وكالة تركية ترد على مزاعم شرب السلطان الفاتح للخمر

ردّت وكالة الأناضول التركية، على ما تم تداوله من استدلالات على شرب السلطان العثماني محمد الفاتح للخمر عبر ما كتبه من أبيات شعرية.

 

وقالت الوكالة، إن السلطان الفاتح محب للشعر حبا عظيما، وله عنده منزلة خاصة ويوليه اهتماما فريدا. فقد كان ميالا إليه منذ الصغر ويقرض الشعر باللغتين التركية والفارسية. وبلغ من حبه للشعر أنه كان في بلاطه ثلاثون شاعرا خصص لهم رواتب شهرية.

وأشارت إلى أنه كان متذوقا للشعر شديد التأثر به، ويذكر الدكتور سيد رضوان علي. في كتابه “السلطان محمد الفاتح: بطل الفتح الإسلامي في أوروبا الشرقية”. أن أحد الأدباء اللاتين أرسل إليه قصيدة مدح من ميلانو، يستجديه بأن يطلق سراح عائلته بعد فتح القسطنطينية. فتأثر بها وأطلق سراحهم.

وأضافت أنه حتى الشعراء في غير بلاده كان يتواصل معهم، حيث إنه كان يشجع الأدباء والشعراء الموهوبين من جنسيات مختلفة. وقد عين راتبا سنويا للشاعر الإيراني عبد الرحمن جامي، والشاعر الهندي خواجه جهان.

 

ونشر المستشرق الألماني ج. جاكوب أشعار الفاتح في برلين، عام 1904، بعد أن استخرجها من مجموعة محفوظة في قصر الكتاب بجامعة أوبسا الملكية.

ونشر التركي جمال أديب أشعار الفاتح في أنقرة، عام 1946، وصورها من مخطوط تركي في مكتبة “ملت” بإسطنبول.

ويصفه المؤرخ المصري الدكتور محمد حرب، في كتاب “العثمانيون في التاريخ والحضارة”، بقوله: “في أشعاره جمال. وأشعاره تعكس رقة إحساسه ومشاعره، كما أنها تعكس تكوينه الديني، وفي أشعاره نجد التواضع والذكاء الحاد وجزالة الكلمة وبساطتها”.

وأضافت الوكالة التركية: “لأن السلطان محمد بن مراد الثاني صاحب فتوحات عظيمة تحت راية الإسلام. فإن خصومه حاولوا النيل منه عن طريق تشويه صورة تدينه والتزامه بتعاليم الإسلام، ومن ذلك أنهم اتهموه بأنه سكّير يعاقر الخمر”.

وتابعت: “كان سبيلهم ومستندهم إلى بث هذه التهمة هو أن أشعاره بها كلام عن الشراب والساقي. فقالوا إن محمد الفاتح كان يشرب الخمر”.

 

وأشارت إلى أنه ليس هناك أي مرجع تاريخي معتبر، سواء كان تركيا أو أجنبيا، يفيد بأن الفاتح كان يشرب الخمر. ولم يُعثر على أي كتابات بيزنطية في عهده تقول إنه كان سكيرا كما يُزعم.

ويقول المؤرخ أحمد آق كوندز، في كتابه “الدولة العثمانية المجهولة”: “قام السلاطين العثمانيون- عدا استثناءات قليلة جدا- برعاية حرمة شرب الخمر التي جاء بها الإسلام من الناحيتين النظرية والعلمية معا. واتخذوا التدابير القانونية التي تكفل رعاية ذلك، ومنها فرمان السلطان بايزيد الثاني. الذي شدد فيه على منع الحفلات والملتقيات التي يشرب فيها الخمر والعقاب عليها”.

وأما الفاتح، فقد نصت القوانين التي صدّق عليها على تجريم شرب الخمر والمعاقبة عليه. وكان ينكر على الشعراء التبذّل والمجون والدعارة. ويعاقب من يخرج عن الآداب بالسجن أو يطرده من بلاطه، فكيف يستسيغ لنفسه أن يشربها؟!

وقد رد العديد من المؤرخين هذه الفرية، نظرًا لأن التدين كان من أظهر صفات السلطان الفاتح. وكان مؤدبوه ومعلموه من العلماء المحيطين به، ينكرون عليه في أقل من ذلك، ويوجهونه دائما إلى الالتزام بالشريعة. وكان يهابهم ويجلهم ويوقرهم، ولو كان يشرب الخمر لنقل إلينا عن إنكار هؤلاء العلماء عليه.

أما عن التعبيرات التي تضمنها شعره عن الخمر والمرأة. فهي تستخدم ضمن قواعد الاستعارة والمجاز في أدب الديوان، ولها معان رمزية.

ويقول أحمد آق كوندز: “إن ذكر الشراب في شعر الأدب الديواني ضرورة شعرية. وهو لا يعني الشراب أو الخمر الذي نعرفه، والسلطان محمد الفاتح كان أديبا وملما بأدب الديوان. فكان يُحمِّل كلمة الشراب وما شابهها من الكلمات معاني ورموزا دقيقة”.

.

المصدر/وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.