تركيا في السياسة الفرنسية.. تاريخ من الأزمات

السياسة الفرنسية .. اعتبر عضو الهيئة التدريسية بجامعة “حاجي بيرم ولي” التركية، البروفسور نائل ألكان، أن المنظور السياسي الذي تنتهجه فرنسا في سياساتها الخارجية مع تركيا، تسبب بتاريخ حافل من الأزمات بين البلدين.

وأضاف ألكان في مقال تحليلي، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “كثف مؤخرًا لهجته المعادية لتركيا، ومع ذلك، يمكن القول

إن هذا التوتر يندرج في إطار سلسلة من الأزمات شهدتها العلاقات بين البلدين لسنوات عديدة”.

وأشار إلى أن “خلفية الأزمة الحالية بين فرنسا وتركيا تكمن في رغبة باريس بأن تكون الدولة الرائدة في العلاقات الدولية وخاصة

في الاتحاد الأوروبي، وأن تفرض سيطرتها في حوض البحر المتوسط”.

وتدعم فرنسا اليونان مؤخرا بشكل واضح في خطواتها غير القانونية شرق المتوسط، عبر دعم اتفاقيتها البحرية غير الشرعية مع

مصر، فضلا عن دعمها عسكريا عبر إرسال قوات وتنفيذ مناورات عسكرية.

دعم الإرهاب ضد تركيا

الأكاديمي ألكان، شدد على أن تركيا وفرنسا، “تشهدان اليوم خلافات حول العديد من القضايا، أبرزها قضية شرق المتوسط والسياسات

المتعلقة بالمسألة الليبية، إلا أن التاريخ السياسي للبلدين حافل بالعديد من التوترات أبرزها المشكلة الأرمنية”.

وأردف “باريس غضت النظر في الثمانينيات عن استهداف دبلوماسيين أتراك من تنظيم ما يسمى الجيش السري الأرمني لتحرير أرمينيا

(أصالا)، وكذلك عن الأعمال الإرهابية للتنظيم في فرنسا، ما خلق توترات بين باريس وأنقرة”.

وأشار إلى أن الحكومة الفرنسية “لعبت منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، دورًا في استمرار التوترات التركية الأرمنية،

بعد ترويجها لمزاعم ما يسمى بـ(الإبادة الجماعية للأرمن” في عهد الدولة العثمانية)”.

واستطرد بالقول: “سلطت باريس على الدوام على الجالية الأرمنية في فرنسا، والتي تقدر بنحو 700 ألف، وأعلنت عام 2019، أن 24 أبريل

من كل عام، يومًا وطنيًا لإحياء (الإبادة الجماعية للأرمن)، في الوقت الذي لا تتطرق فيه لمشاكل الجالية التركية والتي تقدر بنحو 500 ألف”.

دعم “بي كا كا” الإرهابي

ألكان، تطرق في حديثه عن بعد آخر من العلاقات بين باريس وأنقرة التي أخذت بالتدهور، بعد أن سمحت فرنسا لمنظمة

“بي كا كا” الإرهابية، بالعمل على أراضيها.

وأردف “بدأت المسألة الكردية تشكل عنصر توتر جديد مع تقديم باريس الدعم لـ(بي كا كا) خلال فترة الرئيس الفرنسي الأسبق

فرانسوا ميتران (1981-1995)، والدعم الذي تقدمه فرنسا اليوم لتنظيم (ي ب ك/ بي كا كا) في سوريا، فاقم التوترات بين البلدين”.

وزاد “التوتر تفاقم مع إصرار فرنسا على مواصلة دعم (بي كا كا) وفتح أراضيها لتكون ملاذًا لعناصر المنظمة الإرهابية، دون أن

تكون لها أي سياسة للتعامل مع القضية الكردية في العراق أو إيران”.

عضوية الاتحاد الأوروبي

البروفسور التركي ذهب إلى أن “العلاقات التركية الفرنسية عانت من مشاكل مختلفة في إطار عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي”.

وأضاف “حتى أن الرئيس السابق جاك شيراك، والذي تولى الرئاسة بين عامي (1995-2007)، لم يجر أي زيارة رسمية إلى تركيا، رغم

دعمه مسار ترشح تركيا للاتحاد الأوروبي والمفاوضات مع أنقرة في هذا الإطار”.

وأوضح، أن “شيراك اشترط على تركيا في تصريحات خلال زيارة رسمية إلى أرمينيا عام 2006، الاعتراف بـ(الإبادة الجماعية للأرمن)،

قبل الدخول إلى الاتحاد الأوروبي”.

وزاد “كما اقترح في أكتوبر/ تشرين الأول 2004، ربط عضوية تركيا في الاتحاد باستفتاء يجري في فرنسا”.

وتابع مؤكدا “تصريحات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي حول عدم رؤيته تركيا كدولة أوروبية، بل دولة صغيرة في آسيا،

وعدم دعمه لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، يكشف بوضوح حجم التوترات بين البلدين عبر التاريخ”.

خلق توترات جديدة

وفي السياق ذاته، أشار ألكان إلى أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، “يواصل اتباع نهج من سبقوه من رؤساء فرنسا، تجاه تركيا،

وخلق مشاكل جديدة تضاف إلى ملف التوترات بين باريس وأنقرة”.

وأضاف أن “ماكرون بهدف لجعل فرنسا في موقع صناعة القرار في العلاقات الدولية منذ تولي منصبه عام 2017، والوصول

إلى موقع الدولة المهيمنة على القضايا الإقليمية داخل الاتحاد الأوروبي وفي حوض المتوسط”.

ولفت بالقول “ترك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لمنصبها عام 2021 وغياب زعيم بديل عنها، سيخلق فجوة في القوة

على الساحة الدولية، وأن ماكرون يريد الاستفادة من هذا الوضع لجعل فرنسا دولة رائدة ومهيمنة، خاصة في الاتحاد الأوروبي”.

وختم بالقول “ماكرون يسعى للظهور كزعيم أوروبي، مهتم بمصالح الاتحاد ككل، لذلك فهو يسعى للظهور بمظهر

(صاحب القرارات الحاسمة) في الأحداث، بخلاف ألمانيا، التي تتولى حاليًا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، والتي حرصت

على التفاوض كوسيلة لحل الأزمات السياسية، ولاسيما بين تركيا واليونان”. السياسة الفرنسية  السياسة الفرنسية 

.

إقرأ إيضا : ما الذي أغضب ماكرون هذه المرة؟

.

بواسطة /  نائل ألكان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.