في خطوة لافتة تعكس تنامي الاهتمام الأمريكي بقطاع الطاقة النووية في تركيا، أعلن كبير مستشاري الطاقة النووية في وزارة الخارجية الأمريكية، جاستن فريدمان، عن استعداد بلاده لتقديم دعم مالي وتقني لمشاريع المفاعلات النووية الصغيرة في تركيا، مؤكدًا أن الولايات المتحدة بانتظار وصول مشاريع قابلة للتنفيذ لبدء العمل المشترك.
وخلال مشاركته في قمة المحطات النووية الحادية عشرة التي عقدت في إسطنبول، أوضح فريدمان أن المؤسسات المالية الأمريكية، وعلى رأسها بنك التصدير والاستيراد الأمريكي (Eximbank) ومؤسسة التمويل الأمريكية للتنمية الدولية (DFC)، قد قدمت بالفعل خطابات نوايا بقيمة تتجاوز 17 مليار دولار لمشاريع نووية في كل من رومانيا وبولندا، معربًا عن تطلعهم لتكرار ذلك في تركيا.
وقال فريدمان: “نعلم أن هناك اهتمامًا متزايدًا من الجانب التركي، وخاصة في مجال المفاعلات النووية الصغيرة. نحن على استعداد لدعم هذه المشاريع وتمويلها، لكننا ننتظر مبادرات واضحة من السوق التركية”.
تركيا مرشحة للريادة النووية
وأشار فريدمان إلى أن تركيا تمتلك مؤهلات قوية تجعلها قادرة على لعب دور قيادي في قطاع الطاقة النووية، لافتًا إلى الهدف التركي الطموح بتركيب 20 غيغاواط من القدرة النووية المستقرة والنظيفة خلال الفترة المقبلة.
وأضاف: “التقيت بعدد من الشركات الصناعية التركية الكبرى، وأبدت اهتمامًا ليس فقط بالمشاركة في سلسلة التوريد، بل باستخدام الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها الخاصة. هذا مؤشر على وعي صناعي متطور، ونحن نعمل مع الحكومة التركية للمساهمة في تطوير الأطر التنظيمية التي تدعم هذا التوجه”.
تعاون صناعي بين أنقرة وواشنطن
كما أكد المسؤول الأمريكي على وجود فرص كبيرة للتعاون بين الشركات التركية والأمريكية في مجال التكنولوجيا النووية، مشيرًا إلى أن الشركات التركية توفر بالفعل خدمات وقطع غيار لمشاريع نووية خارج البلاد، وهو ما يمكن أن يشكل قاعدة انطلاق لشراكات استراتيجية مستقبلية.
شراكة طويلة الأمد بين البلدين
وفي السياق ذاته، تحدث فريدمان عن الرغبة الأمريكية في تعزيز الشراكة طويلة الأمد مع تركيا، مؤكدًا أن التعاون في مجال الطاقة النووية هو جزء من رؤية ممتدة بدأت قبل سنوات.
وقال: “من واقع خبرتي السابقة كمستشار سياسي في السفارة الأمريكية بأنقرة قبل عشر سنوات، أستطيع أن أؤكد أن هذه الشراكة النووية كانت دائمًا ضمن أهدافنا بعيدة المدى، ونأمل اليوم أن نرى ثمار هذا التوجه”.
اتفاق قريب.. ولكن!
وعند سؤاله عن إمكانية توقيع اتفاق نووي بين البلدين في المستقبل القريب، قال فريدمان: “نأمل أن يتحقق ذلك قريبًا، وأرغب شخصيًا أن أكون ضمن الفريق الذي يعمل على صياغته، لكن لا يمكنني الإعلان عن تفاصيل محددة في الوقت الحالي”.
البنك الدولي يدخل على الخط
وفي تطور آخر، عبّر فريدمان عن ترحيبه بقرار البنك الدولي برفع الحظر عن تمويل مشاريع الطاقة النووية، معتبرًا أن هذه الخطوة تحمل دلالات إيجابية للأسواق.
واختتم بالقول: “هذه الخطوة لا تتعلق فقط بتمويل البنك نفسه، بل توجه رسالة مهمة لأسواق رأس المال بأن الاستثمار في الطاقة النووية هو استثمار آمن ومجدي”.
