تستضيف تركيا العام المقبل مؤتمر “كوب 31” لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الذي يشكل محطة هامة في مسار الدبلوماسية البيئية العالمية.
وتعتزم أنقرة استثمار القمة المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2026 لإيصال رسالة دولية مفادها أن مواجهة التغير المناخي تبدأ من تقليل النفايات وحماية الموارد الطبيعية.
وقال رئيس مؤسسة “صفر نفايات” التركية، صمد أغرباش، إن مؤتمر “كوب 31” يمثل منصة لإعلان اتفاقيات دولية جديدة تتعلق بسياسات “صفر نفايات”.
وشدد أغرباش على أن تركيا ستقود خلال القمة “مسارا عالميا جديدا يركز على خفض النفايات ومنع هدر الغذاء، باعتبارهما من القضايا التي تمس مستقبل البشرية جمعاء”.
وأوضح أن قرار إسناد استضافة المؤتمر إلى تركيا جاء نتيجة مفاوضات مكثفة أدارها الوفد التركي خلال مؤتمر “كوب 30” الذي عقد في البرازيل، برئاسة وزير البيئة والتخطيط العمراني وتغير المناخ مراد قوروم.
وأشار أغرباش إلى أن مسار الترشح لاستضافة “كوب 31” لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة عمل دبلوماسي متواصل بدأ عام 2022، وشمل لقاءات واتصالات واسعة شاركت فيها مؤسسات حكومية متعددة، ضمن رؤية بيئية شاملة تقودها الدولة التركية.
“كوب” هو “مؤتمر الأطراف”، ويُعد أعلى هيئة اتخاذ قرار في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.
وتشارك في المؤتمر وفود من 197 بلدا، وتُتخذ فيه قرارات عالمية تتعلق بخفض الانبعاثات، وسياسات التكيّف، وتمويل المناخ، وآليات الخسائر والأضرار، وأسواق الكربون. كما تُحدد في اجتماعات كوب القواعد المتعلقة بتطبيق اتفاق باريس.
** اتفاقيات ببصمة “صفر نفايات”
ولفت أغرباش إلى أن مؤتمر “كوب 31” يُعد أكبر تجمع عالمي لخبراء البيئة والمناخ وصنّاع القرار، مؤكدًا أن تركيا لا تسعى فقط إلى عرض تجربتها في مجال “صفر نفايات”، بل إلى نقل التجربة إلى مستوى الالتزام الدولي.
وقال: “الأهم من استعراض ما أنجزناه (في مبادرة صفر نفايات) هو الإعلان عن خطوات جديدة ستُتخذ خلال القمة، حيث سنكشف، بتوجيهات من السيدة أمينة أردوغان عقيلة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، عن اتفاقيات دولية جديدة تتعلق بصفر نفايات، وسنقود اتخاذ قرارات عالمية بشأن تقليل النفايات ومنع هدر الغذاء، وهي قضايا ترتبط مباشرة بمصير الكوكب”.
وأوضح أن مبادرة “صفر نفايات” التي أطلقتها السيدة أمينة أردوغان عام 2017، تحولت من مشروع محلي إلى نموذج عالمي، بعدما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 مارس/ آذار من كل عام يوما عالميا لـ”صفر نفايات”، وهو قرار يُحتفى به حاليا في 193 دولة.
تمنح قمة المناخ الدول المستضيفة مكاسب دبلوماسية واقتصادية وبيئية مهمة، لتصبح في قلب السياسات المناخية العالمية، وتحصل على حضور دبلوماسي لافت.
كما يزيد اهتمام مؤسسات التمويل الدولية وصناديق المناخ بالبلد المضيف، ما يرفع إمكانية جذب مزيد من الاستثمارات في الطاقة النظيفة والتمويل المناخي، وفي الوقت نفسه تتحول المدينة المضيفة خلال أسبوعين إلى “مركز دبلوماسية المناخ” على مستوى العالم.
** قضية بيئية تتجاوز السياسة
وأكد رئيس مؤسسة “صفر نفايات” أن حماية البيئة مسألة تتجاوز الانقسامات السياسية، مشيرًا إلى أن النجاحات التي حققتها تركيا في هذا المجال جاءت بمشاركة مجتمعية واسعة.
وأضاف: “وصلنا إلى هذه المرحلة بمشاركة 86 مليون مواطن، وسنواصل المسار نفسه في المرحلة المقبلة”.
وتابع: “نولي أهمية خاصة لمشاركة الشباب والأطفال والمجتمع المدني في قمم المناخ، لأن أفكارهم ومقترحاتهم تشكل ركيزة أساسية في صياغة الحلول” لظاهرة تغير المناخ.
وأوضح أغرباش أن المؤسسة تفتح قنوات تواصل مباشرة مع المواطنين عبر موقعها الإلكتروني، حيث تقوم فرق متخصصة بدراسة المقترحات الواردة، والتواصل مع أصحابها، ودعم المبادرات القابلة للتطبيق ميدانيا.
وشدد على أن الجهود المبذولة في إطار “صفر نفايات” لا تهدف فقط إلى حماية البيئة اليوم، بل إلى صون مستقبل الأجيال القادمة، قائلًا إن العمل في هذا المجال هو مسؤولية تاريخية تجاه الأطفال والأحفاد الذين سيحملون أمانة هذا الكوكب.
وأطلقت تركيا مشروع “صفر نفايات” عام 2017 بهدف مكافحة تأثير النفايات والمخلّفات في البيئة، وتغيير العادات الاستهلاكية للناس، والتعامل مع النفايات من خلال إعادة تدويرها والاستفادة منها بعد فصلها من المنبع، بهدف تحقيق نسبة إعادة تدوير تصل إلى 60 بالمئة في 2030.
