تركيا الآن

توتر العلاقات بين تركيا وإنجلترا سببه خط القدر

حتى وقت قريب من الآن لم تكن العلاقات متوترة بين تركيا وإنجلترا، ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟ لست أدري ما إذا كانت الأمور على ما يرام في خلف الكواليس البريطانية بعد اعتلاء الملك تشارلز عرش بريطانيا خلفًا لوالدته الملكة إليزابيث. ولكن العلاقات بين لندن وأنقرة بدأت تتوتر شيئًا فشيئًا. ولعل البريطانيين يريدون شيئًا من تركيا، ويمكننا أن نخمن ما هو ذلك الشيء.

لنسلط الضوء على ما يجري

أولا: تم التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين كلٍ من إنجلترا وحكومة قبرص الرومية، ووقعت في لندن خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري. فإنجلترا هي بالأصل قوة ضامنة في قبرص، ولذلك فإن عقد اتفاقية تشتمل على الدفاع والسياسة الخارجية مع حكومة قبرص الرومية معناه كما تعلمون تعزيز هيمنتها في المنطقة.

ثانيًا: الموضع الآخر الملفت للنظر؛ هو زيارة رئيس جهاز المخابرات البريطاني “إم آي 6” ريتشارد مور إلى عاصمة أرمينيا يريفان، خلال الشهر الجاري.

وكان من المقرر عقد اجتماع “خطة السلام” الأذربيجانية الأرمينية، الذي ستستضيفه روسيا. ولكن الإدارة الأرمنية ألغت الموعد ورفضت المشاركة، ما تسبب ببعض الإزعاج…

ثالثًا: في الـ 22 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري استيقظنا على نبأ غريب، حيث نشرت صحيفة “حرييت” تقريرا إخباريا عن القنصل البريطاني السابق في إسطنبول تحت عنوان “ما الخطب سيد تورنر”. وكان القنصل البريطاني قد نشر صورة لـ”قطته” على حسابه الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تنظر إلى الصفحة الأولى من جريدة “حرييت، حيث كان موجود تقرير تحت عنوان “16 شهيدًا”، (بالإشارة إلى عمل إرهابي وقع في 6 سبتمبر/أيلول 2015، حيث تم نصب كمين إرهابي في منطقة داغليجا- يوكسكوفا واستشهد على إثره 16 من أبناء وطننا). القنصل السابق نشر الصورة بعد 7 سنوات من التقاطها

أما القنصل العام البريطاني الحالي (طباخ المؤمرات الجديد) كنان بوليو، علق على الصورة. وبدا الأمر كما لو أنه يحاول جعل الحادثة تبدو طبيعية.

وقد علقت صحيفة يني شفق على الحادثة بالقول: من غير المعقول أن كلا الدبلوماسيين البريطانيين لم يعرفوا أن هذه ليست مجرد صورة عادية. (يني شفق، تاريخ النشر 24/12).

رابعا: بعد ذلك مباشرةً، نشرت وكالة رويترز للأنباء “إعلان الوظائف” قائلة: لقد أبعد الرئيس رجب طيب أردوغان تركيا، خلال عشرين عامًا في السلطة، عن التقاليد العلمانية الحديثة، وحوّلها إلى وجود دبلوماسي وعسكري حازم في المنطقة يمتد من جنوب القوقاز إلى شمال إفريقيا”

وأضاف الإعلان: “نحن بحاجة إلى شخص يتمتع بمهارات قوية في الكتابة وإعداد التقارير، يمكنه تقديم قصص عن الشركات في المرحلة التي تضررت الليرة التركية فيها من ارتفاع معدلات التضخم، مما يهدد إعادة انتخاب أردوغان في الفترة المقبلة”

لاقى الإعلان رد فعل طبيعيًا في تركيا، واستجابت الـ TRT لهذا النص بنفس “الأسلوب”.

إعلان الوظيفة الذي نشرته قناة TRT World، جاء على النحو التالي: لقد ترك، فشل الحكومات المتتالية الاستجابة لتحديات مثل فيروس كورونا والبريكست والأزمات الاقتصادية العالمية. بريطانيا في حالة اضطراب سياسي.

