أسر شهداء محاولة الانقلاب بتركيا .. مشاعر حزن ممزوجة بالفخر (قصة إنسانية)

يحيي الأتراك، الاثنين، الذكرى السنوية الـ 3 للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، ليلة 15 يوليو/تموز 2016.

وكانت المحاولة الانقلابية قد أسفرت عن استشهاد قرابة 248 وإصابة ألفين و196 آخرين.

وفي ذكراها السنوية، تتذكر عشرات الأسر التركية شهداءها الذين سقطوا ليلة 15 يوليو/تموز، دفاعاً عن وطنهم، وسط مشاعر ممزوجة بالحزن، والشوق والفخر.

وفي هذا الإطار، التقى مراسلو الأناضول، أسر شهداء 15 يوليو/تموز، في مختلف الولايات التركية.

– والد شهيد

ناظم صاغيز، والد الشهيد إمراه صاغير، يعرب عن فخره باستشهاد نجله خلال التصدي للمحاولة الانقلابية، في قضاء أسنلار بالشق الأوروبي من مدينة إسطنبول.

وقال إنه سمع بنبأ استشهاد ابنه فجر اليوم التالي للمحاولة الانقلابية.

وأوضح أنه شاهد لاحقاً لحظات استشهاد نجله على شاشات التلفاز، وقد عرفه من لباسه، حيث استهدفه انقلابي قنّاص من على متن دبابة، خلال محاولة ابنه التصدي لهم.

وتابع قائلاً: ” الوطن ثمين ولا يمكن العيش لولاه. جدي استشهد في معركة جنق قلعة، واستشهد ابني في إسطنبول بعد أن كان يتمنّى ذلك في حياته.”

وأردف: “تركيا لها أعداء كثر، ولو اندلعت حرب الآن، أقسم بالله أنني سأتوجه إلى الجبهة دون تردد، في سبيل وطني وأرضي.”

– والدة شهيد

بدورها، قالت آسيا صاغاز، والدة الشهيد التركي، إنها تلقت صدمة كبيرة عند سماعها نبأ استشهاد ابنها، ولم تستطع النوم طوال ليالٍ عدة.

وأوضحت أن زوجة الشهيد كانت حامل في شهرها الثالث، وتلقت هي الأخرى صدمة لم تستطع تجاوزها بسهولة.

وأعربت والدة الشهيد عن استعدادها للتضحية بدمها وروحها في سبيل الوطن، في حال شهدت تركيا محاولة انقلابية “خائنة” في الوقت الحالي.

– والد شرطي شهيد

من جهته، طالب مصطفى قوتش، والد الشرطي التركي الشهيد فرحات قوتش، بإعدام المتورطين في المحاولة الانقلابية، كي يكونوا عبرة لغيرهم ممن يفكرون في تكرار فعل كهذا.

وقال “قوتش” إن ابنه استشهد بينما كان على رأس مهامه كشرطي في مقر القوات الخاصة بمنطقة “غول باشي” بالعاصمة أنقرة.

وأضاف أنهم لا زالوا يشعرون منذ 3 سنوات، بالحزن والألم على فراق ابنهم الذي استشهد على يد الانقلابيين.

أما علي قنطارجي، والد الشهيد خليل قنطارجي، فقال إن ابنه استشهد في منطقة “تشنغال كويو” بإسطنبول، برصاص الانقلابيين الذين كان يتصدى لهم برفقة زملائه.

وأوضح السبعيني التركي، أنه وعقب استشهاد ابنه الذي كان يبلغ من العمر آنذاك، 37 عاماً، توافد إليه آلاف الشبّان يطلبون منه أن يقبلهم ابناء له، شأنهم في ذلك شأن نجله الشهيد خليل.

وأوضح أن ابنه الشهيد، كان من ضحايا انقلاب 28 فبراير/شباط عام 1997، عندما تم الزج به في السجن وهو لا يزال في 16 من عمره.

وأشار “قنطارجي” إلى أن ابنه كان أباً لـ 3 أولاد تيتّموا باستشهاد والدهم الذي يصفه بـ “المحب لوطنه وأرضه” وأنه كان يسعى دوماً لفعل الخير داخل وخارج تركيا، عبر منظمات المجتمع المدني والهيئات الإغاثية.

