ما قصة الآلية الإستراتيجية الجديدة بين تركيا وأمركيا؟

بعد أكثر من ستة أشهر على الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأمريكي جو بايدن، حول الآلية الاستراتيجية بين البلدين أعلنت تركيا اليوم إطلاق تلك الآلية.

وقالت الوزارة في بيان لها إن “تركيا والولايات المتحدة عقدتا اجتماعا في العاصمة التركية أنقرة، برئاسة مستشارة وزارة الخارجية الأمريكية المسؤولة عن الشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، ونائب وزير الخارجية التركي السفير سادات أونال”.

وأوضحت أن وصول مستشارة وزارة التجارة الأمريكية، ماريسا لاغو، إلى أنقرة في هذه الأيام جاء لتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية للآلية الاستراتيجية.

وأشارت إلى ان واشنطن وأنقرة يستهدفان عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية خلال العام الحالي، في إطار الآلية الاستراتيجية.

ولم تتطرق الوزارة في بيانها إلى مزيد من التفاصيل حول الآلية، في حين ذكر مراقبون أن إطلاق مثل هذه الآلية يأتي بعد الدور الذي لعبته تركيا في الحرب الأوكرانية الروسية.

وفي سياق متصل قال متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن إنه التقى بمستشارة وزارة الخارجية الأمريكية المسؤولة عن الشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، في المجمع الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة.

وقال قالن إنه تباحث مع فيكتوريا نولاند والوفد الأمريكي المرافق لها، حول عدة قضايا إقليمية، مشيرة إلى أنهما استعرضا مسائل أمن الطاقة، والتعاون الدفاعي، والعلاقات السياسية والاقتصادية الثنائية.

وأشاد الوفد الأمريكي بدور الوساطة الذي تلعبه تركيا، مؤكدا أن المفاوضات التي استضافتها إسطنبول أواخر آذار/ مارس الماضي بين الوفدين الروسي والأوكراني، أعطت دفعة إيجابية لمسار المفاوضات

اقرأ أيضا/ وفق تقييم أمريكي.. 4 عناصر تحدد دور تركيا في الحرب الروسية الأوكرانية

ورحب الطرفان بإطلاق “الآلية الاستراتيجية التركية – الأمريكية” في وقت سابق، بالعاصمة أنقرة، مشيران إلى أن هذه الآلية سيكون لها تأثير إيجابي على مسار العلاقات الثنائية.

مع دخول الحرب الأوكرانية الروسية في الشهر الثاني وبروز دور تركيا كوسيط نزيه في الحرب، تغيرت نظرة الغرب وأمريكا تجاه تركيا.

ووفق مراقبين فإن الدور الدبلوماسي الذي لعبته تركيا في هذه الأزمة مكنها من الحصول على اهتمام دولي كبير، وحسن علاقاتها مع العديد من الدول الغربية، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضحوا أن هناك توجها كبيرا للشركات الأمريكية الكبرى المنسحبة من روسيا للاستقرار في تركيا، منوهة إلى أن الاتصالات بين أنقرة وواشنطن، ازدادت بشكل واضح مؤخرا.

وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي فيرهات دمير”: إن العلاقات التركية الأمريكية، تشهد حقبة جديدة، بعد توترها في الماضي، بسبب بعض القضايا الخلافية بين البلدين”.

وأضاف في مقال له نشرته وسائل إعلام تركية أن الفترة الأخيرة شهدت تطورات تعد بداية مهمة لإعادة تطوير العلاقات بين تركيا وأمريكا، والتي شهدت فتورا في السابق بسبب عدة قضايا، من أهمها منظومة الدفاع “أس400″ الروسية.

وأوضح الكاتب أن وفدا اقتصاديا تركيا مكونا من شخصيات رفيعة المستوى، أجرى زيارة أمريكا استمرت ليومين، وأسهمت بإحراز تقدم كبير في تطوير العلاقات التجارية بين البلدين.

ولفت إلى أن هذه الزيارة تعد تطورا هام للغاية، منوها إلى أن الاجتماعات تلك تناولت العديد من المواضيع الاقتصادية الهامة، وعلى رأسها الاستثمارات في مجال التكنولوجيا والطاقة.

وكشف عن أن هذه الاجتماعات عززت آليات الحوار لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، كما أن وفدا تجاريا من الولايات المتحدة سيأتي إلى تركيا قريبا”.

في حين أسفرت الزيارة عن عقد اجتماع رجال الأعمال الأمريكي التركي، في الولايات المتحدة الأمريكية في حزيران/ يونيو، والذي لم ينعقد منذ عامين، كما تضمنت الحديث بشكل جدي عن قدوم الشركات الأمريكية الكبرى إلى تركيا لفتح استثمارات ضخمة، مشيرة إلى أن الأطراف أكدوا أنه يمكن إجراء تجربة ملموسة في هذا الأمر خلال وقت قصير.

ومنذ اليوم الأول للغزو الروسي لأوكرانيا أدانت تركيا بشكل واضح العملية العسكرية واعتبرتها حالة حرب، ورغم ذلك فإن موقفها لم ينسجم مع الموقف الأمريكي والغربي من العملية.

ووفق مراقبين فإنها لم تفرض عقوبات على روسيا كما فعلت أمريكا والاتحاد الأوروبي وأكدت أنها لن “تتخلى عن روسيا وأوكرانيا” وأنها ستسعى للوساطة للوصول لحل سلمي، وقامت بالفعل باستضافة جلسات حوار بين الطرفين.

وأوضحوا أن روسيا وأوكرانيا من خلال تصريحاتهما يبديان قبولا للموقف التركي المتوازن،

وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي فراس أبو هلال في مقال له إن هناك عوامل عديدة أثرت على الموقف التركي غير المنسجم تماما مع واشنطن والناتو.

العامل الأول هو تشابك العلاقات التركية الروسية خلال السنوات الماضية، فقد عقدت أنقرة وموسكو عدة اتفاقيات لإدارة الوضع في شمال سوريا، ومن الواضح أن الهدوء النسبي في إدلب وشمال غرب سوريا عموما هو نتيجة لهذه الاتفاقيات، ولا يمكن لتركيا أن تضحي بحالة الهدوء في الأراضي السورية على حدودها من خلال إغضاب روسيا.

العامل الثاني هو الاقتصاد، فتركيا تعيش حالة من ارتفاع التضخم وعدم استقرار سعر الليرة. بلغ التبادل التجاري بين البلدين حوالي 20 مليار دولار عام 2020، فيما يطمح الطرفان للوصول به إلى 100 مليار دولار سنويا.

اقرا أيضا/ دولة أوروبية تخشى من غزو روسي وتطلب المساعدة من تركيا

كما أن حوالي 6 ملايين سائح روسي يزورون تركيا سنويا، بما يعنيه ذلك من دخل كبير للميزانية التركية، مشيرا إلى أنه لا يمكن لتركيا أن تتنازل عن هذه العلاقة الاقتصادية، خصوصا أنها اختبرت التأثير الهائل على الاقتصاد التركي جراء توتر العلاقات بين البلدين في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية من قبل طائرة تركية عام 2015.

أما العامل الثالث -وفق أبو هلال- فهو العلاقة الملتبسة بين تركيا من جهة والناتو وواشنطن والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، فلم تقف واشنطن وحلفاؤها في الناتو وأوروبا موقفا جديا مع تركيا أثناء خلافها الشديد مع روسيا عام 2015،.

المصدر: تركيا الان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.