وأضاف الإعلان: “أعادت وفاة الملكة إليزابيث الثانية إشعال الجدل حول مستقبل الملكية، حيث شكك كثير من الناس في ذلك كطريقة للحكم من العصور الوسطى في عالم حديث، لذلك أصبحت هذه القضية موضع نقاش ونحن نبحث عن صحفيين يمكنهم إعداد تقارير عن هذه القضايا”

نحن نتفهم أن تركيا وإنجلترا تشهدان صراعًا. ومن المبكر أن نقول ثمة “أزمة” بينهما، ولكن من الواضح أن الموجة تذهب بهذا الاتجاه.

وبعد نشر صحيفة حرييت للتقرير الإخباري حول القنصل المذكور أعلاه، يمكن الافتراض أن التوترات استمرت بين أجهزة المخابرات و أجهزة الشؤون الخارجية.

لقد ردت قناة TRT World على وكالة رويترز بنص فعال وواضح، ونستطيع القول أن قناة TRT World كسبت بشكل رسمي.

ما هي المشكلة؟

ببساطة؛ ذكرت رويترز في إعلانها: “لقد حوّل أردوغان تركيا إلى وجود دبلوماسي وعسكري طموح في المنطقة الممتدة من جنوب القوقاز إلى شمال إفريقيا” …

والمقصود ما يطلق عليه اسم “المنطقة الممتدة” وهي الخط العمودي الذي يقسم العالم إلى نصفين، ونستطيع تسميته : “خط القدر” …

هذا الخط هو مدخل لبوابات اتصفية الحسابات في المنطقة والصراعات العالمية التي ستحدث على المدى القريب.

ويشمل هذا الخط عدة قضايا منها انتقال القوات المسلحة الأذربيجانية إلى “النموذج التركي”، والانفتاح الصيني على المملكة العربية السعودية والخليج العربي، وبيان بكين في اليوم السابق، “نحن نعمل على تعميق علاقاتنا مع روسيا”، وإعلان مصر، تحديد حدودها البحرية ورد ليبيا أنه يعد انتهاكا للمياه الإقليمية. وزيارة زيلينسكي للبيت الأبيض قبل المواجهة الكبيرة، التي من المحتمل أن تحدث في غضون ثلاثة أشهر، وتصريح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بأن “هذه الحرب (الأوكرانية) لن تنتهي بهذه السهولة” …

تركيا تُفشل أهداف السياسة الخارجية البريطانية

مثل العديد من الدول المهيمنة، ترى بريطانيا أن مركز العالم يتحول باتجاه الشرق والجنوب. إنها تحاول تحديث موقعها ومكانتها وفق البوصلة الجديدة للعالم، لكنها تريد أيضًا تأمين “ما هو في متناول اليد” …

وعندما نننظر إلى الواقع اليوم، نفهم بشكل أفضل أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو خطوة لتخفيف حمل بريطانيا عن هذا المسار. وسيبقى حلف الناتو ومجموعة السبع (G7)، ضمن اهتمامات الدبلوماسية البريطانية.

وقد يقوم مجلس الأمن الدولي بإجراء بعض التغييرات، وربما يفسح المجال لضم عضو دائم جديد؛ ومن الممكن أن تصبح دولة أو دولتين كالبرازيل أواليابان أوألمانيا أوالهند من الأعضاء الدائمين. وتخبرنا هذه الدول عن أهداف السياسة الخارجية لبريطانيا..

وتقول في خطابها الرسمي: “حتى تنتصر أوكرانيا”، ولكن المقصود بالنسبة لهم هو: “حتى تركع روسيا”، وليس هناك حل آخر”. وهذا هو السبب في أن علاقة أردوغان و بوتين تمثل مشكلة كبيرة لبريطانيا.

ردًا على سؤال حول كيفية استقرار بريطانيا في ميزان القوى المتغير، فإنها ترد “بالذهاب إلى ما هو أبعد من التحالفات عميقة الجذور”. بالتعويل على “منطقة الامتداد” أيّ بحر قزوين وأفريقيا..

تدرك لندن أن عليها بناء “مرونة استراتيجية”. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إقامة شراكات طويلة الأمد مع الهند وفيتنام وصولًا إلى إندونيسيا، ومع جنوب إفريقيا وصولًا إلى دول الآسيان والاتحاد الإفريقي، ومناطق والكومنولث.

