تشهد أوروبا وإيران موجة حر غير مسبوقة، دفعت السلطات إلى اتخاذ تدابير طارئة شملت إعلان حالة “الإنذار الأحمر” في عدة دول أوروبية، وتوقيف العمل في المؤسسات العامة والخاصة في محافظة يزد الإيرانية. وبينما تتجاوز درجات الحرارة في بعض المناطق 40 درجة مئوية، يتوالى صدور التحذيرات من الخروج خلال النهار، وسط تزايد المخاوف من تداعيات صحية وإنسانية واقتصادية واسعة.
إيران تُعلن عطلة شاملة
أعلنت السلطات الإيرانية تعطيل جميع المؤسسات العامة والخاصة يوم غد في محافظة يزد، بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات “خطرة”. وقال مدير إدارة الأزمات في يزد، إحسان بالاكتفي، لوكالة الأنباء الرسمية (إيرنا)، إن القرار يأتي استجابةً لتحذيرات هيئة الأرصاد الجوية بشأن موجة حر شديدة تضرب المنطقة.
فرنسا: إغلاق المدارس وتحذير من التعرّض للشمس
في فرنسا، تسببت موجة الحر في إغلاق أكثر من 1,350 مدرسة بشكل جزئي أو كامل، وفق ما أعلنته وزارة التعليم، مقارنة بـ200 مدرسة فقط في اليوم السابق.
وأفادت “ميتيو فرانس” بأن الحرارة قد تصل إلى 41 درجة مئوية في بعض المناطق، وقد تم رفع مستوى الإنذار إلى الدرجة القصوى في 16 منطقة إدارية.
كما تقرر إغلاق الطابق العلوي من برج إيفل مؤقتًا، بينما حثّت السلطات السكان والسياح على تجنّب الخروج في ساعات الذروة وشرب كميات كبيرة من الماء.
إيطاليا: وفيات في صقلية وبولونيا
أما في إيطاليا، فقد أعلنت هيئة الحماية المدنية حالة “الإنذار الأحمر” في 17 مدينة كبرى، من بينها روما وميلانو، مع تسجيل حالتي وفاة يُشتبه في ارتباطهما بالحر الشديد.
ففي صقلية، توفيت امرأة تبلغ من العمر 53 عامًا بعد أن فقدت وعيها أثناء السير، في حين توفي عامل يبلغ من العمر 47 عامًا في موقع بناء قرب مدينة بولونيا.
وأصدرت السلطات المحلية قرارات تحظر العمل في الهواء الطلق خلال ساعات النهار الأشد حرارة.
إسبانيا تسجّل أعلى حرارة في تاريخ يونيو
أعلنت هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية أن شهر يونيو 2025 كان الأشد حرارة في تاريخ البلاد، بمتوسط حرارة بلغ 23.6 درجة مئوية.
وفي البحر، وصلت حرارة مياه بحر البليار إلى 30 درجة مئوية، ما يهدد الحياة البحرية والنشاط السياحي.
ويجري التحقيق في وفاة عامل نظافة في برشلونة، وسط شكوك بارتباط وفاته بموجة الحر. وفي مالقة، وفرت منظمة الصليب الأحمر ملاجئ مكيفة للفئات الأكثر عرضة للخطر.
المنظمة العالمية للأرصاد: موجة مبكرة وبالغة القسوة
حذّرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن ما يميز هذه الموجة ليس فقط شدتها، بل توقيتها المبكر.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة، كلير ناليس: “نشهد الآن درجات حرارة كانت تظهر عادة في منتصف الصيف، وليس في بداياته”.
وأضافت أن “القبة الحرارية” التي تتشكل فوق مناطق البحر الأبيض المتوسط تساهم في حبس الحرارة، ما يضاعف التأثير في المناطق الساحلية.
تحذير من تسارع أزمة المناخ في أوروبا
أكدت وكالة “كوبرنيكوس” التابعة للاتحاد الأوروبي أن أوروبا ترتفع حرارتها بمعدل يبلغ ضعف المتوسط العالمي، نتيجة تغير المناخ المتسارع.
ويشير العلماء إلى أن الاستخدام الكثيف للوقود الأحفوري، وإزالة الغابات، والأنشطة الصناعية من أبرز العوامل وراء هذا التسارع.
وتشير بيانات شركة التأمين “سويس ري” إلى أن موجات الحر تتسبب سنويًا في وفاة نحو 480,000 شخص حول العالم.
سكان أوروبا يتأقلمون مع الحرارة
وسط هذه الظروف، لجأ السكان والسياح في أوروبا إلى أساليب جديدة للتكيف مع الطقس القاسي.
ففي باريس، قال أحد السياح: “استيقظنا عند الفجر للتجول قبل اشتداد الحر، وسنقضي فترة الظهيرة داخل الفنادق”.
أما أحد العمال البريطانيين في لندن، فقال: “لطالما سمعنا عن تغير المناخ، لكننا الآن نشعر به ونعي آثاره الحقيقية”.