ما قصة عضل النساء في السعودية؟.. وما حقيقة إلغاء الوصاية على المرأة في الزواج؟!

أطلق مغردون سعوديون وسم (#نصرة_المرأة_بلا_قضايا_عضل) للتحذير من ارتفاع عدد قضايا “العضل”، ودعوا إلى إصدار قوانين تنهي معاناة الفتيات اللاتي يلجأن إلى المحاكم للحصول على حق كفله الدستور لهن.

لغويا، تعني كلمة “عضل” المنع والحجب، في حين تستخدم في السعودية للإشارة إلى “دعاوى العضل” التي ترفعها الفتيات لتزويج أنفسهن من رجال لم يحظوا بقبول أولياء أمورهن.

وتمنع الشريعة الإسلامية الآباء من عضل بناتهم. كما تمنح القوانين السعودية المرأة الحق في إقامة دعوى على من يعضلها، بحسب المادة الــ”39″ من نظام المرافعات الشرعية.

ومع ذلك فإن الظاهرة منتشرة في المجتمع. ووفقا لوزارة العدل السعودية، فإن متوسط عدد قضايا “العضل” الواردة للمحاكم خلال السنوات الثلاث الأخيرة بلغ 750 قضية في السنة الواحدة.

“تعددت الأسباب والنتيجة واحدة”

هناك أسباب عديدة قد تدفع “العاضل” أو “ولي الأمر” إلى رفض تزويج ابنته.

فقد تمنع الفتاة من الارتباط بشخص خارج قبيلتها، أو يعطل تزويج الأخت الصغرى في حال تقدم شخص لها قبل أختها الأكبر.

وهناك أسباب أخرى مادية، مثل رغبة العاضل في إدارة مال الفتاة أو التباين في المستوى الفكري والمادي بين الشاب والشابة.

وانطلقت خلال السنوات الماضية حملات إلكترونية تقودها ناشطات للدفاع عن الفتيات اللاتي يرفض أولياء أمورهن تزويجهن.

ويصادف المتصفح لموقع تويتر في السعودية بين الفينة والأخرى وسوما مرتبطة بقضايا العضل، من أبرزها: #العضل و#الغاء_ولايه_الزواج .

كما تنتشر حسابات عبر تويتر تطالب بمحاربة “العادات والتقاليد البالية المخالفة للشريعة الإسلامية التي تمنع المرأة من أبسط حقوقها”.

وتمتلئ تلك الصفحات بقصص فتيات منعن من الزواج. ولا تقتصر تلك القضايا على السعوديات، بل تضم فتيات من دول عربية أخرى، لجأن إلى مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن معاناتهن بعد أن ضاقت بهن السبل.

وفي هذه الحالة لا تجد الفتاة حلا لإنهاء معاناتها سوى اللجوء إلى المحاكم ورفع قضية عضل ضد والدها أو ولي أمرها.

قصة حب دامت أكثر من 7سنوات

وبعد أن بقيت قضيتها عالقة أمام القضاء سبعة أعوام، أنهت محكمة الأحوال الشخصية معاناة الفتاة المعروفة إعلاميا بـ”معضولة عنيزة”.

وكانت الفتاة، التي تعمل مديرة بأحد البنوك، قد اتهمت أخاها بمنعها من الزواج بمعلم تقدم لخطبتها عدة مرات على مدار 15 عاما بحجة عدم “التكافؤ الديني بينهما” لأن العريس كان “يعزف العود” في أوقات فراغه.

وسبق أن رفضت دائرة الأحوال الشخصية في مدينة عنيزة دعوى الفتاة، إلا أنها توجهت إلى محكمة الاستئناف التي حسمت الأمر لصالح شقيقها.

لكن فتاة “عنيزة” لم تيأس وقررت مواصلة الحرب القضائية، حتى حسم الأمر لصالحها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

وفي مداخلة مع برنامج “معالي المواطن”، دافعت الفتاة عن نفسها أمام الانتقادات التي انتصرت لأخيها واتهمتها بالعقوق وبالخروج عن العادات والتقاليد.

وتساءلت الفتاة قائلة: “ما جواز وصاية أخي علي شرعا وقانونا؟ أعمار الكثير من البنات ضاعت بسبب قضية معلقة في المحاكم لسنوات. العضل أمر محرم. لماذا يتباهى به الآباء ويحرمون بناتهم من حقهن الشرعي؟”

ورغم أن جهود فتاة العنيزة تكللت بالنجاح، إلا أن كثيرات غيرها لا يزلن يكابدن للحصول على حقهن الطبيعي أمام المحاكم.

