حذر رئيس المجلس الإسلامي السوري، الشيخ أسامة الرفاعي، من أن استمرار الأزمة في منطقة الخليج قد يساهم في تسريع تقسيم سوريا، المهددة بالتقسيم، فضلا عن التمهيد لتوسع إيران في سوريا والخليج والمنطقة كلها.
وقطعت سبع دول عربية، في 5 يونيو/ حزيران الجاري، علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا وجزر القمر، واتهمتها بـ”دعم الإرهاب”، فيما خفضت كل من جيبوتي والأردن تمثيلها الدبلوماسي لدى الدوحة.
ولم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقتهما بقطر، التي نفت صحة اتهامها بـ”دعم الإرهاب”، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
** المستفيد.. إيران والغرب
اعتبر الرفاعي، في مقابلة مع الأناضول، هذه الأزمة أنها “عودة إلى الجاهلية، وستؤثر على الأوضاع في سوريا، فالمتضرر الأكبر من تضارب المصالح هو الشعب السوري”.
وحذر من أن “إيران (الداعم العسكري والسياسي للنظام السوري) لها “مطامع فارسية”.. يحاولون نشر “المذهب الشيعي”، ويركبون الدين مطية للوصول إلى مآربهم، ولا يعبأون لا بشيعة ولا بسنة ولا بإسلام ولا بدين، إنما هم قوميون متعصبون”.
وتابع أن “الدولة الأولى التي أسقطها الإسلام، على يد الخلفاء الراشدين، هي دولة الفرس، وأهلها أحقد الناس على المسلمين والعرب؛ والآن أتيحت لهم فرصة الانتقام، والوصول إلى الحدود العراقية (من سوريا)، وهو ما يؤمن لإيران الاتصال بين المواطن التي أصبح لها فيها نفوذ، الموزعة في مناطق عدة، حتى تصل إلى الهلال الشيعي، وهو هلال فارسي”.
وشدد على أنه “إذا بقي الإخوة الخليجيون على نزاعهم بهذه الطريقة، فهم يمهدون لإيران هذا التوسع والنفوذ، ويمهدون طريقها لدخول الخليج، وإنهاء دوله كلها من أولها إلى آخرها، وهذا بلاء ليس علينا فقط، بل على المنطقة كلها التي ستتضرر، ولا يستفيد من ذلك إلا الغرب”.
** تقسيم سوريا
وعن المساعي إلى تقسيم سوريا، واحتمال تأثرها بالأزمة الخليجية، اعتبر الرفاعي أن “مساعي تقسيم سوريا هي مساع حثيثة وواضحة، ومن يلعب على الساحة هم المنتفعون، ويتصلون بالدول الغربية، ولهم مصالح، والشعب (السوري)، وحتى الأكراد، لا يرغبون بالتقسيم، فنحن نعيش معهم منذ عشرات السنين ومتفاهمون على كل شيء.. من يفرقنا هو الغرب”.
واعتبر أن “سوريا لن تقسم إن شاء الله، إلى الآن موضوع التقسيم أمامه عقبات، من أهمها اختلاف مصالح الدول مع بعضها البعض، السوريون لم يعد لهم كلمة، لا النظام ولا المعارضة، مصالح الدول لم تتفق، وإن شاء الله لا تتفق”.
وأضاف أن “احتمال تأثير الأزمة على موضوع تقسيم سوريا وتسريعه هو واقع لا نستطيع أن ننكره.. أملنا بالله أن يستجيب الإخوة في الخليج للنداءات الصادقة التي تصرخ بوجههم أن يكفوا عن هذا النزاع، حتى لا نصل إلى هذه النتائج الكارثية، فإذا وقع شيء في الخليج سيؤثر جدا جدا على موضوع التقسيم، وقد يسرعه”.
** “فتنة ترامب”
واعتبر رئيس المجلس الإسلامي السوري أن “قيادات العرب، باستثناءات قليلة، هي دمى في يد الغرب، ولا يملكون لأنفسهم قرارا، ولا يستطيعون أن يتخذوا موقفا يعبر عن أصالتهم وانتمائمهم إلى أمتهم ودينهم”.
