الصراع الأذربيجاني الأرميني واللعبة الكبرى

الصراع الأذربيجاني الأرميني  .. نشر عالم الجغرافيا والسياسة البريطاني، السير هالفورد جون ماكندر، عام 1904، مقاله الشهير بعنوان

“المحور الجغرافي للتاريخ”، ليشرح “نظرية قلب العالم”، ويشير إلى أن اليابسة تشكل حوالي ربع الكرة الأرضية فقط فيما تغطي البحار

ثلاثة أرباعها،وأن من يسيطر على “قلب العالم” (Heartland) يحكم بقية مناطقه. وفقا لتلك النظرية الاستراتيجية التي قام ماكندر بتطويرها

وتعديلها فيما بعد أكثر من مرة، تمتد منطقة “قلب العالم” من شرق أوروبا إلى القوقاز وسيبيريا وآسيا الوسطى.

 

إقرأ إيضا : لم تتمالك نفسها.. شاهد ماذا حدث لمذيعة أذربيجانية لحظة إعلانها خبر استعادة بلادها قرى تحت سيطرة أرمينيا!

“قلب العالم” يشهد هذه الأيام توترا جديدا بسبب الهجوم الذي قام به الجيش الأرميني صباح الأحد ضد أهداف مدنية في أذربيجان،

ما دفع الجيش الأذربيجاني للرد عليه، بل وتقدم داخل إقليم قره باغ ليحرر عددا من القرى من الاحتلال الأرميني. وأعلنت كلتا الدولتين

“حالة الحرب”، وسط دعوات للتهدئة والعودة إلى محادثات مجموعة مينسك المعنية بحل الأزمة في الإقليم.

إقليم قره باغ تابع لأذربيجان، وفقا لقرار الأمم المتحدة، واحتلته أرمينيا عام 1992 بدعم روسي.

وتعرضت المنطقة قبل ذلك لعملية تهجير واستيطان ممنهجة قام بها الاتحاد السوفييتي لتغيير الديموغرافيا. ونقلت روسيا ما بين

1928 و1930 حوالي 40 ألف أرميني من إيران و90 ألف أرميني من الأراضي التي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية، وأسكنتهم في المناطق

التي كان الأذربيجانيون يشكلون أغلبية سكانها. كما قام الأرمن بعد ذلك بهجمات ومجازر أجبرت مئات الآلاف من الأذربيجانيين على ترك

منازلهم ومدنهم وقراهم، والهجرة إلى أماكن آمنة.

أذربيجان تخوض اليوم معركة تحرير، وتملك كافة الأسباب القانونية والإنسانية والأخلاقية لمواصلة الحرب حتى تحرر آخر شبر من

أراضيها المحتلة. ومن الأفضل لها أن تستغل هذه الفرصة لاسترجاع الإقليم دون الالتفات إلى دعوات وقف إطلاق النار والتهدئة

والعودة إلى مباحثات مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لأن هذه المجموعة التي تشكلت عام 1992 لحل

الأزمة في قره باغ بطرق سلمية؛ لم تفعل شيئا يذكر من أجل إنهاء الاحتلال الأرميني في الإقليم.

الأرمن في أواخر عهد الدولة العثمانية ارتكبوا خطأ فادحا، حين ظنوا أن الدول الغربية المسيحية ستهب لإقامة دولة لهم في شرق الأناضول،

وقاموا بطعن الجيش العثماني في الظهر، وارتكبوا مجازر بشعة في حق الرعايا المسلمين من الأتراك والأكراد، إلا أن آمالهم خابت، بعد

أن خذلتهم تلك الدول التي استغلتهم ضد الدولة العثمانية. وها هو اليوم يتكرر التاريخ، وتستنجد أرمينيا بالعالم، بعد أن استهدفت قرى

أذربيجانية، بتحريض من بعض الدول، وتلقت ردا قويا من أذربيجان، الأمر الذي يؤكد أن الأرمن لم يأخذوا أي درس من أحداث التاريخ.

وهنا يتذكر المرء الشاعر الكبير محمد عاكف، الذي قال في إحدى قصائده: “يعرِّفون التاريخ بـأنه تَكَرُّر، فهل كان له أن يتكرر لو أُخِذتْ منه العِبر”.

 

إقرأ إيضا : أذربيجان تدمّر دبابات ومدافع وأنظمة صاورخية للجيش الأرميني

ما يجري في قره باغ المحتل له أبعاد إقليمية ودولية، ولا يمكن اختزاله في صراع أذربيجاني-أرميني؛ لأن الإقليم المحتل يقع في منطقة

ذات أهمية جيو-استراتيجية تتضارب فيها المصالح. وهناك دول داخلة في هذا الصراع المعقد بشكل أو بآخر، كما أن الحرب بالوكالة

ليست بعيدة عن المشهد، في ظل تقارير أمنية تؤكد وصول مئات من عناصر حزب العمال الكردستاني إلى أرمينيا عبر إيران، ليقاتلوا في

قره باغ ضد القوات الأذربيجانية، بعد أن قامت تركيا بتضييق الخناق عليهم في شمال العراق، بالإضافة إلى انتقال كتيبة أرمينية تقاتل

تحت مظلة “قوات سوريا الديمقراطية” إلى الإقليم الأذربيجاني المحتل لذات الغرض.

آسيا الوسطى والمناطق المجاورة لها شهدت في القرن التاسع عشر صراع نفوذ بين روسيا وبريطانيا سمي بــ”اللعبة الكبرى”. وبعد

أن انهار الاتحاد السوفييتي، تكررت اللعبة بانضمام قوى إقليمية ودولية إلى اللاعبين، كإيران وتركيا والولايات المتحدة. وقد يؤدي

الصراع الأذربيجاني-الأرميني المشتعل إلى اشتداد التنافس في اللعبة الكبرى المتجددة التي هي في الحقيقة ليست بعيدة عما

يجري في شرق المتوسط.

هناك مخاوف من انشغال تركيا بأزمة قرة باغ، واستنزافها، واضطرارها للابتعاد عن شرق المتوسط، إلا أن هذه المخاوف ليست في محلها،

لأن تركيا حاليا ليست في ساحة المعركة في قرة باغ، ولا حاجة لها، في ظل تفوق الجيش الأذربيجاني على الجيش الأرميني عسكريا ولوجيستيا.

كما أن تركيا اليوم أقوى بكثير من تركيا التسعينيات، وقادرة على التنافس في أكثر من جبهة دون أن يتراجع اهتمامها بإحدى تلك الجبهات،

بل ويتعزز نفوذها الإقليمي مع كل ملف جديد يظن الواهمون أنه سيشغلها عن بقية الملفات

الصراع الأذربيجاني-الأرميني واللعبة الكبرىبواسطة / إسماعيل ياشا 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “تركياالآن”

تعليق 1
  1. احمد يقول

    الارمن ملة حقيرة وحاقدة على الاسلام منذ انتشار الاسلام . واليوم وبعد اعلان حرب غادر ضد أذربيجان المسلمة و عسى ان يكون فيها خير لاسرجاع المناطق المحتلة و على أذربيجان ان تحتل المنطقة الجنوبي من ارمينيا المسافة قصير مجرد فصل المنطقة الجنوبية و دمجها مع بقية أذربيجان المحادية لتركيا من الجنوب وبهذا ستندم ارمينا الى الابد واى جهنم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.