قورتولموش: سنقدم الدعم اللازم للجيش السوري الحر لتطهير “منبج”

قال نائب رئيس الوزراء التركي، المتحدث باسم الحكومة، نعمان قورتولموش، “سنقدم الدعم اللازم للجيش السوري الحر من أجل تطهير منبج (بريف حلب السورية) من تنظيم “ب ي د” الإرهابي.

جاء ذلك في تصريح صحفي خلال انعقاد مجلس الوزراء برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، أوضح فيها أن تركيا تواصل مفاوضاتها اللازمة من أجل تطهير منبج مع الأطراف المعنية.

وذكر قورتولموش أن اجتماع الحكومة تناول مسائل الأمن الداخلي والخارجي لتركيا، وجرى خلاله استعراض أنشطة رئاسة الأركان ووزارة الداخلية، فضلًا عن مسائل الأمن الداخلي للبلاد.

ولفت إلى أن الاجتماع شهد مشاركة الأركان لتقييمها المتعلق بعملية “درع الفرات” ومعركة الموصل.

وأكد المسؤول التركي على احتمال زيادة تهديدات منظمات “بي كا كا” و”داعش” و”فتح الله غولن” ضد تركيا، كلما زادت الأخيرة من وجودها في الساحة السورية خاصة، واستمرت في القضاء على قدرات المنظمات الإرهابية داخل وخارج البلاد.

وشدّد على أن القوات المسلحة وكافة تشكيلات الأمن استكملت إجراءاتها بخصوص مكافحة الإرهاب، وفي هذا الإطار ذكر أن الحكومة ستتخذ الخطوات المطلوبة من أجل توظيف 10 آلاف عنصر شرطة خاص، و5 آلاف عنصر أمن.

وحول التدابير التي اتخذتها تركيا حيال التطورات الخارجية، ذكر قورتولموش أن عملية درع الفرات تتواصل بحسب ما خُطط لها.

وأكد أن بلاده تتخذ الخطوات من أجل تشكيل منطقة آمنة بمساحة 5 آلاف كيلومتر جنوبها.

وأردف: “وطبعًا مع اتخاذ هذه الخطوات فإن تركيا تواجه قوات مسلحة مختلفة على الأرض وتواصل اتصالاتها الدبلوماسية مع العديد من الأطراف بنفس الوقت، ومع البلدان المعنية من أجل استمرار العملية في تلك المنطقة”.

تجدر الإشارة أنَّ تركيا تدعو الولايات المتحدة للالتزام بتعهدها، بانسحاب مسلحي (ب ي د) من مدينة منبج إلى شرق نهر الفرات، حيث تؤكد أنقرة وجود ما يقارب من 200 عنصر من المنظمة الإرهابية داخل المدينة.

ودعمًا لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس/آب الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم “درعالفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.

ونجحت العملية، خلال ساعات، في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، كما تم لاحقاً تحرير كل الشريط الحدودي ما بين مدينتي جرابلس وإعزاز بريف حلب، وبذلك لم يبقَ أي مناطق متاخمة للحدود التركية تحت سيطرة “داعش”.

وفي شأن آخر، أشار قورتولموش أن زيارة وزير العدل “بكير بوزداغ” الأخيرة إلى الولايات المتحدة ساهمت في تسريع عملية تسليم “فتح الله غولن”، زعيم منظمة “الكيان الموازي” الإرهابية إلى تركيا، أو اعتقاله بشكل مؤقت.

وقال: “ربما لا يبدو من السهل تسليم غولن إلى تركيا أو اعتقاله بشكل مؤقت غدًا صباحًا، ولكن العملية المتعلقة بذلك اكتسبت زخمًا وسرعة”.

وأكد قورتولموش على ضرورة قيام الولايات المتحدة بالمطلوب حيال تسليم غولن، وأضاف: “أتمنى أن تكون الولايات المتحدة قد اتخذت خطوة هامة من أجل التسليم أو الاعتقال المؤقت”.

وأجرى وزير العدل التركي بكير بوزداغ، زيارة إلى الولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري، لبحث مسألة إعادة فتح الله غولن إلى تركيا.

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في 15 يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن”، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.

وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.

جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة. ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة.

