الأزمة الحقيقية للطاولة السداسية: القيادة

تم رسم الطاولة السداسية بصورة كاريكاتورية لتسليط الضوء على واقعها، حيث تظهر سيارة بداخلها ستة سائقين مع اثنين من رؤساء البلديات تم وضعهما في صندوق السيارة، وهذا دليل يشير إلى واقع ملموس وليس نتاجا للمعارضة السياسية.

وهذا الوصف انعكاس لصورة الطاولة السياسية في مخيلة شعبنا، فهو يشير إلى الترتيب النسبي الذي تم إجراؤه وفقًا لمعدلات التصويت الحالية وعدد النواب، لذا فإن هذه الصورة تدل على افتقار الطاولة السداسية إلى قائد.


أي أن رئيس حزب المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو، الشريك الأكبر للطاولة والمرشح الرئاسي لها، يخضع لسيطرة اثنين من رؤساء البلديات – بناء على طلب من حزب آخر على الطاولة – على الرغم من أنهما منتخبان من حزبه.


كليجدار أوغلو الذي أسس الطاولة منذ البداية فقط لقبول ترشيحه ودعمه، يجب أن يتغلب على مشكلة عدم اعتباره قائدا منتصرا من قبل أحزاب المعارضة الأخرى، فهو يتصرف بموجب الالتزام بالوفاء بالمطالب الداخلية والخارجية، ولكنه يفتقر إلى خطة إدارة محددة تعزز حقيقة أنه لا يمكن أن يكون قائداً.


أي أنه يريد الانسحاب من سوريا وإنهاء التواجد العسكري في ليبيا وفقا لمطلب الولايات المتحدة. ويريد إيقاف التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط بناءً على طلب اليونان. فما الذي يمكن توقعه من شخص يعد بإيقاف استثمارات البنية التحتية والمشاريع الكبرى بما في ذلك قناة إسطنبول وإيقاف تشغيل مطار إسطنبول وفقًا لمطلب ألمانيا. ما الذي يمكن توقعه من شخص يرعى حزبا يعد الوجه السياسي لتنظيم بي كي كي الإرهابي وفقًا لمطالب الاتحاد الأوروبي. بأي حال من الأحوال هذه ليست قيادة، بل يجب الإشارة إليها بمصطلح آخر معاكس تماما.


ثاني أكبر شريك على الطاولة. (زعيمة حزب الجيد)


لم يعد هناك أي ذكر لعظمتها، لأنها بعد أن خسرت مؤهلات المرأة ذات القبضة الحديدية (كما يصفونها) في 72 ساعة (أثناء انسحابها)، فإن حصة الأصوات التي كانت في السابق عند نسبة 15 % تقترب الآن من الصفر. فهي غادرت الطاولة السداسية بسرعة مع الادعاء بأنها طاولة قمار أو طاولة كاتب عدل، ولكنها سرعان ما عادت إليها مجددا، وهذا يلغي جميع الصفات الجيدة التي يجب توفرها في الشخصية القيادية.


ربما تم تحذيرها من قبل تنظيم غولن الإرهابي أو تم توبيخها من قبل الولايات المتحدة، فالصفات غير الأخلاقية التي ينسبها أعضاء حزب الشعب الجمهوري إليها وعودتها إلى الطاولة مرتدية ملابس السياسة لا يعزوها الجميع إلى كونها ضحية لهذا الرئيس، ولكن إلى عدم كفاءتها وضعفها.


في حين أن دعوتها لاثنين من رؤساء البلديات من حزب الشعب الجمهوري إلى ساحة الانتخابات ضد رئيس حزبهما، لا يشير إلى كسب القوة بين شركائها، بل يدل على التوبيخ الذي تعرضت له وعلى افتقارها إلى المبدأ أثناء العودة إلى الطاولة.


أما بالنظر إلى رؤساء الأحزاب الأربعة الآخرين فنجد أنهم لم ينضموا إلى الطاولة السداسية منذ البداية ليكونوا قادة، لأنهم لا يعتمدون في سياستهم بأنهم بحاجة إلى قائد على مسعى ديمقراطي. ومن المسلم به أنهم دخلوا المشهد السياسي بسبب كراهيتهم وحسدهم وطموحهم الذي لا يمكن السيطرة عليه ضد حزب العدالة والتنمية وزعيمه الرئيس رجب طيب أردوغان، وأنهم في الواقع يركبون حصان الشر من خلال الخلط بين كراهيتهم والسياسة.



يتنافس زعماء أحزاب المعارضة فيما بينهم للترشيح بأفضل طريقة ممكنة، معتقدين أن كليجدار أوغلو يمكن اعتباره قائدا عندما يكون مصمما وماهرا وحذقا مثل أردوغان.


وخير مثال عملي على ذلك هو أن كليجدار أوغلو وضع نفسه مؤخرا في موقف مضحك من خلال محاولة قراءة الشعر لإظهار أن لديه بلاغة مثل أردوغان. وبذلك تبين أن أهم الأزمات لديهم أنهم يفتقدون إلى القيادة ولا سيما أن الأزمات ناتجة عن معركة أعضاء الطاولة السداسية في سيارة بداخلها ثمانية سائقين يريدون الاستيلاء على المقاعد وسرقة الأصوات من بعضهم البعض. ولا تزال مسألة وقت حتى تظهر أزمات جديدة.

بواسطة / عمر لاكاسيز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.