على سبيل المثال، ماذا تعني الخطوات التي اتخذتها “منظمة الدول التركية” خلال القمة التي جمعت الرؤساء وماذا يعني أن تصبح تركيا مركزا للطاقة بالنسبة للبريطانيين؟

وقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين الفائت:

“نحن مصممون على ضمان أن تكون تركيا مركز الطاقة في بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط” .

بواسطة / نيدرت إيرسانال

عرض التعليقات

  • بريطانيا تشتهر بإتقان المؤامرات السياسية وتنفيذها بخسة وبراعة و80٪ على الأقل من مشاكل العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسبب النخبة الإنجلو ساكسونية،/الدولية ومقرها بريطانيا وتحكم كل العالم الغربي خصوصا العالم الأنجلو ساكسوني . ففصل روسيا القيصرية عن محيطها الأوروبي وجعلها عدوا للغرب تم بتخطيط وأيادي إنجليزية وإنهيار الدولة العثمانية والفصل بين جناحي الأمة الأتراك والعرب بفضل الاستخبارات البريطانية وعميلهم لورانس العرب وتشجيع النزعات القومية الإنفصالية في الشرق الأوسط وإنشاء إسرائيل لتغذية الصراعات العرقية والدينية على الدوام ومنع استقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم والأهم منع ظهور دولة قومية قوية فيها ومشاكل شبه القارة الهندية مثل كشمير ومشاكل الصين مثل هونغ كونغ وتايوان وإلخ وهذه مجرد عناوين رئيسة للمشاكل المفتعلة بدقة من الإمبريالية البريطانية وذراعيها في الاستخبارات والدبلوماسية البريطانية ، سياسة فرق تسد وتفجير الصراعات أو إنشائها وتدبير المؤامرات والبرود والعجرفة والاستفزاز هي لب السياسة البريطانية عبر تاريخها الاستعماري
    والأتراك أكثر من غيرهم في منطقة الشرق الأوسط يدركون جيداً ألاعيب السياسة البريطانية لأنهم اكتووا بنارها لعدة قرون وأثق بعد مشيئة الله تعالى في حكمة الأتراك وحصافتهم ودبلوماسيتهم العليا الأخلاقية والماهرة في تجنب أثار تلك الدسائس والمؤامرات.، القرن الحالي هو قرن الشرق بقواه الناهضة في شرق آسيا /الصين وفي شرق أوروبا /روسيا وفي الشرق الأوسط /تركيا والإمبريالية الإنجلو ساكسونية أوشكت على الانتهاء فمضامينها السياسية والاقتصادية والثقافية هي إمبريالية واستعلائية وإقصائية للآخر فهي لا تعترف إلا بحق السيد الأبيض في إملاء إرادته كيفما يشاء وقتما يشاء والأسلوب الحصري المؤامرات والدسائس وافتعال الثورات والحروب لتستمر سيطرتهم بالدم والنار على العالم

أحدث الأخبار

المقاتلة الوطنية التركية “قآن” تجري ثاني طلعة جوية بنجاح

أجرت المقاتلة الوطنية التركية "قآن"، الاثنين، ثاني طلعة جوية بنجاح واستمرت 14 دقيقة. وأفاد بيان…

07/05/2024

الإعلام العبري يتساءل: من هو إبراهيم العرجاني الذي عين رئيسا لاتحاد القبائل في سيناء؟

سلطت قناة "i24NEWS" الإخبارية الإسرائيلية، الضوء على الاتحاد الجديد الذي تم تدشينه مؤخرا في مصر…

07/05/2024

أردوغان يعلق على إعلان حماس قبولها وقف إطلاق النا

رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقبول حركة "حماس" وقف إطلاق النار، ودعا الدول الغربية…

07/05/2024

“هآرتس”: المقترح الذي وافقت عليه حماس يشبه المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل

أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية نقلا عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية يوم الاثنين، أن المقترح الذي وافقت…

07/05/2024

نتنياهو يصر على استمرار الحرب وبلينكن يعارض اجتياح رفح

نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قولهم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو…

01/05/2024

أردوغان يعد بإجراء محاسبة داخلية في حزب العدالة والتنمية بسبب نتائج الانتخابات

في تطور ملفت، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تعهده بإجراء محاسبة داخلية دقيقة…

07/04/2024