وحول مكافحة بلاده للإرهاب، أشار قورتولموش إلى أن التنظيمات الإرهابية باتت في وضع حرج بفضل جهود التنسيق بين وزارة الداخلية ورئاسة الأركان وباقي المؤسسات.

واعتبر أن منع وقوع 296 عمل (إرهابي) في البلاد نتيجة لذلك التنسيق يعد أمرًا قيمًّا بشكل كبير من ناحية إظهار النقطة التي وصلت إليها تركيا في مكافحة الإرهاب.

وفيما يتعلق بمسألة الدستور الجديد للبلاد، لفت قورتولموش إلى أهمية الاطلاع على موقف وتصور الأحزاب التركية الأخرى.

وبين أنَّ معرفة تصورهم(الأحزاب) للدستور الجديد سيحدد لحزب العدالة والتنمية الخطوات التي سيتخذها، والإطار الذي ستشمله التغييرات الدستورية وتقويمها الزمني.

وحدّد قورتولموش طريقان للتغيير الدستوري، أولهما “تغييرات على نطاق واسع، أي استبدال الدستور القديم بدستور جديد”.

ثانيا “تغييرات على نطاق ضيق تشمل المسائل الرئيسية، والتي تدعو الحاجة إلى تغييرها في الوقت الراهن”.

وأكد قورتولموش أنَّ حزب العدالة والتنمية مستعد لكلا الطريقين وأتم تحضيراته حيالهما.

وفرض العسكر – بعد تولي “كنعان أفرين” رئاسة الجمهورية – دستوراً جديداً عقب الانقلاب عام 1982؛ يفتقد القيم الديمقراطية العالمية، ويكرس هيمنة الجيش على السلطة ويوسع من صلاحياته، ومازال مطبقاً إلى اليوم رغم تعديلات ديمقراطية كثيرة أدخلت عليه.

وتسعى حكومة حزب العدالة والتنمية – الحاكم منذ عام 2002 – إلى صياغة دستور جديد، إلا أن عدم التوافق بينها وبين أحزاب المعارضة؛ حال دون تحقيق ذلك لغاية اليوم.

وحول معركة الموصل، أشار قورتولموش أن العملية متواصلة كما خُطط لها، ولم تشهد حتى الآن أي تطورات تنتهك الخطوط التي أعلنتها تركيا سابقًا.

وذكر أن أي تغيرات في التوازنات من ناحية العرق أو المذهب ستفتح الباب أمام عدم استقرار إقليمي كبير، وليس عدم استقرار سياسي في العراق فقط، وأن ذلك لا يسهم إيجابيًا في المنطقة.

وأعرب عن اعتقاده أن مسألة دخول ميليشيات الحشد الشعبي (شيعية) إلى الموصل سيتم منعها كنتيجة لتحركات دبلوماسية تجريها تركيا بهذا الصدد.

وحول قضاء “تلعفر” بمحافظة نينوى، أشار قورتولموش أن تلعفر تعد إحدى المناطق التي تضمن أمن الموصل، وقال في هذا الصدد، “ضمان تحرك التركمان السنة والشيعة بشكل مشترك، وتطهير القضاء من خلال العملية التي سيشنها الجيش العراقي برفقة القوة التركمانية، تعد نقطة أساسية من أجل تركيا”.

وجدد قورتلوموش تأكيده أن تركيا لن تقف متفرجة أمام أي تحرك من شأنه أي يفتح الطريق أمام حالات تطهير عرقي أو مذهبي في تلعفر.

وتتعالى أصوات تحذيرات من أطراف سياسية عراقية وإقليمية من دخول قوات الحشد الشعبي إلى الموصل، وأيضاً إلى تلعفر، الذي شهد في الماضي اقتتالاً طائفياً بين تنظيم القاعدة والعشائر التركمانية الشيعية بالمدينة بدءًا من 2004، أدى إلى سقوط آلاف الضحايا.

وتأتي تلك المخاوف في ظل اتهامات وجهتها منظمة العفو الدولية في تقريرها مؤخراً، ضد مليشيات شبه عسكرية والقوات الحكومية في العراق، بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بحق المدنيين الفارين من مناطق سيطرة تنظيم داعش.

وانطلقت الحملة العسكرية لتحرير الموصل، في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهي الأكبر منذ اجتياح “داعش”، شمال وغربي البلاد وسيطرته على ثلث مساحة العراق في صيف 2014.

وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.