل الأول والتي ساهمت بشكل أساسي في تقدم تركيا في السنوات الأخيرة.

وتتمثل أولى النقطتين المهمتين اللتين ستركز عليهما تركيا في الفترة ما بين 2020-2030 في تعزيز موقعها في المنافسة العالمية مع إدارة التكلفة الفعالة. والنقطة الثانية تتمثل في تطوير تقنيات المواد الخام المحلية والسلع الوسيطة للقطاعات الاستراتيجية ومن ثم زيادة انخراطها في تقنيات الطاقة المتجددة.

 

كما تحتاج البلاد إلى دعم رواد الأعمال الشباب والعقول الناشئة الجديدة في العالم الرقمي والإلكتروني لتصبح تركيا المورد الأكثر موثوقية في العالم.

 

وستكون الاستدامة والطاقة الخضراء والنمو المستدام للبيئة الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية على رأس الأولويات في المراحل المقبلة.

 

وبالتالي، ستجلب الإصلاحات من الجيل الثاني والثالث سيولةً وديناميكية للاقتصاد التركي وستسمح للدولة أيضاً بالتخلص من القضايا المسؤولة عن خلق احتكاك معيق يؤدى إلى تباطؤ في عجلة الاقتصاد.

وتعني قوة الاحتكاك حرفياً تماساً بين شيئين يجعل الحركة صعبة. وكما تؤثر هذه القوة فيزيائياً على المواد الصلبة والسوائل والغازات، فإنها تؤثر أيضاً على مرونة الاقتصاد من حيث كمية المال المستخدم في الإنتاج والتجارة وبناء الأسواق.

 

لذلك، تتناسب ديناميكية اقتصاد أي دولة بشكل أساسي مع السيولة المالية التي يمكن استخدامها للقيام بعمليات الإنتاج والتجارة وتحويل الأموال. وبعبارة أخرى تعتمد ديناميكية الاقتصاد على تقليل قوة الاحتكاك.

 

ويتم حساب معامل الاحتكاك بين 0 و 1 حيث يعني الاقتراب من 1، انخفاض السيولة وانخفاض السرعة في إنجاز العمليات الاقتصادية.

 

وفي صفحات الاقتصاد التركي، قام جميع القادة السياسيين الذين تركوا بصماتهم في تاريخ البلاد، بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية للحد من معامل الاحتكاك وجعله أقرب إلى الصفر، بغرض إضافة ديناميكية إلى الاقتصاد في تركيا. ومن الأمثلة على هؤلاء القادة مؤسس البلاد مصطفى كمال أتاتورك ورئيسا الوزراء السابقين عدنان مندريس وتورغوت أوزال.

 

وقد بدأت تركيا منذ عام 2000 ، إبان مرور الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية بإعادة هيكلة مؤلمة، عدداً من الإصلاحات السياسية والاقتصادية لتقليل معدل الاحتكاك وإبقائه أقرب إلى الصفر. ولا تزال البلاد مستمرة في ذلك.

ومن القضايا التي تزيد من معامل الاحتكاك البيروقراطية ونهج التعاملات البنكية والأسواق القائمة على احتكار القلة.

 

وتأتي رقمنة الخدمات التي تسيطر البيروقراطية عادة على القطاعات التي تقدمها، ورقمنة الزراعة وقطاعات التصنيع والتجارة والخدمات، وتخفيض الإجراءات الرسمية، واتخاذ قرارات أسرع وبناء الأسواق بسرعة أكبر، على رأس الخطوات الهامة جداً لتسريع ديناميكية الاقتصاد التركي وحمايته.

 

بالإضافة إلى ذلك، لا بد من الاستعاضة بالخدمات المصرفية الميدانية الحقيقية التي توجه العميل في كيفية الحصول على القروض المطلوبة وطريقة سدادها، عن الخدمات المصرفية الجانبية التي لا تهتم بجودة ونجاح مشروع العميل. وهذا من شأنه أن يخدم الاقتصاد التركي عن طريق تقليل معامل الاحتكاك فيه. وعندها يمكننا القول أن بنوكنا العامة قامت بمهمة تاريخية.

 

والموضوع الحاسم الثالث هو هيكلة أسواق احتكار القلة التي تمثل أحد أسباب تضخم أسعار المواد الغذائية الذي نعيشه اليوم.

 

لذلك، فإن الخطوات التي يجب اتخاذها في هذا المجال وأولها الاستثمار في الجيل الجديد من البيوت البلاستيكية، من شأنها أن تسرع في التخلص من هذا التضخم.

.

كرم ألكن بواسطة / كرم ألكن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.