نهاية قضية الفيرمونت.. النيابة العامة المصرية تسدل الستار

أسدلت النيابة العامة المصرية، الستار على “قضية الفيرمونت” بعدما أعلنت غلق البريد الإلكتروني المنشأ بمناسبة التحقيقات في واقعة الاعتداء على فتاة بفندق فيرمونت نايل سيتي.

كما أصدرت النيابة العامة، الثلاثاء، أمرًا مؤقتًا بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في قضية مواقعة أنثى بغير رضاها بفندق فيرمونت. نايل سيتي خلال عام 2014. وذلك لعدم كفاية الأدلة فيها للمتهمين، وأمرت بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا منهم.

تحقيقات النيابة العامة في الواقعة قد استمرت نحو 9 أشهر، واستنفدت فيها كافة الإجراءات. سعيًا للوصول إلى حقيقتها، وتوصلت منها إلى أن ملابساتها تخلص في مواقعة المتهمين المجني عليها بغير رضائها بجناح بالفندق حال فقدانها الوعي خلال حفل خاص حضرته عام 2014. ولكن الأدلة لم تبلغ حد الكفاية ضد المتهمين لتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية عنها.

ومرت التحقيقيات بمرحلتين، رصدت فيهما النيابة العامة في نهاية شهر يوليو من العام الماضي. ما تم تداوله من معلومات حول الحادث بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتباين الآراء فيه بين التنديد بالمتهمين. أو الإدعاء بعدم صحة الحادث. ثم استمعت إلى المجني عليها وشاهد واحد تواجد بالجناح محل الواقعة ليلة حدوثها. وتسعة وثلاثين شاهدًا منهم من رأوا ثوانيًا من مقطع مرئي لتصوير الواقعة في فترة زمنية قريبة. من حدوثها، وآخرين سمعوا عنها وعن المقطع، دون أن يشاهدوه. وعلموا قليلًا عن ملابساتها. فضلًا عن مسؤولين بالفندق، وأطباء شرعيين وضباط شرطة أجروا تحرياتهم حول الواقعة.

وقُدمت إلى النيابة العامة صور فوتوغرافية لجسد فتاة عار لا يظهر فيها وجهها ولا أحد غيرها. ونسبت إلى مقطع تصوير الواقعة، وأنها التقطت منه.

واتخذت النيابة العامة منذ بدء التحقيقات إجراءاتها ضد المتهمين، فأدرجتهم بقوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول. وأمرت بضبطهم وإحضارهم، وأصدرت أوامر بإلقاء القبض الدولي على المتهمين الذين غادروا البلاد على إثر المتداول بمواقع التواصل الاجتماعي. وقبل مباشرة التحقيقات، فألقى القبض على ثلاثة منهم في لبنان، وآخر داخل البلاد.

img

وإزاء توصل التحقيقات في مرحلتها الأولى، إلى تداول مقطع تصوير الواقعة خلال فترة لاحقة على حدوثها، وتواتر مشاهدته دون تقديمه إلى النيابة العامة، كان من شأن توافره أن يسهم في كشف حقيقة الواقعة، واتخذت النيابة العامة إجراء غير مسبوق يواكب ظروف الدعوى وحالها في مرحلة ثانية من تحقيقاتها، حرصًا منها على سلوك كافة السبل وصولًا للحقيقة، إذ دعت كافة المواطنين عبر بيان رسمي أصدرته بتاريخ 24/2/2021، إلى تقديم المقطع إليها، إن وجد بصورة مباشرة أو بإرساله عبر بريد إلكتروني أنشئ خصيصًا لذلك،

وكفلت له الحماية الفنية اللازمة، فتلقت النيابة العامة عبره تسجيلات صوتية لمحادثات نسبت لبعض الشهود، فاستدعتهم لسؤالهم عنها، وبيان حقيقة ما فيها وأجرت تحقيقاتها، فيما استجد من ملابسات، والتي كان من بينها إقرار شاهد بتلقيه مقطع تصوير الواقعة عبر بريده الإلكتروني خلال عام 2015، وحذفه دون مشاهدته، فحصلت النيابة العامة منه على بيانات البريد والحاسوب المفعل به. وخاطبت الشركة المالكة للموقع المنشأ به البريد والتي تدير خوادمه في محاولة منها لاسترجاع المقطع.

وأفادت الشركة بتعذر ذلك، وإزاء ما تواتر على لسان بعض الشهود في التحقيقات، من أن فتاة أجنبية مقيمة بدولة عربية تحتفظ بالتصوير، طلبت النيابة العامة من سلطات تلك الدولة القضائية سؤالها وقدمت معلومات تساعد على تحديد هويتها، فاستُدعيت ونفتْ حيازتَها المقطع.