وفي حال كسبت الفتاة القضية ستخسر عائلتها، وهو ما حدث مع الحالات التالية.

“والدي رفض 11 عريسا”

فقد قررت فتاة سعودية مقاضاة والدها، بعد رفضه 11 عريسا تقدموا للزواج منها من دون مبرر، حتى بلغت من العمر 37 عاما، بحسب ما ذكرته صحفية “عكاظ” السعودية.

كما تفكر فتاة أخرى تدعى داليا (اسم مستعار) في اللجوء إلى المحاكم بعد أن رفض أهلها عدة عرسان تقدموا إلى خطبتها لأسباب تراها غير مقنعة.

وتقول داليا: “أخيرا تقدم لخطبتي شاب أبادله نفس الشعور لكن (والدي) رفضه بحجة أنه ينتمي إلى قبيلة مختلفة”.

وتضيف: “رأيت كل أنواع الذل، فقد تحول المنزل إلى سجن .. الكل يتهمني بالعقوق لأنني تمسكت بالعريس. ولا أستطيع حتى الخروج ولا استئجار منزل لوحدي. عمري اليوم ناهز 34 سنة. ولا أعرف ما الحل؟”

خطوة ناجعة أم قاصرة؟

وكان المجلس الأعلى للقضاء في السعودية قد أصدر تعليمات للمحاكم المختصة بالبت في قضايا العضل خلال 30 يوما من رفعها، مع بيان سبب التأجيل.

ولا يجوز التأجيل لذات السبب أكثر من مرة.

وسبق أن دعت وزارة العدل في تغريدة إلى “رفع الظلم عن المرأة، بعدم إجبارها أو منعها من الزواج”.

وأوضحت الوزارة أن “المحكمة مخولة بتزويج المرأة التي منعها وليها من الزواج”.

وقد لاقت تلك القرارات استحسان الكثيرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبرنها خطوة في الاتجاه الصحيح وفرصة “جيدة للتخلص من قمع واستبداد العائلة” على حد قولهن.

في المقابل، ينصح آخرون بمراعاة العادات والتقاليد والتماس المشورة من كبار العائلة، مشددين في الوقت ذاته على حق الفتاة في اختيار زوجها.

في حين وصفت أخريات التعليمات الجديدة بغير الكافية، وأشاروا إلى أن “عددا كبيرا من تلك الحالات لا تصل فعليا إلى المحاكم نظرا للتقاليد والأعراف التي تحكم المجتمع السعودي المحافظ”.

وفي هذا السياق، علقت إحداهن “كيف ترفع المرأة قضية عضل وهي تسكن مع ولي أمرها في نفس البيت! قوانين غير منطقية وغير منصفة!”

لذا يشدد خبراء اجتماعيون على ضرورة المسارعة إلى إقرار قانون يعاقب من يعضل ابنته وأن لا يترك الأمر لتقدير القاضي”.

وتؤيد المحامية خلود الغامدي المقترحات التي تطالب بإلزام ولي الأمر بدفع تعويض للفتاة في حال ثبوت العضل.

ولكنها تشير إلى “صعوبة استصدار نص قانوني يعاقب من يعضل وليته لتعارضه مع الدستور السعودي المستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي منحت ولي أمر الفتاة حق الوصاية عليها (في الزواج)”.

ونفت المحامية في حديث مع بي بي سي ما يتردد حول إلغاء شرط الولي في إجراءات الزواج، لافتة إلى أن “التعليمات الجديدة أتاحت للقاضي، في حال ثبوت العضل، تخيير الفتاة بين نقل الولاية لأخيها أو لنفسه ثم تزويجها “.

وترى الغامدي أن التعديلات الأخيرة، المتمثلة في تسريع الإجراءات في قضايا العضل، أنصفت المرأة المتضررة.

وتابعت قائلة: “المشكلة كانت في طول إجراءات البت في قضايا العضل، مثل جمع الأدلة والاستماع إلى الشهود، كما هو الحال في قصة “معضولة العنيزة”، التي استغرقت سبع سنوات”.

وترجع المحامية سبب ارتفاع عدد قضايا العضل في الآونة الأخيرة إلى انتشار الوعي بين الفتيات بحقوقهن.

وكانت السعودية أعلنت قبل أشهر عن سلسلة تعديلات لتخفيف قيود الوصاية على المرأة. وسمحت لكل الراشدات بالسفر وبإصدار وثائق دون شرط موافقة وليهن.

.

المصدر/ BBC

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.