تركيا ـ يشهد ميزان القوى في الشرق الأوسط تحولاً متسارعًا، وسط تصاعد نفوذ تركيا الذي يثير قلقًا في عدد من العواصم الإقليمية والدولية. فقد حذّرت مراكز أبحاث أمريكية وتقارير أمنية إسرائيلية من أن التحركات الدبلوماسية المتزايدة لأنقرة قد “تشعل فتيل حرب” في المنطقة.
وسلط تحليل نُشر على منصة “أوراسيا ريفيو” الضوء على القوة العسكرية التركية وعزمها في تنفيذ العمليات العابرة للحدود، معتبرًا أن هذا التوجه الجديد “قد يتعارض مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل”.
وفي التحليل الذي أعده معهد أبحاث السياسة الخارجية (FPRI) ونُشرته المنصة الأمريكية، تم تقييم الدور المتصاعد لتركيا في البنية الأمنية الجديدة التي تتشكل في الشرق الأوسط، ووصفت تركيا بأنها “فاعل توسعي وتعديلي”، فيما عُدّ هذا الواقع الجديد “فرصة لتركيا”.
هيكل ثنائي مدعوم من واشنطن
وتحدث التحليل عن وجود هيكل ثنائي مدعوم من الولايات المتحدة، يقوم على القوة الجيوسياسية لتركيا والثقل الاقتصادي لدول الخليج، ويهدف إلى تقليص نفوذ إيران في المنطقة. ومع ذلك، لفت إلى وجود تساؤلات حول مدى تماسك هذا الهيكل. وأكد أن “تركيا، بصفتها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تتميز بقوتها العسكرية واستعدادها للمشاركة في عمليات عبر الحدود”، ما يرسّخ مكانتها كفاعل إقليمي مؤثر.
سوريا في صلب الاستراتيجية التركية
وأشار التحليل إلى أن تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في سوريا من خلال دعم شخصيات معارضة سابقة، وهو ما أثار قلق إسرائيل. ووفقًا للتقرير الأخير الذي أعدته الحكومة الإسرائيلية، فإن هذه التطورات “قد تؤدي إلى حرب محتملة مع تركيا”.
استراتيجية أمريكية مزدوجة
كما بيّن التحليل أن الولايات المتحدة باتت تعطي الأولوية لشركائها الإقليميين من خلال تقليص تدخلها العسكري المباشر، معتبرًا أن “النظام الإقليمي ثنائي الأطراف يتيح لواشنطن فرصة تقليص وجودها مع الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي”. لكنه حذّر في الوقت ذاته من هشاشة هذا النظام نتيجة تناقضاته العميقة، وأن انسحابًا أمريكيًا كاملاً قد يؤدي إلى أزمات أكبر في المنطقة.
تركيا فاعل رئيسي في رسم ملامح المستقبل
وفي ختام التحليل، شدد التقرير على أن تركيا تُعد لاعبًا حاسمًا في الشرق الأوسط، نظرًا إلى قوتها العسكرية وقدرتها على المناورة الدبلوماسية، مؤكدًا أن “هناك فرصة سانحة لتركيا”، ترتبط ارتباطًا مباشرًا بقدرتها على توسيع نفوذها الإقليمي والاضطلاع بدور رئيسي في تشكيل النظام الجديد. وأضاف أن أنقرة تملك القدرة على توجيه التغيير في المنطقة انطلاقًا من مبدأ “الاستقلال الاستراتيجي” الذي تتبناه.
ترجمة وتحرير تركيا الآن