وبعدما انتهت التحقيقات، أعادت النيابة العامة طرح الأوراق، لتقييم ما حوته من أدلة ومدى كفايتها ضد المتهمين، فتبينت أنه قد نال منها أوجه عدة، جعلتها غير كافية لتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية؛ حيث كان الاختلاف البيّن في تاريخ الحفل محل الواقعة له أثر بالغ في صحة أقوال الشهود، ومن ثَمَّ تحديد مرتكبي الواقعة وأطرافها وأدوارهم على نحو جازم؛ فضلًا عن أن عدم توصل التحقيقات إلى مقطع تصوير الواقعة أو مبادرة أحد بتقديمه قد نال من قوة الدليل في الأوراق.

وكانت صور جسد الفتاة العاري التي قُدِّمت على أنها ملتقطة من تصوير الواقعة، لم تقطع بنسبتها إلى المجني عليها لعدم ظهور ما يميزها فيها، خاصة أنَّ كثيرًا من الشهود الذين أطلعتهم النيابة العامة على تلك الصور، لم يتمكنوا من تحديد هُويّة مَن فيها.وعلى رأسهم شاهد الرؤية الأوحد في التحقيقات.

img

وكذلك كان التراخي في الإبلاغ عن الواقعة لمدة قاربت ستَّ سنوات، قد أنشأ صعوبة في عملية حصول النيابة العامة على الأدلة بالدعوى، خاصة المادية والفنية منها التي لها أثرٌ منتج، وتدلّ يقينًا على ارتكاب المتهمين الواقعة.

كما أن شاهد الرؤية الأوحد الذي تواجد في الجناح محل الواقعة وقت حدوثها، لم يشهد منها إلا جانبًا يسيرًا لم يتضمن مواقعة المتهمين المجني عليها والتي قرَّر أنه لم يكن على صلة بها وقتئذٍ، ولكن عَلِم لاحقًا من آخرين أنها المعنية بالواقعة.

وقد تضاربت أقوال الشهود بين دسِّ مخدِّرٍ للمجني عليها خلال الحادث، أو تعاطيها إياه بإرادتها، وبلغ التضارب مبلغه أن تباينت الروايات ما بين إرضاء المجني عليها بمواقعة بعض المتهمين أو عدم رضاها عن ذلك. فضلًا عن تناقض أقوال الشهود فيما بينهم بشأن تفصيلات جوهرية مؤثرة في الواقعة. وكذا عدل بعضٌ منهم عن أقوال سَبَق أن أدلوا بها؛ من ذلك أن عدل شاهدٌ عما سبق وقرَّره من رؤيته متهمًا بمقطع تصوير الواقعة يشرع في اغتصاب المجني عليها. إذ عاد وقرَّر أنه لم يرَ ذلك في المقطع وأن روايته السابقة لم تكن سوى محضِ رواية سماعية نقلها عن آخرين من الشهود.

لم يُدلوا بدورهم بتلك التفصيلات في التحقيقات، وكذا عدل شاهد آخر عما سبق وقرره من تمكنه من تمييز صوت أحد المتهمين بالمقطع المشار إليه. نافيًا شهادته الأولى دون مبررٍ سائغ، فضلًا عن أن بعض الشهود قد قرروا رؤيتَهم المقطع المشار إليه عبر هاتف أحدهم. الذي بمواجهته نفى ذلك قاطعًا بعدم سابقة حيازته المقطع من الأساس.

وكذا لم يؤكد أيٌّ ممن شاهدوا التصوير رؤيتَهم مواقعة المجني عليها فيه. علاوة على أن كثير من الشهود كانت رواياتهم سماعية نقلوها عن آخرين، دون أن يحددوا للنيابة العامة المصادر التي استقوا منها معلوماتهم. ما تعذر معهم تتبع تلك المصادر للتأكد من مدى صحتها، ومن ثمَّ الاطمئنان إليها.

وتؤكد النيابة العامة، أنَّ أمرها الصادر في تلك الدعوى أمرٌ مؤقتٌ يمكن معه إعادة التحقيق فيها. إذا ما قُدِّم إليها دليلٌ جديدٌ جديرٌ بالنظر فيه قبل مضيِّ مدة تقادُم الجريمة. كما تؤكد أنها حرصت في تحقيقات تلك القضية على استنفاد كافة السبل الممكنة على المستويين المحلي والدولي.بلوغًا للحقيقة فيها.

المصدر/ وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.