وتابع: “لقد استشهد خليل، إلا أنن الله عوضّني بألف خليل من مختلف المناطق التركية. وهذا ما يدفعني للاعتقاد بأن هناك الآلاف من أمثال خليل، عازمون على حماية هذا الوطن من الانقلابيين.”

– قدموا أبطالا

من جهته، قال زكي قيليتش، والد الشرطي الشهيد محمد أوغوز، إنهم قدموا للوطن أبطالاً يدافعون عنه، بينما أسر الانقلابيين قدموا “خونة يخونون الوطن، ويخدمون أعداءه من العملاء.”

وحول استشهاد ابنه الذي كان في الـ 26 من عمره، قال “قيليتش” إنه استشهد برصاص الانقلابيين عندما كان على رأس عمله في مديرية الأمن بالعاصمة أنقرة.

وأعرب عن فخره باستشهاد ابنه، شأنه في ذلك شأن أجداده ممن دافعوا عن أرضهم وشرفهم، على حد وصفه.

بدورها، قالت مليحة قيليتش، والدة الشرطي الشهيد، إنها تشعر الآن بالفخر كونها قدمت أحد أبنائها شهيداً في سبيل الوطن، مؤكدة أنها لا تتردد في التضحية بأبنائها الآخرين أيضاً في سبيل الغاية نفسها.

أما الشابة إسلام وارانق، ابنة الشهيد البروفسور إلهان وارانق، قالت إنها تشتاق لوالدها، وتشعر بازدياد الحاجة إليه كلماً كبرت، بعد أن كانت تبلغ من العمر 16 عاماً عند استشهاده.

وأضافت أنها كانت في إحدى المعسكرات الشبابية ليلة المحاولة الانقلابية، ولم تسمع بنبأ وفاة والدها إلا عند عودتها إلى المنزل في اليوم التالي.

وأشارت إلى أن والدتها تروي لها لحظات خروج والدها من المنزل باتجاه مقر رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، من أجل التصدي للانقلابيين.

وتابعت: “عند خروجه من المنزل، قال والدي لأمي إنه ليس لدينا وطن آخر يأوينا ويحمينا، وأنه يتحتم عليه الخروج للدفاع عنه، وحينها خرج ولم يعد بعد ذلك قط.”

وأشارت إلى ما عاشته من لحظات عصيبة خلال تلقيها نبأ استشهاد والدها، موضحة أن ما يخفف من ألمها وحزنها، هو استشهاد والدها دفاعاً عن الوطن وكرامته.

وشددت الشابة التركية على أنها تحرص دوماً على إحياء القيم التي علّمها لها والدها قبل استشهاده.

وفي مشهد آخر من مشاهد الحزن الممزوجة بالفخر، تقول أسرة الشهيد ياسين يلماز، إن دموع الحزن والشوق لابنهم لا تفارق عيونهم، إلا أنهم وبالرغم من ذلك يشعرون بالفخر لكون ابنهم سقط شهيداً خلال دفاعه عن وطنه.

وتطالب أسرة “يلماز”، وزارة العدل التركية بتشريع قانون يعيد فرض عقوبة الإعدام على المتورطين في المحاولة الانقلابية الفاشلة.

“يلماز” الذي اسشتهد خلال تصديه للانقلابيين في موقع قريب من قاعدة “أكنجي” بأنقرة والتي كانت مقراً لإدارة الانقلاب، استشهد وهو يردد التكبيرات في وجه الانقلابيين برفقة 4 من أصدقائه، بحسب ما ترويه أسرته.

أيوب يلماز، والد ياسين، يقول إن إيمانهم بالقضاء والقدر راسخ لا يتزعزع، مبيناً أن هذا ما يدفعهم للصبر أمام فقدانهم لفلذة كبدهم.

وتابع: “نحمد الله أن ابننا استشهد من أجل غاية سامية، فخورون جداً بهذا. وهناك ابن آخر لي، وأنا على استعداد للتضحية به أيضاً في سبيل الوطن إن تطلب الأمر ذلك.”

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول ليلة 15 يوليو/تموز 2016، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية، واغتيال الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقوبلت محاولة الانقلاب باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه مبنى البرلمان، ورئاسة الأركان بالعاصمة، ومطار أتاتورك الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي. المصدر/A.A

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.