ما سر الزيارات المتعاقبة لزعماء الدول الأوروبية إلى تركيا؟

لفتت الزيارات الأخيرة التي أجراها عدد من قادة الدول الأوروبية إلى تركيا، الأنظار إضافة إلى الاجتماعات المكثفة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء وبعد اجتماع الناتو في بروكسل.

ومن اللافت أيضا أن زيارة رئيس الوزراء الهولندي إلى تركيا هي الأولى منذ عشر سنوات، واكمل اللقاء بعد قمة الناتو، إضافة إلى لقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كلا من رئيس الوزراء البريطاني جونسون، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، ورئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، ورئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس.

وفي هذا السياق تقول الكاتبة التركية هلال كابلان في تقرير نشرته صحيفة الصباح إنه حتى قبل عام، كان هناك حديث في وسائل الإعلام والدوائر السياسية لتلك الدول بشأن استبعاد تركيا من “الناتو” كخيار، لكن اليوم جميعهم يدرك أهمية أنقرة في الحلف أكثر مما قبل.

وأشارت كابلان إلى قدرة تركيا على التحدث إلى موسكو وكييف حاليا، رغم موقفها الرافض للغزو الروسي وبقائها كبلد وحيد عضو في الناتو تأخذه موسكو بعين الاعتبار رغم تنفيذ اتفاقية “مونترو”.

وأوضحت أن الحملة التي تقودها تركيا في الترويج للصناعات الدفاعية على رأسها مسيرات “بيرقدار تي بي2″، فضلا عن أنها بلد لا غنى عنه في مسارات الطاقة والتجارة، كل هذا له دور في ذلك.

ولفتت الكاتبة التركية إلى أن الرسائل الواردة من بروكسل التي تشير إلى وحدة الناتو، تؤكد على أهمية تركيا الاستراتيجية داخل الحلف.

ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية كل الأنظار اتجهت نحو تركيا باعتبارها صديقة وجارة للدولتين، وازداد الاهتمام بها بعد أن رفضت العقوبات على روسيا ودعمت وحدة أراضي أوكرانيا، إضافة إلى تبنيها دبلوماسية للتوصل وقف الحرب.

اقرأ أيضا/ أردوغان: سنحصل على أفضل نتيجة من لقاءاتنا مع إسرائيل وبينيت قد يزور تركيا

ووفق مراقبين فإن تركيا كسبت من هذا الموقف أنها أثبتت صوابية وفعالية دبلوماسييها.

وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي سليمان صالح أن من أهم الحقائق التي أظهرتها الحرب أن تركيا امتلكت الرؤية لبناء سياسة خارجية تشكل أساسا لزيادة قوتها الصلبة والناعمة.

وأوضح الكاتب في مقال له أن عملية صنع القرار في النظام التركي الحديث تتم طبقا لدراسات علمية، وتكون نتيجة لعملية تفكير في البدائل المختلفة تقوم بها مراكز البحث، وهذا يعني أنها لا تكون ردود فعل على الأحداث.

ولفت إلى أن أهم الأسس التي قامت عليها السياسة الخارجية التركية -خلال العقدين الماضيين- إدراك الأهمية الجيوإستراتيجية لتركيا، ومعرفة مصادر قوتها السياسية والاقتصادية والثقافية.

ولفت إلى أن موقع الدول ساهم في بناء مكانة دولية لتركيا تجعل جميع دول العالم تتطلع لدورها السياسي والدبلوماسي خاصة في هذه الأزمة التي تهدد بإشعال حرب عالمية ثالثة.
وأشار صالح إلى أنه في القرن الـ21 أصبح الجميع يدركون أن استقرار تركيا وأمنها مهم جدا للعالم كله، خاصة انها تسيطر على البحر الأسود، وأن حدودها تمتد مع الكثير من الدول من أهمها العراق وسوريا.

وأوضح أنه ليس من مصلحة أية دولة أن تخسر تركيا، وأصبح على أميركا أن تتعامل مع تركيا على أساس أنها شريك له كل حقوق الشراكة.

وفي المقابل فقد أدركت روسيا أنها لابد أن تعمل على تحسين علاقاتها مع تركيا على أسس براغماتية وليست أيديولوجية، وأنها يجب أن تتجنب استخدام القوة أو التهديد باستخدامها خاصة عقب أزمة إسقاط الطائرة الروسية عام 2015.

ولفت الكاتب إلى أن أزمة منظومة الصواريخ الروسية “إس-400” أثبتت أن تركيا تتمتع بالقوة الكافية لتحقيق مصالحها وصياغة علاقاتها الدولية بإرادتها الحرة، وأنها لا تخوض صراعا من أجل أحد، وأنها لا تعادي دولة طبقا لأوامر الولايات المتحدة، وشكل ذلك صورة ذهنية لتركيا أصبحت من مصادر قوتها.

سبق أن أوضح محللون اقتصاديون أن ما يجري يعد لصالح تركيا حتى الآن، حيث إن تعثر روسيا في أوكرانيا، واضطرار  الغرب للتعامل معها، سيتحول إلى ميزة بالنسبة لتركيا طالما حافظت على موقفها الحالي.

وشددوا على أن الروس والأوكرانيين يرون أن تركيـا أقرب شريك لهما، كما أن الغرب يواجه صعوبات بالضغط على تركـيا، وعليه فإن تركيا قد تصبح بوابة روسيا إلى الغرب، لافتا إلى أنها قد تصبح سوقا كبيرة لروسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها، والروس حاليا يرون أن تركيا هي الدولة الوحيدة الموثوق بها.

اقرأ أيضا/ الولايات المتحدة تنقل 5 آلاف شركة من روسيا إلى تركيا

وأكدوا أن العقوبات ضد روسيا تعد معادلة أكثر تعقيدا بالنسبة لأوروبا، وذلك يمنح تركـيا مساحة واسعة من المناورة، موضحا أن العديد من الجهات الفاعلة في شرق المتوسط بدأت بتغيير مواقفها تجاه تركيا، بما فيها الكيان الإسرائيلي، واليونان التي يزور رئيس وزرائها أنقرة.

وأشار إلى أن تركـيا قد تكون الرابط الوحيد لأوروبا لكل من الغاز الروسي وغاز شرق المتوسط.

أما الكاتب التركي عبد القادر سيلفي في تقرير نشرته صحيفة “حرييت”، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود طريقا ثالثا في حرب القوى الدولية بأوكرانيا.

وأشار سلفي إلى أن دول الغرب لا تتخذ خطوات لوقف الحرب، ولا أحد يسعى بعزيمة من أجل وقف نزيف الحرب إلا تركيا.

وأوضح أن موقف تركـيا القائم على رفض غزو أوكرانيا، مع تأكيد حساسيات روسيا بشأن أمن حدودها، جعلها محاورا موثوقا به بالنسبة للرئيسين الروسي والأوكراني.

وأصاف ان تركيا تعمل للحصول على نتائج من خلال الاجتماع بين وزيري أوكرانيا وروسيا، واتخاذ خطوات أخرى، مشيرا إلى أن هدفهم عقد اجتماع ثلاثي بين أردوغان وبوتين وزيلينسكي.

المصدر: تركيا الان

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.