ومضى قائلا: “جاء (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب إلى السعودية (الشهر الماضي) فحرّش فيما بينهم (الخليجيين) وأفسد، وقامت الفتنة بينهم”.
وعن احتمال تأثير الأزمة على التطورات السورية، قال الرفاعي إن “الإخوة في قطر يدعمون الثورة السورية.. من وقف مع الثورة بصدق هي تركيا بالدرجة الأولى وقطر، وسواهما كانوا يبيعون لنا كلاما أكثر ما يقدمون إلينا مساعدات”.
وأردف قائلا إن “سوريا بؤرة صراع منذ سنوات، والآن إذا أراد الغرب أن يشعل النار حولها، فلا شك أن السوريين سيكونون أكثر المتضررين.. إذا اشتعلت النار فستلتهم الجميع.. المأساة الإنسانية في سوريا لا توازيها أي مأساة في العالم”.
** الموقف التركي
وعن موقفه حيال الأزمة الخليجية، قال رئيس المجلس الإسلامي السوري: “نحن مع الموقف التركي نؤكد على هؤلاء أنهم إخوة، ويجب عليهم أن يحافظوا على معاني الأخوة، ولا يحاصر ويؤذي بعضهم بعضا.. هذه المواقف تصدر من الأعداء تجاه الأعداء، وليس من الإخوة، الموقف التركي هو الموقف المتوازن المعتدل، الذي لا يصطف إلى طرف دون آخر، وهذا موقف يجب أن نتخذه جميعا”.
وشدد على أنه “ينبغي على الإخوة في الخليج أن ينصتوا إلى نصائح الصادقين، مثل الحكومة التركية، وغيرها من الجهات الشعبية التي تناشدهم أن يكفوا عن النزاع، وإلا فإنهم أولا يدمرون أنفسهم”.
وأضاف: “لو قامت حرب في الخليج فهم من يدمرون أنفسهم، وسيعودون إلى البداوة، سيعودون بدوا رحلا لا يملكون شيئا، وأقول بصراحة إن إيران على الأبواب تنتظر أن تشتعل الفتنة بينهم حتى تتمدد وتدخل الخليج كله”.
ومضى قائلا عن الخليجيين: “إما أن يكونوا عربا ومسلمين يتخلقون بقيم الإسلام ويقيمونها على أرضهم وشعوبهم، وإما أن يرجعوا إلى الجاهلية الأولى، التي كانت منغلقة في الجزيرة العربية، ومهما حصل يقتلون بعضهم البعض، ولكن الآن الكارثة على المنطقة كلها”.
وذهب إلى أن “المشعل لهذه الفتنة هم أجراء.. وأتمنى من دول الخليج أن يعودوا إلى رشدهم، ولا ينساقوا إلى طريق الجاهلية، وأول من سيحاسبهم على الانتكاسبة إلى الجاهلية هي شعوبهم، حيث سستكرههم”.
وختم الرفاعي بأنه “في ظل أزمة الخليج تستمر المعاناة في سوريا، فميدانيا توجد معاناة شديدة، وخاصة في مناطق خفض التوتر، ففي درعا (جنوب) مثلا هناك هجوم شديد (من قوات النظام) مستمر منذ ثلاثة أشهر على مجموعة (البنيان المرصوص)، وهم من شباب درعا، وأناشد السوريين وغيرهم أن يساعدوهم؛ فهم في بلاء شديد”.
وجرى الاتفاق في العاصمة الكازخية آستانة، يوم 4 مايو/ أيار الماضي، بين النظام والمعارضة السورية على خفض التوتر في عدد من مناطق سوريا، وذلك بضمان كل من تركيا وروسيا وإيران.
وتأسس المجلس الإسلامي السوري في مدينة إسطنبول التركية (غرب)، أبريل/ نيسان 2014، ويضم نحو 40 هيئة ورابطة إسلامية، بينها الهيئات الشرعية لأكبر الفصائل الإسلامية في كافة أنحاء سوريا.