فنانة سورية: أدهشني التصوف في تركيا

متحدية ظروف الغربة، ومحولة واقعها إلى عمل دائم، وللعام الرابع على التوالي، افتتحت الفنانة السورية سوسن وتّي، معرضها بعنوان “سعيا للمعنى”، معتبرة أن “المرأة فرصة نجاة المجتمع”، وأن التصوف في تركيا أدهشها فانعكس على أعمالها.

وافتتحت السبت الماضي وتّي معرضها في إسطنبول، ويضم 28 لوحة فنية (18 أكرليك، و10 لوحات باستيل جاف)، ويستمر حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وقالت الفنانة السورية حول جديدها “أتمنى أن يحمل كل معرض جديدا، وتكون كل مرحلة تلبية لندائي الداخلي، هناك جديد أشعر به بحكم السن والخبرة، ويهمني تطوير تقنية الرسم مع الوقت، وأن ترتفع لدي، وبها أثبت وجودي”.

وأضافت في حوار مع الأناضول “أحب بكل مرحلة عمرية أن يكون لي تجربة، لأوصل المعاني التي أرغب، وما أشعر به بداخلي”.

وعن الأسباب التي دفعتها لاختيار “سعيا للمعنى” عنوانا للمعرض، أفادت “المعنى لا أحد يمتلكه، فهو عملية وجود الإنسان، بسعي دؤوب للمعنى، وبهذه النقطة بالذات قرأت كتبا عديدة، فالسعي للمعنى برأيي يدمج الوجود والوجدان والوجودية، فرأيته عنوانا مناسبا”.

وأكدت أن هذه “العناصر الثلاثة رغبت أن تكون موجودة في لوحاتها، نظرا للمرحلة الثقافية التي تعيشها، فالحالة هي تقاطع للمعاني هذه”.

وتابعت شارحة لوحاتها الجديدة “حاولت في رابع معرض، الخروج من المرأة إلى الإنسان، فوجهتي إنسانية.. المرأة برأيي، فرصة النجاة.. عنصر يلبي عندي أهم مطامح منها الجمال، لأنه معروف أن الفن يعتمد على الجمال، وهو الكمال الذي ينشده كل كائن يعيش على الأرض”.

وأردفت مبينة عنصر المراة بقولها “في بعض اللوحات هناك حالة، ولكن مع الوقت أصبحت المرأة عندي مجموعة أدوات، وعندي هدف علمنة المجتمع، وأتمنى من المجتمع أن يهتم بالعلم، فحاولت في بعض اللوحات التركيز على مبادئ العلم، العلم غائب كمركزية عربية، (المركزية) غائبة في الثقافة العربية”.

وأوضحت “هناك مركزية الهوية، المقدس، النص، الذكورة، الزعامة (في الثقافة العربية)، خمس مركزيات، لا يوجد علم، وهو أمر غريب، فأحاول إظهاره بالتشكيل الذي أطرحه، علم للمجتمع، وبما أني مختصة بيولوجيا وبحكم ثقافتي، يهمني أن يهتم المجتمع بالعلم، ويكون له سطوة، ولكنه مغيب في المجتمع العربي”.

ورغم دعوتها للعلمانية، هنالك ظهور للتصوف في لوحاتها، عللت وتّي ذلك بقولها “قراءتي لجلال الدين الرومي نظرا لوجودي في تركيا، وقراءتي لإيليف شفق (كاتبة روائية تركية) بشكل جيد، أدهشني الوجود عند الصوفية”.

وأضافت “لا يمكن أن أدخل بمبارزة مع الأتراك، فهم متعمقون بالموضوع هذا، ولكن شعرت أن ثمة شيء آخر غير العلم فيه، فحاولت أن أقر بوجوده بإحدى لوحاتي، وأسرني التصوف بتركيا وجلال الدين الرومي، وشمس التبريزي..  شعرت أن هناك شيئا وجوديا”.

ولفتت إلى أنه “من الممكن انعكاس التصوف أكثر في اعمالي إذا قرأت عنه أكثر، وتأثرت به، والشعب التركي مهذب وبنى حضارته بنفسه ويمكن دراسته”.

الفنانة وتّي شرحت عن لوحة تناولت فيه الحرب والسلام من واقع المنطقة والعالم بقولها “واقع مؤسف نعيشه، حاولت أن أعكس فيه واقعنا الحالي، واستغباء الإنسان، وتهميش الأخلاق والإنسانية، فمظهر الحروب مرفوض عندي”.

وذهبت إلى أن “اللوحات أساسا يجب أن تكون مريحة، فحاولت إظهار الحرب والسلام والخبث الذي يقلب الحقائق، يقلبون المسلمات.. الإنسانية والحب والحرية، التي هي غاية، ويفترض الأساس في الحياة، الذي يدفع الإنسان للنمو والتطور”.

وأضافت “يهمني الحصول على شهادة أكاديمية، فتحصيلي للفن ذاتي، بتطوير نفسي، وتطوير التقنيات التي أستخدمها، وكل إنسان عنده ما يضيفه، والفن في تركيا متطور”.

وتابعت موضحة “الفن الكلاسيكي موجود فهو لا يختفي، وأنا اعمل بالكلاسيكي، ولكن الأتراك أقوياء في فن ما بعد الحداثة، وأدهشني ذلك بقدرتهم شغل الفراغ، وليس فقط طول وعرض وعمق اللوحة، هناك فراغ يعملونه بأساليب متطورة، وبتقنية ناعمة، وبأكاديمية عالية”.

كما أشارت إلى أنها “مع الكلاسيكي، وتستفيد من تاريخ تركيا الفني المعروف عبر القرون”.

الفنانة كذلك قالت إن أهدافها “التعلم واكتساب الخبرات ونقلها”، متمنية أن “يحضر الفن وأن تنقل خبراتها للجالية العربية”.

وصدر للفنانة السورية 15 كتابًا للأطفال، تحمل رسوماً وقصصأ مصورة في موضوعات متنوعة، ويعد المعرض هو الرابع، الذي أقامته في إسطنبول، التي انتقلت إليها قبل 6 أعوام مع بداية الثورة السورية، وتقيم فيها مع عائلتها.

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.